Share Button

فى طريق النور ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 1 “

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إنه لن تقوم لنا قائمة إلا إذا أحب بعضنا بعضا، وإلا إذا بذل بعضنا لبعض، المسلمون أسرة واحدة، لا يهنأ واحد إذا كان الطرف الآخر في ضيق، وهذا طبق نظام الأسرة المتواضع على مجموع المؤمنين، فإن الحياة تعاون، والحياة بذل، والحياة تضحية، والإنسان كلما كان أشد مواساة لأخوانه, كلما كان أقرب عند الله, أو بالعكس، كلما ازداد إيمانه, اشتدت مواساته لأخوانه، فإن الإسلام حركة, والإسلام عمل، والإسلام بذل، والإسلام عطاء، هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن للفقر لوعته وللعوز حرقته، وكم هي مُرة تلك الآلام والحسرات التي يشعر بها ذلك الفقير المعدم، حين يرمي بطرفه صوب بيته المتواضع المملوء بالرعية والعيال.

 

وهم جياع لا يجدون ما يسد جوعتهم، ومرضى لا يجدون من يعالجهم، كم من مدين أرهق ظهره ثقل الدين، وناء جسده عن تحمل هذا الهم المؤرق، كم من فقير ضاقت به الدنيا وانسدت في وجهه أبواب الرزق، لولا بقية باقية من الأمل والرجاء فيما عند الله عز وجل، فإن السعادة هدف منشود، ومطلوب جميل يسعى إليه البشر جميعا، بل كل مخلوق يسعى لما فيه راحته وأنسه، وللسعادة أبواب ومفاتيح تستجلب بها، وهي كثيرة، فمنها تقوى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلانية، والقيام بما أوجب الله تعالى من حقوقه وحقوق عباده، وهناك باب من أبواب السعادة وتحصيل الأنس، يغفل عنه كثير، وهو سهل المنال، قريب المأخذ، وعاقبته جميلة، وأثره سريع، فما هو يا ترى؟

 

إنه الإحسان إلى الناس، وتقديم الخدمة لهم بما يستطاع، فالخلق عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، والإحسان إلى الخلق من تمام الإحسان في عبادة الله، فسبب دخول الناس سقر، هو تركهم الصلاة وتركهم الإحسان إلى الخلق بإطعام المسكين، وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تنوعت أرزاق العباد واختلفت، والناس متفاوتون من حيث الغنى والفقر والمسلم إن اغتنى شكر، وإن افتقر صبر، وعلم أن ذلك ابتلاء من الله تعالى له، وليس ذلك إلا للمؤمن، ومن رحمة الله تعالى بالفقراء أن جعل لهم حقا ثابتا واجبا في أموال الأغنياء، وهو ما يخرجونه من زكوات أموالهم، وقد رغب الشارع الحكيم في بذل المعروف والصدقة للمحتاجين، ووعد على ذلك الأجر الجزيل والعاقبة الحميدة.

 

ولكن من الذين تكون لهم العلو والغلبة في الأرض؟ فإن الله عز وجل ينصر أهل الإيمان علما وعملا وحالا كما قال تعالى ” ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” وقال تعالى ” ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين” فبحسب الإيمان يكون العلو لنا وبحسب إيماننا تكون العزة لنا، إذن أيها المسلمون هذه الأيام والسنوات العصيبة التي نمر بها الآن هذه فترة طارئة لا بد أن تنته، ولا يظنن أحد أن أمر الكفار قائم إلى قيام الساعة أبدا وإنما سيأتي الله بموعده للمؤمنين ويكون النصر لهم، فنقول هذه الكلمات المهمة وهي مأخوذة من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله الذي رأى بنافذ بصيرته هذا الشعور الاستسلامي في نفوس المسلمين.

 

فساق إلينا هذه الكلمات لكي ننعش الأمل في أنفسنا أن الغلبة للإسلام ولكي لا نغتر بغلبة الكفار وسيطرتهم ولكي لا نترك الاعتداد لنصرة الدين ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن ينصر دينه وأن يجعلنا ممن يعلي بهم شريعته وأن يجعلنا ممن يجاهدون في سبيله، ولكن لماذا يبتلى الله عز وجل المؤمنين، وهم ينصرون دينه؟ فنقول إن وعد الله عز وجل للمؤمنين بالنصر إذا تمسكوا بدينه نافذ، ولا بد في الدنيا قبل الآخرة، وتأتي هنا بعض الشبهات لبعض الناس فيقولون فلماذا إذن يحصل الابتلاء، والامتحان، ولماذا إذن قدر الله على بعض المؤمنين بالابتلاء والأذى، وهم ينصرون دينه، ويسعون لإعلاء كلمته، وما بالنا إذن قد ينتقل الإنسان إلى ما هو أبسط من ذلك.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *