Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الحياة الآمنة والفساد، وبالأمن تتقدم معه التنمية، وينتشر فيه العلم والتعليم، ويعز فيه الدين والعدل، ويظهر فيه الأخيار على الأشرار، وتوظف فيه الأموال في كل مشروع نافع للفرد والمجتمع، وفي ظل الأمن والأمان تحلو العبادة، ويصير النوم سباتا، والطعام هنيئا، والشراب مريئا، فالأمن والأمان هما عماد كل جهد تنموي، وهدف مرتقب لكل المجتمعات على اختلاف مشاربها، وإن الإيمان هو أساس الأمن واشتقاقه اللغوي مشتق من الأمن الذي هو ضد الخوف والإيمان أمن وطمأنينة واستسلام وانقياد, لأن المؤمن يدفعه إيمانه القوي إلى فعل المأمورات ويردعه عن المنهيات وكلما عظم العبد إيمانا عظم حظه من الأمن.
فإذا انتفى الخوف حصل الأمن والسعادة، فالأمن لزيم الإيمان وقرينه، والسلامة لزيمة الإسلام وقرينته، فمن أراد الأمن والسلامة فعليه بالإيمان والإسلام، ولهذا يربي الإيمان أهله ليحصل به سعادتهم، فإذا وجد الإيمان بين أهله حصلت لهم السعادة الدائمة، وكما أن التوحيد والعبادة أمن في الدنيا والآخرة، فلا أمن إلا بإقامة العبادة الخالية من شوائب الشرك، فلا يُدعى غير الله، ولا يُستغاث إلا بالله، ومن أهم وسائل تحقيق الأمن في المجتمع، هو نشر الوعي بين الناس وتفقيههم في الدين فإن العلم والخير إذا انتشر بين الناس تحقق فيهم الأمن وهذا مطلب يلزم الدعاة والخطباء والمعلمين ولا ينشأ في المجتمع ما يخلل أمنه إلا بسبب نقصان العلم أو فساده.
ومما يجب علينا حفظه، أن نحفظ عقول المسلمين مما يفسدها ويضر بها، سواء كانت مفسدات مادية أو مفسدات معنوية، كالتصورات الفاسدة والأفكار المنحرفة، وإن المحافظة على عقول الناس من أهم أسباب حفظ الأمن لأن الناس لو استقامت عقولهم، صاروا يفكرون فيما ينفعهم ويبتعدون عما يضرهم، فلو استقامت عقول الناس لاستقامت حياتهم لأنهم سوف يبحثون عما يرضي الله فيفعلونه، ويتعرفون على ما يغضب الله فيبتعدون عنه، إذا هناك علاقة كبيرة بين المحافظة على عقول الناس وبين استقرار الأمن عندهم لأن مما يذهب بأمن الناس انتشار المفاهيم الخاطئة حيال نصوص القرآن والسنة، وعدم فهمهما بفهم السلف الصالح.
وهل كفر الناس وأريقت الدماء وقتل الأبرياء وخفرت الذمم بقتل المستأمنين وفجرت البقاع إلا بهذه المفاهيم المنكوسة والأفكار المتطرفة المعكوسة؟ فإياكم وهذه الدعوات الخطيرة التي تدعو إلى التكفير والتفجير وزعزعة الأمن، واعلموا أن من أعظم الواجبات الرجوع لأهل العلم الموثوق بعلمهم فيما يشكل عليكم لأن الله جعلهم هداة مهتدين، فالنعم تثبت بالشكر ويتبعه الأمن والطمأنينة والاستقرار، وتذهب بالجحود والنكران، ويتبعه الخوف والرعب والدار البوار، فقال القرطبي رحمه الله سمى الجوع والخوف لباسا، لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس، فلو فرضت عقوبات رادعة والضرب بيد من حديد لكل من تسول نفسه.
العمل على زعزعة الأمن وانتشار الفوضى بالبلاد، لتحقق أمن الناس في عقولهم وأموالهم وأعراضهم وأمنهم على بلادهم وأوطانهم، فالقصاص والحدود والعقوبات شرعت لإحكام الأمن، وإن من وسائل تحقيق الأمن في المجتمع إصلاح ذات البين بين طوائف المجتمع، ومعنى ذات البين أى صاحبة البين، والبين في كلام العرب يأتي على وجهين متضادين، فالأول وهو الفراق والفرقة ومعناه إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين بإزالة أسباب الخصام والتسامح والعفو، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحل عقدة الفرقة، والثاني هو الوصل ومعناه إصلاح صاحبة الوصل والتحابب والتآلف بين المسلمين، وإصلاحها يكون برأب ما تصدع منها وإزالة الفساد الذي دب إليها.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *