Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع العاشر من محرم، وأما فرعون اللعين فقد استبدل معركة الكلام بمعركة القوة والبطش بموسى وقومه، فاضطر موسى وقومه إلى البحر، فجمع قومه وقواته وتبع موسى لما خرج من بلاده قاصدا لمعبوده وهو الله الأحد الصمد، واثقا بموعوده، يعني بالنصر والسلامة، فلحقهم فرعون وجنوده فلما صاروا منهم بمرأى العين “قال أصحاب موسى إنا لمدركون” قال نبى الله موسى عليه السلام “كلا إن معى ربى سيهدين” وما قدر فسيكون، فلما اشتد البأس، وليس من رحمة الله يأس، وقرب منهم فرعون ذو البأس، ووصل موسى وقومه إلى البحر المتلاطم، فكان وراءهم العدو وأمامهم البحر، فحينئذ قرب الفرج من عند الله، فأوحى الله إلى موسى.
” أن اضرب بعصاك الحجر” فضربه بأمر الله، فانفلق فصار فيه اثنا عشر طريقا يبسا بعدد الفرق، فدخلوه لا يخشون إلا الله آمنين من الغرق، وليس عندهم فيه طين أو زلق، فقال تعالى فى سورة طه “ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا” فلما رأى فرعون الآيات، وعاين الأمر الهائل والمعجزات، أراد أن يصرف الحصان، فجاء جبريل على فرس ليتبعها حصانه، فدخل في طريق البحر، فتبعه جنوده أجمعون، فلما خرج موسى من البحر وقومه المؤمنون أراد أن يضرب البحر ليرجع كما يكون، فقال له رب العزة “واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون” فأمره رب الفلق فانطبق، فكانت أجسادهم للغرق، وأرواحهم للنار والحرق.
فهذه سنة الله فيمن عصى وفسق، وخالف أمر رب الفلق، ولقد جعل الله تعالى فاتحة العام شهرا مباركا نجى الله فيه نبيه موسى وقومه من فرعون وقومه، فشرع فيه الطاعة والعبادة والصوم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ” رواه مسلم، وكانوا يسمون شهر المحرم شهر الله الأصم لشدة تحريمه، والمحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيدا لتحريمه، وقال أبو عثمان النهدي عن السلف، كانوا يعظمون ثلاث عشرات، العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم، ومن عظيم فضل الله أن جعل آخر شهر في العام شهر عبادة وطاعة.
وأول شهر في العام شهر عبادة وطاعة ليفتتح المرء عامه بإقبال ويختتمه بإقبال، قال ابن رجب ” من صام من ذي الحجة وصام من المحرم فقد ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة فيرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة ، فإن من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين ” وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهر شهر الله المحرم فاختصه بإضافته إلى الله وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، ولما كان هذا الشهر مختصا بإضافته إلى الله وكان الصيام من بين الأعمال مختصا بإضافته إلى الله ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إلى الله المختص به وهو الصوم، ومما اختص به شهر الله المحرم.
يومه العاشر وهو يوم عاشوراء وهو يوم مبارك معظم منذ القدم، فاليهود أتباع نبى الله موسى عليه السلام كانوا يعظمون يوم عاشوراء ويصومونه ويتخذونه عيدا لهم، ويلبسون فيه نساءهم حليهم واللباس الحسن الجميل، وسر ذلك أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال”ما هذا” قالوا هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى” رواه البخاري، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال” كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم” رواه البخاري.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *