Share Button

فى طريق النور ومع الإنسان بين الوفاء والغدر “الجزء الثانى”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الإنسان ما بين الوفاء والغدر، فانظروا إلى الوفاء حتى مع المشركين، وهذا هو أبا البحتري بن هشام؟ إنه أحد الرجال القلائل من المشركين الذين سعوا في نقض صحيفة الحصار والمقاطعة الظالمة التي تعرض لها رسول الله وأصحابه، في شعب أبي طالب فعرف له الرسول جميله وحفظه له، فلما كان يوم بدر قال صلى الله عليه وسلم “من لقي أبا البحتري بن هشام فلا يقتله” يا لعظمة هذه الأخلاق ويا لروعة هذا الوفاء، ومن وفائه صلى الله عليه وسلم أنه لم ينسى الوفاء لزوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بعد موتها، فقد حفظ عهدها، ولم ينسى تلك الأيام التي عاشت معه فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “ما غرت على أحد”
“من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكرها ولم يكن يسأم من ثنائه عليها واستغفاره لها، فذكرها يوما، تقول فحملتني الغيرة، فقلت لقد عوضك الله من كبيرة السن، قالت فرأيته غضب غضبا، أسقطت في خلدي، وقلت في نفسي اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني، لم أعد أذكرها بسوء، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت، قال “كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورُزقت منها الولد” قالت عائشة فغدا وراح عليّ بها شهرا، وجاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأحسن النبي صلى الله عليه وسلم استقبالها.
فقال لها “كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت، قلت يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال يا عائشة إنها كانت من صواحب خديجة، وإنها كانت تأتينا زمان خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان” وتأتيه أخته من الرضاعة صلى الله عليه وسلم، وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة، فتأتيه وهو لا يعرفها وهي لا تعرفه، مرت سنوات وسنوات، وأيام وأيام، وأعوام، وتسمع وهي في بادية بني سعد في الطائف بانتصاره، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاع وهو تحت سدرة عليه الصلاة والسلام، والناس بسيوفهم بين يديه، وهو يوزع الغنائم بين العرب، فتستأذن، فيقول لها الصحابة من أنت؟
فتقول أنا أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أنا الشيماء بنت الحارث أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية، فيخبرون الرسول عليه الصلاة والسلام فيتذكر القربى والوشيجة والعلاقة، التي أنزلها الله من السماء، ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة، وبعد الوحشة والغربة، ويأتي بها ويجلسها مكانه، ويظللها من الشمس، فتصوروا أن رسول البشرية، ومعلم الإنسانية، ومزعزع كيان الوثنية يظلل هذه العجوز من الشمس برضعه واحدة، فأين الذين قطعوا عماتهم وخالاتهم، وبناتهم وأخواتهم؟ وهم كثير، قطعوهن من الصلة والزيارة، حتى سمعنا ورأينا من العجائز الطاعنات في السن من تقف الواحدة في فقر.
وهي تبكي وتقول قطعني وتركني ولم يلتفت لحالي، فأين الوفاء ؟ وهذا هو ابن عمر رضى الله عنهما يمشي في الصحراء على دابته فيقابله أعرابي فتوقف ابن عمر ونزل، ووقف معه، وقال ألست ابن فلان بن فلان؟ قال بلى، ثم ألبسه عمامة كانت عليه وقال له اشدد به رأسك، ثم أعطاه دابته وقال اركب هذا، فتعجب أصحاب ابن عمر، وقالوا له إن هذا من الأعراب، وهم يرضون بالقليل، فقال إن أبا هذا كان ودّا لعمر، أى أن والد هذا الرجل كان صديق عمر بن الخطاب وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي” رواه مسلم، وقال الشافعي رحمه الله “الحر من راعى وداد لحظة”
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *