Share Button
فى طريق النور ومع الدنيا والتجاره الرابحة ” الجزء الرابع “
إعداد / محمــــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع الدنيا والتجارة الرابحة، فتشغل المناصب بأشخاص لا يملكون كفاءة، ولا يملكون ضميرا ولا إخلاصا، بل ربما مارسوا على المواطنين من ضروب التهاون والتماطل، ما يجرئهم على الابتزاز، وتحصيل المال من غير طريقه المشروعة، ومن عجب أن بعض موظفينا يسوغون أخذهم للرشوة، بسبب ضعف رواتبهم الشهرية، التي لا تكفيهم لسد حاجاتهم، وهذا من أعظم المغالطات التي يحاول بها هؤلاء إقناع أنفسهم، مع أن هناك ما يسمى برشوة الكبار، التي يتعامل بها أصحاب الرواتب المرتفعة، والمناصب العالية، إنه الجشع، وعدم الرضى بالقليل، ومنهم من يسوغ أخذ الرشوة بسبب انتشارها وذيوعها.
حيث أصبحت جزءا من كيان المجتمع، وهذا لا دليل فيه، لأن أهل الخير في كل زمان قليل، وأهل الشر كثير، والعبرة ليست بكثرة الهالكين، فيقول تعالى “قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب” ويقول ابن القيم رحمه الله “فلا يُكترث بمخالفة الناكبين عنه له، فإنهم هم الأقلون قدرا، وإن كانوا الأكثرين عددا” ومن جميل قول الفضيل بن عياض رحمه الله “الزم طريق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين” فإن الرشوة من عمل اليهود، لقوله تعالى ” فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبِصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل”
ومن هذا الباطل ما سماه الله تعالى بالسحت، فقال تعالى ” سماعون للكذب أكالون للسحت” وقال عبد الله بن مسعود وغيره “السحت هو الرّشى” وقال ابن سيرين “السحت الرشوة في الحكم” وإن تسمية الرشوة هدية، أو مكرمة، أو حلاوة، لا يغير من واقعها شيئا، فقد أورد البخاري ومسلم في باب تحريم هدايا العمال، أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على الصدقة وهى الزكاة، فلما قدم قال “هذا لكم، وهذا أهدي لي” فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال “ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا؟
والذى نفسي بيده، لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر” ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتى إبطيه، فقال “ألا هل بلغت” ثلاثا” رواه البخارى ومسلم، ولقد حاول اليهود رشو عبد الله بن رواحة، حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ليخرص أى يقدر نخلهم، فجمعوا له حُليا من حُلي نسائهم فقالوا له “هذا لك وخفف عنا، وتجاوز في القسم” فقال عبد الله بن رواحة “يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف أى أجور عليكم، فأما ما عرضتم من الرشوة، فإنها سحت، وإنا لا نأكلها” فقالوا “بهذا قامت السماوات والأرض” رواه مالك.
ولقد شدد الإسلام في تحريم الرشوة حتى جعل المتورط فيها سواء كان آخذا، أو معطيا، أو واسطة بينهما ملعونا، مطرودا من رحمة الله عز وجل، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “لعنة الله على الراشى والمرتشى” رواه ابن ماجة، فكيف يرضى المسلم لنفسه أن يكون ملعونا في الدنيا وفي الآخرة، وكيف يرضى لنفسه أن يطعم أهله وأبناءه المال الحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول”إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به” رواه الترمذى، وأيضا فإن هناك آفة أخرى من أفات أكل الحرام، والاعتداء على أموال الناس بالباطل، وهى آفة قضت مضاجع الغيورين على طهارة أوطانهم، وعلى سلامة مجتمعاتهم، إنها آفة تشجع على نشر العداوات.
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏نظارة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *