Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع العاشر من محرم، وكذلك النصارى كان لهم حظ من تعظيم هذا اليوم، والظاهر أنهم في هذا تبع لليهود، إذ أن كثيرا من شريعة موسى عليه السلام لم ينسخ بشريعة عيسى بدليل قوله تعالى “ولإحل لكم بعض الذى حرم عليكم” وحتى قريش فإنها على وثنيتها وعبادتها الأصنام كانت تصوم يوم عاشوراء وتعظمه، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية” رواه مسلم، وأما سر صيامهم هذا، فلعله مما ورثوه من الشرع السالف، وعن عكرمة أنه سئل عن ذلك فقال أذنبت قريش ذنبا في الجاهلية فعظم في صدورهم ، فقيل صوموا عاشوراء يكفر ذلك.
وحين جاء الإسلام، وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورأى اليهود يصومون هذا اليوم فرحا بنجاة موسى قال” أنا أحق بموسى منكم” فصامه وأمر بصيامه” متفق عليه، وكان ذلك في أول السنة الثانية، فكان صيامه واجبا فلما فرض رمضان انتقل صومه من الأمر إلى التطوع، وإذا علمنا أن صوم رمضان في السنة الثانية للهجرة تبين لنا أن الأمر بصوم عاشوراء وجوبا لم يقع إلا في عام واحـد، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “فلما قدم صلى الله عليه المدينة صامه أي عاشوراء، وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه” رواه البخاري، وصوم عاشوراء وإن لم يعد واجبا.
فهو مما ينبغي الحرص عليه غاية الحرص، وذلك لأن صيامه يكفر السنة الماضية ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء فقال” أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ” ولقد تحري الرسول صلى الله عليه وسلم صيام هذا اليوم فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال “ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء” رواه البخاري، وأيضا وقوع هذا اليوم في شهر الله المحرم الذي يسن صيامه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر يعني عاشوراء” رواه مسلم، وفي صحيح مسلم أيضا قال صلى الله عليه وسلم.
“خالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده” فالرسول صلى الله عليه وسلم يريد لنا الرفعة عن مشابهة الكفار، ويريد لنا العزة، ويريد لنا التميز، فلماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ نحن أمة مرفوعة، فلم نكون خاضعين؟ نحن أمة متبوعة، فلم نكون تابعين؟ وديننا يأمرنا بالتميز في سلوكنا ومظاهرنا وفي عباداتنا، وأن تكون لنا نحن المسلمين الشخصية المتميزة المبنية على الشعور بالعزة الإيمانية، وقد ذكر بعض الفقهاء أن صيام عاشوراء ثلاث مراتب، هو صوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وصوم التاسع والعاشر، وصوم العاشر وحده، وكلما كثر الصيام في محرم كان أفضل وأطيب، فتزودوا من الخيرات واغتنموا هذه الأيام لتقدموا لأنفسكم زادا تجدوه غدا أمامكم،
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، وتزود من الدنيا فإنك لا تدري إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر، فإنه في غمرة الشعور باليأس والإحباط الذي أصاب المسلمين اليوم من جراء تتابع النكبات والشدائد، يأتي يوم عاشوراء ليذكر الأمة أنه لا تقف أمام قوة الله أي قوة، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، فشهر الله المحرم شهر نصر وعز لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وقومه على فرعون الطاغية المتجبر على رغم كثرة عددهم وعدتهم وخيلائهم، فإن الله تعالى يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وبإحياء ذكرى ذلك النصر المجيد، على ذلك الطاغية الكبير، نعلن أن الدعوات لا تهزم بالأذى والحرب والاضطهاد، وعاقبة الظلم وخيمة، والله ناصر دينه وكتابه, وأوليائه، والعاقبة للمتقين.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *