Share Button

فى طريق النور ومع الشهادة من أجل الوطن ” الجزء العاشر ”
إعداد / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الشهادة من أجل الوطن، وعند الكلام عن شهداء أحد فلا بد أن نبدأ بسيِد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سيد الشهداء حمزة” وقد أسلم حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه في العام السادس من النبوة، وكان قبل الإسلام يعيش حياة لهو ولعب وعبادة للأصنام، ويذهب للصيد، فكانت حياة لا قيمة لها، أما بعد الإسلام فقد انتقل من كونه سيِدا في قبيلته الصغيرة إلى كونه سيدا لشهداء الأرض كلها إلى يوم القيامة، وكانت له مواقف تميزه سواء في مكة أو في شِعب بني هاشم، وفي غزوة بدر قال المشركون من هذا الملثم الذي على صدره ريشة النعام؟ فقالوا حمزة، فقالوا هذا الذي فعل بنا الأفاعيل، وقد أنفق رضى الله عنه كثيرا، وضحى كثيرا، وبذل كثيرا، حتى وصل إلى مرتبة الشهادة في سبيل الله، ولقد طلب الشهادة بصدق فنالها، فإن تصدق الله يصدقك، وأيضا من الشهداء هو مصعب بن عمير، ولقد سلك رضى الله عنه، طريقا طويلا حتى وصل إلى درجة الشهادة في سبيل الله، فقد أسلم قديما وجاهد في سبيل الله في مكة، وفي الحبشة، وفي المدينة، وفي بدر وأحُد، فلقي ربه شهيدا، وصدق فيه قوله تعالى كما جاء فى سورة الأحزاب ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” وقد أورد الإمام القرطبي في تفسيره عن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحد مرَّ على مصعب بن عمير وهو مقتول.

فوقف عليه ودعا له، ثم تلا هذه الآية ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم، والذى نفسى بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامه إلا ردوا عليه” فزيارة شهداء غزوة أحد سنة شرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يحرص على زيارتهم، والدعاء لهم صلى الله عليه وسلم، وأيضا من الشهداء هو سعد بن الربيع رضى الله عنه، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مع أصحابه وآخى بين المهاجرين والأنصار، آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع الأنصاري، فعرض سعد بن الربيع على عبد الرحمن أن يناصفه ماله، وقال له “انظر أي زوجتيَّ شئت، أنزل لك عنها” فقال عبد الرحمن “بارك الله لك في أهلك ومالك” ويحضر معركة أحد ويقاتل قتالا عظيما، ويقدم حياته لله سبحانه وتعالى، وبعد انتهاء معركة أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من رجل ينظر لى ما فعل سعد بن الربيع، وسعد أخو بنى الحارث بن الخزرج، أفى الأحياء هو أم فى الأموات؟” فقال رجل من الأنصار “أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل” فنظر فوجده جريحا في القتلى به رمق، فقال، فقلت له “إن رسول الله أمرني أن أنظر له أفي الأحياء أنتَ أم في الأموات؟” قال “فأنا في الأموات، أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله خير ما جزي نبيا عن أمته.

وأبلغ عني قومك السلام، وقل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلص إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف” ثم لم أبرح حتى مات، فسعد بن الربيع رضى الله عنه إلى اللحظة الأخيرة وهو إيجابى يحفز المسلمين على الجهاد، ويقول لهم “لا عذر لكم إن خُلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيكم عين تطرف” وأيضا من الشهداء هو عبد الله بن حرام رضى الله عنه حيث قال عبد الله بن حرام رضى الله عنه “رأيت في النوم قبل أحد كأني رأيت مبشر بن عبد المنذر وهو من شهداء بدر، يقول لي أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقلت وأين أنت؟ قال في الجنة نسرح فيها كيف نشاء، قلت له ألم تقتل يوم بدر؟ قال بلى، ثم أحييت” فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “هذه الشهادة يا أبا جابر” فحضر أبو جابر رضى الله عنه المعركة، ولقي ربه شهيدا، ويقال إنه أول من قتل يوم أحد، وقد ذهب إلى عبد الله بن أبي بن سلول يعاتبه على انسحابه من أرض المعركة في هذا الوقت العصيب، ويرجوه أن يثبت للقتال، ولما رأى إصراره على الرجوع قال له “قبحك الله سوف يغني رسول الله عنك” وقاتل في المعركة قتالا مجيدا، وروى ابن ماجه أنه لما استشهد يوم أحد جاء ابنه جابر بن عبد الله وهو متأثر بموت أبيه، فيكشف عن وجهه ثم يضع الغطاء، ثم يعيده ثم يضعه ثانية، والصحابة ينهونه والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينهاه لأنه يقدر موقف الصحابي الجليل من فقد أبيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟”

وقال يحيى في حديثه فقال صلى الله عليه وسلم ” يا جابر مالى أراك منكسرا؟ قال، قلت يا رسول الله، استشهد أبي وترك عيالا ودينا قال صلى الله عليه وسلم “أفلا أبشرك بما لقى الله به أباك؟” قال بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم ” ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا، فقال ” يا عبدى تمن على أعطك” قال يا رب تحيينى فأقتل فيك ثانيه، فقال الله تعالى ” إنه سبق منى أنهم إليها لا يرجعون” قال يا رب فأبلغ من ورائى، قال صلى الله عليه وسلم ” فأنزل الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون” فهو رضى الله عنه حريص حتى بعد موته على المسلمين، وعلى أن ينال درجة الشهادة في سبيل الله مرات ومرات، لأنها منزلة لا تدانيها منزلة، وأيضا من الشهداء خيثمة أبو سعد رضى الله عنه، وفي غزوة بدر استهم خيثمة مع ابنه سعد وقد استشهد سعد يوم بدر، وفي غزوة أحد يقول خيثمة “وقد رأيت ابني أمس على أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها، ويقول لي” الحق بنا” وقد أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة، فادع الله لي يا رسول الله أن أرافقه في الجنة، وقد كبرت سني ورقَ عظمي” فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له، فنال الشهادة في سبيل الله، ولقد صدق الله عز وجل في طلب الشهادة، فكتبها الله تعالى له، وأيضا من الشهداء هو عمرو بن الجموح رضى الله عنه، وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان كبير السن، وكان له أربعة بنين شباب يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا.

فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى أحد، أراد أن يتوجه معه، فقال له بنوه “إن الله تعالى قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، فقد وضع الله عنك الجهاد” فأتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا رسول الله، إن بنى هؤلاء يمنعون أن أخرج معك، والله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة” فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد” وقال صلى الله عليه وسلم لبنيه ” وما عليكم أن تدعوه، لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة” فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيدا” وذلك لإنه خرج يريد الشهادة بصدق مع أنه قد تجاوز الستين من العمر، فرزقه الله عز وجل الشهادة لأنها رزق، ولا ينال هذا الرزق العظيم إلا من يسره الله له، ومن الشهداء هو حنظلة بن أبي عامر رضى الله عنه، وكان حنظلة قد ألمَّ بأهله أى بمعنى جامع زوجته، حين خروجه إلى أحد، ثم هجم عليه الخروج في النفير فأنساه الغسل أو أعجله، فلما قُتل شهيدا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة غسلته، فسمي غسيل الملائكة، وعن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة حنظلة ” ما كان شأنه؟” قالت خرج وهو جُنب حين سمع الهاتفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لذلك غسلته الملائكة” فقد خرج في صبيحة عرسه وهو جنب، فلقي ربه شهيدا، ومن الشهداء أيضا هو عبد الله بن جحش رضى الله عنه، فكان جهاد طويل لهذا الصحابي الجليل، وهو جهاد في مكة، وجهاد في الحبشة.

وجهاد في المدينة المنورة، وقد دار حوار رائع بينه وبين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، قال عبد الله بن جحش لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما يوم أحد “ألا تأتي ندعو الله؟” فخلا في ناحية، فدعا سعد فقال “يا رب، إذا لقينا القوم غدا، فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده فأقاتله فيك ويقاتلني، ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه” فقام عبد الله بن جحش، ثم قال “اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا حرده، شديدا بأسه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدا قلت يا عبد الله، فيم جدع أنفك وأذنك؟ فأقول فيك وفي رسولك، فتقول صدقت” فقال سعد بن أبي وقاص “يا بُنى، كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإن أذنه وأنفه لمعلقان في خيط” فكان موقف رائع لعبد الله بن جحش ضى الله عنه، الذي آثر الشهادة في سبيل الله على كل شيء، فيتمنى لقاء الله وقد شوهت معالمه، وذلك في ذات الله تعالى، وطمعا في دخول الجنة، وحدث ما تمناه رضى الله عنه، فإنه فريق ينتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة وينال الشهادة، فالمسلم حتى يصل إلى درجة الشهادة في سبيل الله، فإنه يقدم الكثير والكثير من التضحية بالمال والوقت والجهد، ولا بد أن يتوافر لديه الإخلاص، وأن يسأل الله الشهادة بصدق، ولكننا قد نجد بعض الناس قد يُنعم الله عليهم بنعمة الشهادة في سبيل الله فور دخولهم في دائرة الإيمان، فسحرة فرعون مثلا عندما رأوا الحق واضحا، أعلنوا دخولهم في دائرة الإيمان، وتلقوا التعذيب من فرعون بل والقتل بصدور رحبة.

فكانوا في أول النهار سحرة، فصاروا في آخره شهداء بررة، وإن من الشهداء أيضا هو رجل يسمى الأصيرم حيث في موقعة أحد نجد رجلا قد انتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة واحدة وهو الأصيرم رضى الله عنه فقد كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا “والله إن هذا للأصيرم، وما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر هذا الحديث” فسألوه ما جاء به، قالوا “ما جاء بك يا عمرو، أحربا على قومك أو رغبة في الإسلام؟” قال “بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلت حتى أصابني ما أصابني” ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” إنه من أهل الجنة” ويقول أبو هريرة رضى الله عنه “ولم يُصلى لله صلاة قَط” فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، إنها لحظة إيمان وصدق، وأيضا من الشهداء رجل يسمى مخيريق فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، قال مخيريق لليهود”ألا تنصرون محمدا؟ والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم” فقالوا “اليوم يوم السبت” فقال”لا سبت”وأخذ سيفه ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فلما حضره الموت قال “أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء” وقُتل يوم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مخيريق خير يهود” وعلى النقيض من الصورة السابقة نجد قصة رجل يسمى قزمان.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *