Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الرأفة والرحمة وجبر الخواطر، وبعض الناس يظن أن من الرأفة التودد للكفار ومحبتهم وموالاتهم والترحم على موتاهم، وهذا خلط عجيب، فإن الله أمرنا بمحبة المؤمنين والرأفة بهم، وبغض الكافرين وترك موالاتهم، وإن الرحمة والتي تدور مادتها على معنى الرقة والعطف والرأفة، هي إرادة إيصال الخير، فاتقوا الله يرحمكم الله، اتقوا الله وكونوا عباد لله إخوانا، ألزموا أنفسكم بكلمة التقوى فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى صراط الله المستقيم، الذي ليس له مثيل ولا بديل، هذا وللتقوى ثمار لو تعلمون عظيمة، وهذه الثمار تعود على المؤمن بالخير في دينه ودنياه، إذ إنّها تجّنبه الفتن، وتصرف عنه الشرور والمحن، وترفع درجته في الآخرة.
لذا فلنحرص جميعا على التمثل بتقوى الله تعالى في السّر والعلن، والجهر والخفاء، حتى نلقى الله تعالى ونحن على هذا الحال، فقد قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” فإن من عرف الآمر عظم الأوامر، ومن سار على الدرب وصل إلى ربه وهو عنه راضى، ومن علم أسماء الله وصفاته حق العلم عبد الله حق العبادة، فسبحانه وتعالى له صفات الكمال، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، الكريم صاحب العطاء، لن نبلغ عطاءه مهما علت منازلنا، فهو سبحانه الغني عنا يجبر خواطرنا بكرمه، ومن معاني اسم الله الجبار القوة والحدة، والجبار هو سبحانه وتعالى الرحيم الودود، جبار القلوب يجبر الفقير والضعيف، والمتألم والفاقد.
لا إله إلا هو مغيث الملهوف، ومفرج الكربات فمن منا لا يعرف قصة نبى الله يوسف عليه السلام وكيف أن إخوته آذوه وأرادوا قتله، فجبر الله خاطره بوحي يثبت قلبه، فقال تعالى ” فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون” وجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، فيجبر المسلم فيه نفوسا كسرت وقلوبا فطرت وأجساما أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، فيقول الإمام سفيان الثوري “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم” فلا تيأس إذا تعثرت أقدامك، وسقطت في حفرة واسعة.
فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكا وقوة والله مع الصابرين، ولا تستخفن بأي شيء من جبر الخواطر مهما قل، من كلمة أو إشارة، فالقليل منك كثير، ولا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك، فسوف تجد من ينزع السهم ويعيد لك الحياة و الابتسامة، ولا تقف كثيرا على الأطلال خاصة اذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها وابحث عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد، فإذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي، وانظر بعيدا فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر.
لتصنع لك عمرا جديدا وحلما جديدا وقلبا جديدا، وعندما يقترب منا إنسان ويُطلعنا على أسراره بكل طيبة قلب، فإن أقل ما يمكننا أن نقدمه له هو ألا نجعله يندم على ذلك، وربما تختلف أطباعنا، لكننا جميعا نريد الاهتمام، ومهما كَان، الإنسان قَوي يمر أحيانا بلحظات يشعر فيها بِالضعف فيبحث عن الاحتواء، وأحيانا تسامح الناس لأنك ببساطة تريدهم أن يبقوا جزءا من حياتك، فاللهم اجبر خواطرنا بفرج قريب ومغفرة واسعة إنك سميع قريب، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال “التقوى، وحسن الخلق” رواه ابن ماجه، وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال”إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا”
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *