Share Button
فى طريق النور ومع الدنيا والتجاره الرابحة ” الجزء الأول “
إعداد / محمــــد الدكـــرورى
إن من أعظم المخاطر على دين العبد هو السَّير وراء حب هذه الدنيا الفانية بدون ضوابط شرعية ولا قيود دينية، وإن من أشد الفتن على المسلم هو التكالب على متاع هذه الحياة الزائلة، وجعلها الغايةَ والهدف بحد ذاته دون رقابة إيمانية، ومراعاة لأحكام إسلامية، وإن من الفتن الخطيرة على المسلم، هو أن يجعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومحور سعيه، وغاية وجوده، ومن غلب حب دنياه على حب دينه، وقدَّم شهواته على طاعة مولاه، فقد وقع في حبائل الشيطان الجسام، ومصائده العظام، ويقول الله تعالى ” وأحل لكم البيع وحرم الربا” وعن أبي مسعود الأنصارى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب أى ثمن بيعه، ومهر البغى، وهو ما تعطى على الزنا، وحُلوان الكاهن وهو ما يعطى على تكهنه” رواه البخارى ومسلم.
ومن هذا القبيل، الغبن الفاحش في البيع والشراء، بأن يزيد في ثمن السلعة زيادة فاحشة، مصحوبة بتزيين المغشوش، والكذب في وصفه وتحديد تاريخه، كما يفعل ببعض الناس، وكل ذلك غش ومكر وخديعة، والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من ذلك ويقول”من غشنا فليس منا، والمكر والخديعة في النار” رواه الطبرانى، ولقد تفطن السلف الصالح لخطورة هذا الأمر، وبلغ بهم الورع إلى ترك الحلال أحيانا مخافة الوقوع في الحرام، فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه “كنا ندع تسعة أعشار الحلال، مخافة أن نقع في الحرام” ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما “لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يُقبل ذلك منكم إلا بورع حاجز أى مانع”
ويقول ابن المبارك “لأن أردّ درهما من شُبهة، أحب إليّ من أن أتصدق بمائة ألف” ويقول يحيى بن معاذ رحمه الله “الطاعة خزانة من خزائن الله، إلا أن مفتاحها الدعاء، وأسنانه لقم الحلال” ومما رواه البخارى في صحيحه عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كان لأبى بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر وما هو؟ قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقينى فأعطانى بذلك، فهذا الذى أكلت منه، فأدخل أبو بكر رضى الله عنه يده، فقاء كل شيء في بطنه” وكذلك قإن من مضار أكل الحرام، هو إفساد القلب.
إذ هناك رابطة وثيقة بين صلاح القلب وفساده، وبين ما يُدخل المرءُ جوفَه، ولهذا السبب قال النبي صلى الله عليه وسلم “الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس” ثم قال بعد ذلك “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” متفق عليه، وقال المناوى “وأوقع هذا عقب قوله”الحلال بيِّن” إشعارا بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه، والشّبه تقسيه” فآكلو الحرام قساة، جفاة، نزع الله تعالى من قلوبهم العطف والشفقة، فلا يرحمون فقيرا، ولا يعينون محتاجا، وأيضا من العواقب هو منع الاستجابة، فالحرام حاجز يمنع قبول الدعاء، وتحقيق الإجابة، فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم.
“الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذى بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك؟” رواه مسلم، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه “بالورع عما حرم الله، يُقبل الدعاء، والتسبيح” ويقول العلامة ابن رجب “أكل الحرام، وشربه، ولبسه، والتغذى به، سبب موجب لعدم إجابة الدعاء” وأيضا هدم الأعمال، فيكون أكل الحرام سببا في تعطيل الأجر على العبادات الأخرى، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم”لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول” رواه مسلم، ويقول ابن عباس رضي الله عنه “لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام” ومن جميل قول وهب بن الورد “لو قمت في العبادة مقام هذه السارية، لن ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك، حلال هو أم حرام” ويقول بعض السلف “
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *