Share Button

فى طريق النور ومع الإحترام والمشاعر “الجزء الثالث ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الإحترام والمشاعر، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر مباشرة بالاقتداء بأشخاص بعينها كأبي بكر وعمر، وفى قوله”اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر” وقوله ” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ” رواه الترمذي، وقد كان السلف الصالح يعتنون أشدّ العناية بتتبع أحوال العلماء للاقتداء بهم والتخلق بأخلاقهم، فالقدوة الحية التي يراها الناس لها أثر كبير في بناء النفوس، وتهذيب الأخلاق، وقد كان أصحاب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرحلون إليه فينظرون إلى سمته وهديه ودله، فيتشبهون به، وكان بعضهم ربما يأتي العالم أو الزاهد والعابد لمجرد أن ينظر إليه فيتأثر بهديه وحاله ولحظه قبل لفظه.

كما قال أبو إسحاق السبيعي وهو يصف التابعي عمرو بن ميمون “كان إذا دخل المسجد فرئي ذكر الله” وقال أبو عوانة “رأيت محمد بن سرين في السوق، فما رآه أحد إلا ذكر الله” ونظير ذلك ما نقله الحسن بن إسماعيل عن أبيه أنه قال “كان يجتمع في مجلس أحمد بن حنبل زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت” وقال أبو بكر المطوعي “اختلفت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل ثنتي عشرة سنة، وهو يقرأ المسند على أولاده، فكنت أنظر إلى هديه وأخلاقه وآدابه” ومن الأمثلة العملية اللطيفة التي تدل على عمق تأثير القدوة ما نقله الحافظ ابن الجوزي عن أحد شيوخه قائلا.

“وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق، بكى واتصل بكاؤه، فكان وأنا صغير السن حينئذ يعمل بكاؤه في قلبي، ويبني قواعد الأدب في نفسي” فإننا إذا أردنا أن نعيد الأمة إلى طريقها الذي أضلته، وتاريخها الذي تنكبته، ومجدها الذي فقدته، وعزها السليب ومجدها التليد، فلابد أن نعيد النظر فيمن نعرضهم كقدوات لأبناء وبنات هذا الجيل، فإن اتخاذ السفهاء قدوة لا ينتج عنه إلا سفهاء مثلهم، ومن عاشر الفحول تفحل، ومن صحب أهل الجد جد، ومن اقتدى بأهل الهمم علت همته، فإن أعظم سعادة للرجل المفكر هو أن يفهم ما يستطيع أن يفهمه ويتقبل باحترام ما لم يستطع أن يفهمه، وإن احترم غيرك احتراما لإنسانيته، أيا كان سنه وأيا كان مركزه ووضعه في المجتمع.

فهو مثلك إنسان، وإنني أكن الاحترام لكل من خالفني كما أكنه لمن لكل من وافقني وأقدر حتى أولئك الذين يشتدون أو يقسون، وما أعرفه هو أن الفعل الأخلاقي هو الذي تحس بعده بالراحة وغير الأخلاقي هو ما تحس بعده بعدم الراحة، وهناك شيئان ما انفكا يثيران في نفسي الاعجاب والاحترام، السماء ذات النجوم من فوقي، وسمو الأخلاق في نفسي، وإِن الإسلام كما أنه حريص على صلاح ظاهر المسلم وخلقه وعمله، وبيان أن المسلم الصحيح “من سلم المسلمون من لسانه ويده” فكذلك هو حريص على أَن يبقى قلب المسلم نقيل سليما من جميع الضغائن، وأن يكون صافيا لكل المؤمنين السابقين والحاضرين واللاحقين، ومن ثم جعل الشارع الكريم من علامات الإيمان.

هو دعاء المسلم واستغفاره للذين سبقوه والذين يلحقونه إلى يوم القيامة، ولقد جعل الله تعالى للمؤمن وسائل وأسبابا تعينه على تنقية قلبه، فمن ذلك الدعاء، فهذا باب من أوسع الأبواب لتحصيل المراد، وقد قال تعالى فى سورة غافر “وقال ربكم ادعوني أستجب لكم” وقد كثرت أدعية النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال ربه سلامة قلبه ونظافته وطهارته، كما صح عنه أنه كان يدعو ويقول “وأسألك قلبا سليما، وأسألك قلبا خاشعا” ويستعيذ به من قلب لا يخشع، وكذلك دوام مراقبة القلب وذلك بمراقبة أحواله، والعلم بأنه محط نظر الرب سبحانه، وأيضا تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب، فيقول ابن القيم رحمه الله تعالى”إن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *