Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الجزء الثانى مع معاويه بن أبى سفيان مؤسس الدوله الأمويه، وكان من بناته هى السيده رملة التى تزوجها عمرو بن عثمان بن عفان، ومن بناته السيده هند والتى تزوجها عبد الله بن عامر، وأيضا من بناته هى السيده عائشة والسيده عاتكة والسيده صفية، وقد ذكر ابن أبي الدنيا، وغيره، أن معاوية بن أبى سفيان كان طويلا، أبيض، جميلا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وكان يخضب، وقيل أنه كان كريما سخيا خاصة مع أهل البيت والصحابة ولذلك شواهد منها، فقيل أنه قد بعث مرة إلى عائشة بمائة ألف درهم، فوالله ما أمست حتى فرقتها، وكان معاوية إذا تلقى الحسن بن علي قال له مرحبا وأهلا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا تلقى عبد الله بن الزبير قال له مرحبا بابن عمة رسول الله.

صلى الله عليه وسلم، وقد أمر للحسن بن علي بثلاثمائة ألف وعبد الله بن الزبير بمائة ألف، وقد روى الإمام أحمد عن علي بن أبي حملة عن أبيه قال: رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس وعليه ثوب مرقوع، وعن يونس بن ميسر الحميري الزاهد، وهو من شيوخ الأوزاعي قال: رأيت معاوية في سوق دمشق وهو مُردف وراءه وصيفا، وعليه قميص مرقوع الجَيب يسير في أسواق دمشق، وقال ابن عمر عن حلم معاوية: معاوية من أحلم الناس قالوا يا أبا عبد الرحمن وأبو بكر قال أبو بكر خير من معاوية ومعاوية من أحلم الناس، وقال قبيصة بن جابر، صحبت معاوية بن أبي سفيان فما رأيت رجلا أثقل حلما ولا أبطأ جهلا ولا أبعد أناة منه، وقد حدَّث معاوية رضي الله عنه.

عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وحدث أيضًا عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة، وعن أبي بكر وعمر، روى عنه: ابن عباس وسعيد بن المسيب، وأبو صالح السمان، وأبو إدريس الخولاني، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وسعيد المقبري، وخالد بن معدان، وهمام بن منبه، وعبد الله بن عامر المقريء، والقاسم أبو عبد الرحمن، وعمير بن هانيء، وعبادة بن نسيء، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، ووالد عمرو بن شعيب وخلق سواهم، وقد حدث عنه من الصحابة أيضا: جرير بن عبد الله، وأبو سعيد، والنعمان بن بشير، وابن الزبير، فمعاوية رضي الله عنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد.

ومعاويه قد روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين، ويقال أن فى مسنده ما يقوب من مائة وثلاثة وستون حديثًا، واتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة، وقد تولى معاويه بن أبى سفيان، قيادة جيش إمداد لأخيه الصحابي يزيد بن أبي سفيان في خلافة أبي بكر ، وأمره أبو بكر بأن يلحق به فكان غازيا تحت إمرة أخيه، وقاتل المرتدين في معركة اليمامة، ومن بعد ذلك أرسلهُ الخليفة أبو بكر مع أخيهِ يزيد لفتح الشام وكان معه يوم فتح صيدا وعرقة وجبل وبيروت وهم من سواحل الشام، وكما تولى معاوية بن أبي سفيان ولاية الأردن في الشام سنة واحد وعشين من الهجره، في عهد عمر بن الخطاب، وبعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان من طاعون عمواس.

فقد ولاه عمر بن الخطاب ولاية دمشق وما يتبع لها من البلاد، ثم جمع له الخليفة عثمان بن عفان على ولاية الشام كلها، فكان من ولاة أمصارها، وبعد موت عثمان بن عفان سنة خمسه وثلاثين من الهجره، فقد نادى بأخذ الثأر من قتلة الخليفة عثمان بن عفان وحرض على قتالهم، وقبل ذلك وقعت موقعة الجمل حيث كانت السيده عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في جيش يقاتل للقصاص من قتلة الخليفة عثمان بن عفان وكان في قيادة الجيش طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وكانوا خرجوا جميعا لأخذ الثأر من قتلة عثمان بن عفان ، وبعد موقعة الجمل قاد معاوية جيشاً ضد خليفة المسلمين علي بن أبي طالب وكانت موقعة صفين التي انتهت بالتحكيم الجبري.

وبعد مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تولى الحسن بن علي الخلافة فثار معاوية على الحسن وحاربه فما كان من الحسن إلا أن حقن دماء المسلمين وأقام عهداً مع معاوية ينص على أنه يبايع معاوية على مابايع المسلمون عليه أبابكر وعمر وان يسير بسيرتهم وان الأمر يعود للمسلمين لاختيار خليفتهم بعد وفاة معاوية وهذا ما لم يحدث، وبموجب ذلك العهد تسلم معاوية الحكم فأصبح خليفة المسلمين في دمشق عاصمة دولة الخلافة الإسلامية، وبعد استشهاد الإمام علي كرَّم الله وجهه سنة أربعين من الهجره، فقد تم الصلح بين معاوية والحسن بن علي بن أبى طالب، رضي الله عنهم وكان ذلك فى عام واحد وأربعين من الهجره، حيث تنازل بمقتضاه الحسن عن الخلافة وبويع معاوية.

ودخل الكوفة وبايعه الحسن والحسين سنة واحد وأربعين من الهجره، واستبشر المسلمون بهذه المصالحة التي وضعت حدًا لسفك الدماء والفتن، وسموا هذا العام عام الجماعة، وهذه إشارة واضحة لرضا الناس عن خلافة معاوية رضي الله عنه واستقبالها استقبالاً حسنًا، فقد تولى الخلافة ووراءه تجربة طويلة في الحكم والإدارة وسياسة الناس، فولايته على الشام قبل الخلافة لمدة تزيد عن العشرين عامًا، أكسبته خبرة كبيرة هيأت له النجاح في خلافته، والحقيقة أن معاوية رضي الله عنه كان يتمتع بصفات عالية ترشحه لأن يكون رجل الدولة الأول وتجعله خليقًا بهذا المنصب الخطير، فيقول ابن الطقطقا: وأما معاوية رضي الله عنه كان عاقلاً في دنياه لبيبًا عالمًا حاكمًا ملكًا قويًا جيد السياسة.

وكان معاويه أيضا حسن التدبير لأمور الدنيا عاقلاً حكيمًا فصيحًا بليغًا، يحلم في موضع الحلم، ويشتد في موضع الشدة إلا أن الحلم كان أغلب عليه، وكان كريمًا باذلاً للمال محبًا للرياسة شغوفًا بها، كان يَفْضُل على أشراف رعيته كثيرًا، فلا يزال أشراف قريش مثل: عبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر الطيار، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأبان بن عثمان بن عفان، وناس من آل أبي طالب رضي الله عنهم يفدون عليه بدمشق فيكرم مثواهم، ويحسن قِرَاهم ويقضي حوائجهم، ولا يزالون يحدثونه أغلظ الحديث ويجبهونه أقبح الجَبَه، وهو يداعبهم تارة، ويتغافل عنهم أخرى، ولا يعدهم إلا بالجوائز السَّنيَّة، والصلات الجمة.

ويقول ابن الطقطقا واعلم أن معاوية رضي الله عنه كان مربي دول وسائس أمم، راعي ممالك، وقد ابتكر في الدولة أشياء لم يسبقه إليها أحد، وأما اليعقوبي والمسعودي فقالا: وكان لمعاوية حلم ودهاء ومكر ورأي وحزم في أمر دنياه، وجود بالمال، وكان ثناء هؤلاء الثلاثة من المؤرخين على معاوية رضي الله عنه وحسن سياسته وإدارته لشئون الدولة، أمر له مغزاه وأهميته لما عُرِف عنهم جميعًا من ميول شيعية ملموسة، وأما إعجاب ابن خلدون به فيتمثل في قوله: وأقام في سلطانه وخلافته عشرين سنة ينفق من بضاعة السياسة، التي لم يكن أحد من قومه أوفر فيها منه يدًا، من أهل الترشيح من وَلَد فاطمة وبني هاشم، وآل الزبير وأمثالهم .

ويروي ابن الأثير في أسد الغابة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ما رأيت أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسود من معاوية، فقيل له: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ فقال: كانوا والله خيرًا من معاوية وأفضل، ومعاوية أسود، ويروي الطبري مرفوعًا إلى عبد الله بن عباس قوله: ما رأيت أحدًا أخلق للملك من معاوية، إن كان ليرد الناس منه على أرجاء واد رَحب، ويقول ابن تيمية: فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرًا من معاوية، إذا نُسِبت أيامه إلى أيام من بعده، أما إذا نسبت إلى أيام أبا بكر وعمر ظهر التفاضل، وقيل أنه قد ذُكِر عمر بن عبد العزيزعند الأعمش فقال: فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: في حلمه، قال: لاوالله، في عدله.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *