Share Button
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
لقد كثر الحديث عن العلوم الروحانية وعن حلالها من حرامها وهل هى جائزة شرعا، ام لا، ام هي باب من ابواب السحر والدجل والشرك، ام انها علم شريف، واساسه شريف ومريده شريف، فكل هذه التساؤلات تردد فى أذهان كثير من الناس، ولقد انتشرت مواقع وكتب كثيرة تتحدث عن علم الروحانيات، فظهر هناك علم روحاني، وطب روحاني، ومعالج روحاني، وشيخ روحاني، وإن الكثير يطلق هذا المسمى على اعمال السحر والدجل والشعوذة مع قوله انى لست بساحر ولا كاهن ولا مشعوذ، ولكنه يقول انا روحانى، وهذا هو غطاء لاعمال السحر تحت مسمى آخر حتى لا تقول انه ساحر وتبتعد عنه بل سوف تقول انه روحاني أو طبيب روحاني وتعتقد انه ليس بساحر، وهذه خدعة شيطانية وكثير منهم يقحم الدين فى المسألة ويختبأ وراءه متظاهرين بالصلاح كمثال من يدعون ان للآيات خدام وانهم جنود الله وقراءة بعض الآيات ليوهم الناس انه يعالج بكتاب الله ومنهم من يوهم السذج بانه يستخدم الجن المسلم فقط وكثير من ذلك الكلام، وممن يصدق هؤلاء الروحانيين كثير، فمنهم الجاهل والمتعلم والحاصل على اعلى الشهادات العلمية، فالمثقف والجاهل فى هذه الامور سواء بسواء.
فالمسألة ليست بدرجة التحصيل العلمي، بل بمدى معرفة امور دينك، فعليك أولا أن تعرف دينك، غى هذا الوقت تعرف حقائق الدجالين والمشعوذين الروحانيين، وإن من الناس من يصدق وينجرف خلف الاوهام والاكاذيب، ومنهم من يعرف حقيقة الامور بمعرفة دينه جيدا فيعلم جهل الروحانيين وكذبهم، ولابد من التوضيح للمسلمين مثل هذه الامور حتى لا يقع احد فى المحزور، فالعلاج بالقرآن بعيد كل البعد عن الدجل والشعوذة والخرافات، فلا يوجد فيه طلاسم ولا محبة وتهيج ولا جلب البعيد ولا القريب، ولا اقسام ولا اسرار ولا تحضير، ولا بخور وحلتيت ولا خاتم سليماني ولا خدام من الجان، ولا قراءة الف وثلاثة الاف مره ولا فى ليال وايام معينه واوقات وهيئات محدده وغير ذلك الكثير من امور السحرة والدجالين، ولكن هو فقط كتاب الله وسنة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، واي فرد يعلم امور دينه فهو يستطيع ان يفرق بين الساحر الدجال المشعوذ وبين المعالج بكتاب الله، فالمعالج يقول ويطلق عليه معالج بالقرآن، والذين يطلقون على انفسهم روحانيين هم سحرة ودجالين، وإن الروحاني دجال ومشعوذ، فهو كاذب على الناس وواهم لهم، وإن خلاصة الامر.
هو أن الطب الروحاني يساوى السحر، وقد اختلف المسمى ولكن الأصل واحد، حيث لا يوجد علم روحاني بعيدا عن الجن، ويقال انه بعيدا عن الجن تلبيس من تلبيسات إبليس وعبث بعقول السذج، وإن العلم الروحاني هو من العلوم الشيطانية وهو يعتمد على الشعوذة والسحر والخرافات، ولا يجوز لاي مسلم أن يتعلمه ولا يجوز له أن يدل غيره عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما” راه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم “اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها السحر” وهذا الحديث متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه” رواه النسائى، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد” وإن من الواجبات القلبية هو التوكل على الله عز وجل، وهو الاعتماد عليه، فيجب على العبد أن يكون اعتماده على الله لأنه خالق كل شىء من المنافع والمضار وسائر ما يدخل في الوجود، فلا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله تعالى.
فإذا اعتقد العبد ذلك ووطن قلبه عليه كان اعتماده على الله تعالى في أمور الرزق والسلامة من المضار، فالتوكل هو ثقة القلب بالله تعالى، وقال الجنيد البغدادي رضي الله عنه ” التوكل هو ترك الاعتماد الحقيقي على غير الله، فمن توكل على الله تجنب أن يلجأ إلى ما حرم الله من العمل بالسحر وإتيان العرافين والمنجمين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أتى كاهنا أو عرّافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ” رواه الحاكم، فالكاهن هو من يتعاطى الإخبار عما يقع في المستقبل كالذين لهم أصحاب من الجن يأتونهم بالأخبار فيعتمدون على أخبارهم فيحدثون الناس بأنه سيحصل كذا، والعراف هو من يتحدث عن الماضي من المسروق ونحوه، فمن ذهب إلى عرّاف أو كاهن واعتقد أنه يطلع على الغيب فقد كفر بالله ورسوله لأنه لا يعلم الغيب أحد إلا الله، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة النمل ” قل لا يعلم من فى السماوات والأرض الغيب إلا الله ” وليس المراد من يظن أنه قد يوافق الواقع وقد لا يوافق الواقع فإنه لا يكفر بل يكون عاصيا بسؤاله إياهم، وليعلم أن من الجن أحيانا من يسترقون السمع من الملائكة الموكلين بإنزال المطر وهم في الغمام.
حيث يصعد الجن إلى مكان قريب من هذا الغمام والملائكة يتحدثون فيما بينهم بما يصير هذا العام في أرض كذا ومن الحوادث كذا وكذا كموت شخص أو ولادة مولود أو أن يتولى شخص الرئاسة أو أن يعزل عن الرئاسة ونحو ذلك مما أطلع الله تعالى الملائكة عليه لأن الله يطلع الملائكة والأنبياء والأولياء على شىء من الغيب ولا يطلعهم على الغيب كله، فبعد أن يسترق هؤلاء الجن السمع من الملائكة ينزلون على الأرض ويخبرون هؤلاء الذين لهم معهم صحبة من البشر، فالحذر الحذر من هؤلاء الذين يدعون تحضير الأرواح وهو في الواقع تحضير للجن، فأرواح الأتقياء لا يحبون أن يرجعوا إلى الدنيا ولو ملكوا الدنيا وما فيها، وأرواح الكفار تحت ملائكة العذاب ولا يستطيع هؤلاء الدجاجلة أن يسحبوا روح الكافر من ملائكة العذاب إنما الذين يحضرون إلى مجلس هؤلاء هم الجن الذين كانوا يعرفون حال هذا الشخص وعاشوا معه إما قرينه أو واحد ءاخر يعرف أحواله يكذب فيقول أنا روح فلان والعياذ بالله تعالى، ولا يدخل فيمن ذكرنا من يردد آية بعدد معين لمقصد حسن فإن هذا قد يحضره ملائكة الرحمة ببركة هذه الآية، وأما من كان غرضه الدنيا فهذا لا يحضر إليه ملائكة الرحمة.
وإن أغلب هؤلاء الذين يقولون عن أنفسهم إنهم روحانيون هم يعملون مع الجن لكنهم لا يقولون للناس نحن نعمل مع الجن لأنهم إن قالوا ذلك للناس فالناس لا يعتقدونهم، أما إن قالوا روحاني، الناس يقصدونهم، وفي البدء أحيانا الجن يظهرون أنهم قائمون بالشريعة ثم يدخلون أشياء مخالفة للشريعة، وقيل أنه كان هناك رجل يقول إني روحاني أي معي ملائكة ثم الناس يطلبونه لمريض أو غير ذلك، فيأتي بعد المغرب ثم الناس يحضرون إليه، ثم بعد برهة يطفئ الضوء فيحسون بحركات ويسلمون على الحاضرين ولا يقولون نحن جن وإنما يقولون روحاني ثم يتكلمون فيقولون هذا المريض مرضه كذا ودواؤه كذا، مرة لما حضروا قالوا أي الجن بعض الناس يسيئون الظن بنا يقولون نحن جن، نحن لسنا جن، نحن الملك بلا أب ولا أم، ثم فضحه الله تعالى لأنه هو اعترف فقال ءامر ابني ميمون بكذا، وقد فضحه الله تعالى، لأنه من المعلوم أن الملائكة لا يتناكحون فهم ليسوا ذكورا ولا إناثا إنـما أجسام نورانية لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وإن دراسة للوقائع الإسلامية في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكشف أن الروحانيات كانت ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
في معاملاته اليومية، في رخائه وشدته، في يسره وعسره، فكان صلى الله عليه وسلم يضمد بذلك جراح نفسه، ويجبر انكسار قلبه، وكان بوفاة زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب، فقد تكالبت عليه صلى الله عليه وسلم الأحزان وزادت همومه، فعزم على الخروج إلى الطائف راجيا ومؤملا أن تكون أحسن حالا من مكة، وأن يجد من أهلها نصرة لدين الإسلام، فكلم أهل الطائف عن الإسلام، فكذبوه وردوا عليه ردا عنيفا، وطردوه صلى الله عليه وسلم من الطائف طردا، وشردوه تشريدا، وتهاوت عليه الأحجار من كل مكان، وأسمعوه من شتى أنواع السب والشتم، مذلة وما أعظم مذلة، دموع الأسى تذرف من عينيه الشريفتين، ودماء طاهرة تتدفق من قدميه، فالتجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بستان يحتمي بأشجاره من الحجارة، وقد تحركت في وجدانه كلمات صادقة، وابتهالات روحانية، فرفع يديه صلى الله عليه وسلم إلى السماء مناجيا ربه بكلمات روحانية تنبع من أعماق قلبه الحزين فقال ” اللهم إنى إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس، إلى آخر الدعاء” فقد اهتز لهذا الدعاء عرش الرحمن، فأرسل الله سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام لينتقم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *