Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الجزء الرابع مع معاويه بن أبى سفيان مؤسس الدوله الأمويه، والذى قال ” لما كان عام الحديبية، وصدوا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، عن البيت، وكتبوا بينهم القضية، وقع الإسلام في قلبي، فذكرت لأمي، فقالت : إياك أن تخالف أباك ، فأخفيت إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الحديبية وإني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم، وعلم أبو سفيان بإسلامي، فقال لي يوما : لكن أخوك خير منك وهو على ديني، فقلت : لم آل نفسي خيرا، وأظهرت إسلامي يوم الفتح، فرحب بي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكتبت له، وهو الذى قيل عنه، لما عزل عمر بن الخطاب، عمير بن سعد عن حمص ، ولى معاوية.

فقال الناس في ذلك، فقال عمير : لا تذكروا معاوية إلا بخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “اللهم اهد به” وكانت نظرة أهل السنة والجماعة لمعاوية هى أنه يلقبه أهل السنة والجماعة بخال المؤمنين، ويذكرون أنه كان بعد إسلامه يكتب الوحي بين يدي الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى مسلم في صحيحه في باب من لعنه النبى صلى الله عليه وسلم، أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك، كان له زكاة وأجرا ورحمة، وعن ابن عباس قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتواريت خلف باب، قال : فجاء فحطأني حطأة وقال، ” اذهب وادع لي معاوية ” قال فجئت فقلت هو يأكل، قال: ثم قال لي ” اذهب وادع لي معاوية “

قال فجئت فقلت هو يأكل فقال ” لا أشبع الله بطنه ” قال ابن المثنى قلت لأمية ما حطأني قال قفدني قفدة، وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ” وقد فهم مسلم من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه فلهذا أدخله في هذا الباب وجعله غيره من مناقب معاوية لانه في الحقيقة يصير دعاء له ” وقال الحافظ الذهبي: لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة ” والجدير بالذكر أن الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، قد أشار أن خلافة النبوة من بعده ثلاثون عاما ثم ملك ورحمة، ومن المعروف أن الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، قد توفي فى العام الحادى عشر من الهجره.

أي أن في عام واحد وأربعين من الهجره، قد اكتملت الثلاثون عاما التي قد أشار إليها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال : “الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك ” بالإضافة إلى الحديث الصحيح الآخر الذي أورده البخاري في صحيحه وهو ” أخرج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ذات يوم الحسن، فصعد به على المنبر، فقال: ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين، وبالجملة فالصحابة كلهم عدول وقال النووي رحمه الله : الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به وقال الذهبي : حسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم، وهو ثغر، فيضبطه ويقوم به أتم قيام ويرضى الناس بسخائه وحلمه.

وإن كان بعضهم تألم مرة منه وكذلك فليكن الملك وإن كان غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ خيراً منه بكثير، وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفرط حلمه، وسعة نفسه وقوة دهائه، ورأيه وله هنات وأمور، والله الموعد، وكان محبباً على رعيته، وقد عمل نيابة الشام عشرين سنة والخلافة عشرين سنة ولم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك، وأما عن نظرة الشيعة لمعاوية، فيرى الشيعة معاوية بن أبي سفيان بأنه خارج على إمام زمانه علي بن أبي طالب وحارب علي بن أبى طالب في صفين.

وأيضا ينظرون إليه أنه نافيا الصحابي أبا ذر الغفاري من الشام، وأنه هو قائد الفئة الباغية التي قتلت الصحابي عمار بن ياسر، والذي قال فيه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ” وكان من مؤيدي والساعين لإشعال معركة الجمل ففي رسالة بعث بها إلى الزبير بن العوام قال : فإني قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب، فدونك الكوفة والبصرة، لا يسبقك إليها ابن أبي طالب، فإنه لا شي بعد هذين المصريين، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك، فأظهرا الطلب بدم عثمان، واعدوا الناس إلى ذلك، وليكن منكما الجد والتشمير، أظفركما الله وخذل مناوئكما.

وإضافة إلى ذلك فقد قيل أن معاوية قد سنّ سب علي بن أبي طالب على المنابر والانتقاص والاستهزاء منه ومن أهله وأنصاره، فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال : مامنعك أن تسب أبا التراب، فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، وكانت من وصايا معاوية للمغيرة عندما ولاه الكوفة أنه قال : أما بعد فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا، وقد أردت إيصاءك بأياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك، ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تتحمّ عن شتم علي وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب على أصحاب علي والاقصاء لهم.

وكان بالإضافة إلى كل ذلك قالوا أيضا طمعه في الخلافة فقد أوصى بالخلافة لغير أهلها كما ذكر ذلك معاوية بن يزيد بقوله ” إن هذه الخلافة حبل الله وأن جدّي معاوية نازع الأمر أهله ومَن هو أحق به منه علي بن أبي طالب، وركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثم قلّد أبي الأمر وكان غير أهل له ونازع ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصف عمره، وانبتر عقبه، وصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثم بكى وقال: مِن أعظم الاُمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأباح الخمر وخرّب الكعبة ” وفى النهايه فقد كان للصحابة في الإسلام مكانة عظيمة، وحب المسلم لهم من عقيدة أهل السنة والجماعة.

فهم أفضل الناس بعد أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، وقرنهم خير القرون، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ” فهم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أُمته، ومنهم تلقت الأُمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم الشريعة، وهم الذين نشروا الفضائل بين يدي الأُمة، وقد اختص الله تعالى صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم بالأفضلية، واختصهم بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله نظر فى قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، خير قلوب العباد، فأصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه، خير قلوب العباد، فجعلهعم وزراء نبيه.

يقاتلون لنصرة دينه، ومن هؤلاء الصحابة كان الصحابي الجليل، والخليفة، والقائد معاوية بن أبي سفيان، ولكن عندما قَرب أجل معاوية بن أبي سفيان، خطب بالناس، موصيا أمته، وأهل بيته، وكان في احتضاره يضع خده على الأرض، ثم يقلب وجهه ويضع الخد الآخر، وهو يبكي ويقول: اللهم إنك قلت في كتابك ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) فاللهم فاجعلني فيمن تشاء أن تغفر له، ثم يقول: هو الموت لا منجي من الموت، والذي نحاذر بعد الموت أدهى وأقطع، وقال: اللهم أَقل العَثرة، وأعف عن الزلة، وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرج غيرك، فإنك واسع المغفرة، ليس لذي خطيئة مهرب إلا إليك، ثم أُغمي عليه، ولما أفاق قال لأهله: اتقوا الله فإن الله تعالى يقي من اتَقاه، ولا يقي من لا يتقي، ثم مات رضي الله عنه، وكان ذلك في دمشق، في شهر رجب من عام ستين من الهجره.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *