Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الحياة الآمنة والفساد، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من سوء الخلق فكان يقول ” اللهم إنى أعوز بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ” رواه أبو داود والنسائي، لذلك اهتم الصحابة بحسن الخلق وطلبه من الله، فعن أم الدرداء قالت بات أبو الدرداء الليله يصلى فجعل يبكى ويقول ” اللهم أحسنت َخلقى فأحسن ُخلقى، حتى أصبح، فقلت يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليله إلا فى حسن الخلق، قال يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن الخلق الجنه ويسوء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار ” وأيضا من وسائل تجنب الفساد هو سلامة العقيدة فالسلوك ثمرة لما يحمله الإنسان من فكر ومعتقد.
وما يدين به من دين، والانحراف في السلوك ناتج عن خلل في المعتقد، فالعقيدة هي الإيمان، وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا فإذا صحت العقيدة حسنت الأخلاق تبعا لذلك فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق، كما أنها تردعه عن مساوئ الأخلاق، وكذلك المداومة على العبادة والطاعة لأن الإسلام لم يشرع العبادات بكافة صورها طقوسا ولا شعائر مجردة من المعنى والمضمون، بل إن كل عبادة تحمل في جوهرها قيمة أخلاقية مطلوب أن تنعكس على سلوك المسلم المؤدي لهذه العبادة، وأن تتضح جليا في شخصيته وتعاملاته مع الغير، ولو طوفنا حول جميع العبادات لوجدنا الهدف منها هو تهذيب الأخلاق وتزكيتها.
فالعبادة علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، ولابد أن تنعكس العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين الناس، فتحسنها وتهذبها، وكذلك علو الهمة في التحلي بالأخلاق فعلو الهمة يستلزم الجد، ونشدان المعالي، والترفع عن الدنايا ومحقرات الأمور والهمة العالية لا تزال بصاحبها تزجره عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من أدنى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد، قال ابن القيم رحمه الله ” فمن علت همته، وخشعت نفسه، اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه، اتصف بكل خلق رذيل” فإن نعم الله علينا كثيرة، وآلاؤه عظيمة.
ولو جلسنا نعددها ما استطعنا عدها أو حصرها، لكن هنالك نعمة في غاية الأهمية والخطورة ربما لا نشعر بها، ولا نعيرها اهتمامنا كثيرا، إنها نعمة الأمن والأمان، فيجب علينا إدراك قيمة هذه النعمة، وأن نتذكرها، وأن نعرف كيف نحافظ عليها، وأن نحذر من أسباب زوالها خاصة وأن أصحاب الدعوات الهدامة يحاولون جادين زعزعة استقرار بلادنا وأمننا، مستغلين في ذلك بعضا من أبناء هذا الوطن، بتلويث أفكارهم وتحريضهم على ما يضرهم ولا ينفعهم، وإن نعمة الأمن أعظم من نعمة الرزق ولذلك قدمت عليها وذلك لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتب ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه.
ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن، ولأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن، فمن من الناس أحاط به الخوف من كل مكان، وتبدد الأمن من حياته ثم وجد لذة بمشروب أو مطعوم؟ وقد سئل بعض الحكماء فقيل له ما النعيم ؟ قال الغنى فإنى رأيت الفقر لا عيش له، قيل زدنا، قال الأمن فإنى رأيت الخائف لا عيش له، قيل زدنا قال العافية فإنى رأيت المريض لا عيش له، قيل زدنا قال الشباب فإنى رأيت الهرم لا عيش له، ولأهمية الأمن كان مطلب الأنبياء والصالحين بل والناس جميعا فإبراهيم عليه السلام يدعو الله أن يجعل بلده آمنا، ويوسف عليه السلام يطلب من والديه دخول مصر مخبرا باستتباب الأمن بها.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *