Share Button

فى طريق النور ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء الثانى ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الرسول الكريم فى الشِعب، ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم خاطبهم أبو جهل في كبريائه، وقال‏ يا معشر قريش، إن محمدا قد أبي إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وشتم آلهتنا، وأني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فأسلمونى عند ذلك أو امنعونى، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا‏‏ والله لا نسلمك لشيء أبدا، فامض لما تريد‏، فلما أصبح أبو جهل، أخذ حجرا كما وصف، ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو، فقام يصلي، وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل.

فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزما ممتقعا لونه، مرعوبا قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا له‏ ما لك يا أبا الحكم‏؟‏ قال‏ قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لى دونه فحل من الإبل، لا والله ما رأيت مثل هامته، ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهمّ بى أن يأكلنى‏، وقد قال ابن إسحاق‏‏ فذكر لى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏ “‏ذلك جبريل عليه السلام لو دنا لأخذه‏” ولما فشلت قريش في مفاوضتهم المبنية على الإغراء والترغيب، والتهديد والترهيب، وخاب أبو جهل فيما أبداه من الرعونة وقصد الفتك.

تيقظت فيهم رغبة الوصول إلى حل حصيف ينقذهم عما هم فيه، ولم يكونوا يجزمون أن النبي صلى الله عليه وسلم على باطل، بل كانوا كما قال الله تعالى فى سورة الشورى “لفى شك منه مريب” فرأوا أن يساوموه صلى الله عليه وسلم في أمور الدين، ويلتقوا به في منتصف الطريق، فيتركوا بعض ما هم عليه، ويطالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بترك بعض ما هو عليه، وظنوا أنهم بهذا الطريق سيصيبون الحق، إن كان ما يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم حقا‏، وقال ابن إسحاق أنه اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمى وكانوا ذوى أسنان في قومهم.

فقالوا‏‏ يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله تعالى فيهم‏ سورة كاملة وهى ” قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ” وأخرج ابن جرير وغيره عنه أن قريشا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏ تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فأنزل الله‏ تعالى كما فى سورة الزمر “قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون” ولما حسم الله تعالى هذه المفاوضة المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة لم تيأس قريش كل اليأس، بل أبدوا مزيدا من التنازل بشرط أن يجرى النبي صلى الله عليه وسلم بعض التعديل فيما جاء به من التعليمات.

فقالوا‏ “ائت بقرآن غير هذا أو بدله” فقطع الله هذا السبيل أيضا بإنزال ما يرد به النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فقال كما جاء فى سورة يونس ” قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن اتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم”‏ ونبه الله تعالى على عظم خطورة هذا العمل بقوله‏ عز وجل كما فى سورة الإسراء “وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذا لأتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا” فأظلمت أمام المشركين السبل بعد فشلهم في هذه المفاوضات والمساومات والتنازلات، واحتاروا فيما يفعلون.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *