Share Button

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن عشر مع الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة، ويحذرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الفساد في حديث رواه ابن ماجة، فيقول صلى الله عليه وسلم “يا معشر المهاجرين، خصال خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم”

ويجب علينا أن نعلم جيدا أن البلاء والهلاك وعدم السعادة والراحة والطمأنينة والنكبات والابتلاءات والمصائب وانهيار القيم والمبادئ كل ذلك بسبب هذه المسألة التي نسأل الله أن يعافينا منها وهى الفساد، وإن من أسباب الفساد الذي عم في مجتمعات المسلمين ضعف الوازع الديني، وعدم مراقبة المولى عز وجل، وعدم استشعار أن الله يرى العبد، وأننا لم نصل إلى مرتبة الإحسان الذي هو أعلى مراتب الدين، أن يعبد المسلم ربه كأنه يراه، والأمر الثاني هو ضعف الدور التربوي للأسرة، فكثير من الأسر تركت الحبل على الغارب للأبناء والبنات فلم يتربوا على المراقبة لله تعالى، ولم يقوموا بدورهم ومسؤوليتهم، والأمر الثالث هو عدم ترشيد وسائل الإعلام، فكثير من القنوات ووسائل الإعلام في بلاد المسلمين لم تقم بدورها في التوجيه والتربية.

بل تهدم القيم والمبادئ وتنشر الرذيلة والعري والتبرج، وكذلك فإن هناك الأسباب الاقتصادية، من البطالة، وعدم الامانة وعدم الإخلاص، وعدم أداء الأجير أجرته مما يؤدي به إلى الاختلاس والتزوير وغير ذلك من الصور المحرمة، وانتشار الظلم والكذب والخيانة بين الناس، والتهالك على الأموال والحرص على الدنيا، ولهذا عندما نتأمل في نصوص الآيات السابقة وفي الأحاديث الكثيرة التي بينها لنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، نجد أن الإسلام جعل لنا السبل التي تقينا من الفساد، ومنها هو الإيمان بالله، فيقول سبحانه فى سورة الأعراف ” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ” بمعنى أنه لو أن الناس آمنوا واتقوا وأقبلوا على الله سبحانه وتعالى.

لفتحت عليهم البركات والخيرات والنعم بما لا يجدون له وصفا، والأمر الثاني ضعف العبادات، والإسلام أمرنا بالعبادات، بالصلاة والصيام والحج والزكاة، فقال تعالى فى سورة العنكبوت ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ” فالمؤمن الذي يؤدي الصلاة لن يختلس، الذي يؤدي الصلاة لن يهمل في وظيفته، لن يأخذ الرشوة، لن يغش أحدا، لأنه لا يريد أن يفسد صلاته فقال تعالى ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ” فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليعلم أن صلاته ناقصة، وإن لأهمية الأخلاق في الإسلام كانت الفترة الزمنية المكية من بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم منصبة على غرس القيم والأخلاق في أفراد المجتمع واستمرت هذه الفترة ثلاثة عشر عاما لم ينزل فيها أوامر أو نواهي أو تكاليف.

وهذه هي الرسالة الأخلاقية التي أصاغها جعفر بن أبي طالب رضى الله عنهن للنجاشي ملك الحبشة ولو إننا لو نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام، هى عقيدة وتتمثل في توحيد الله تعالى، وشريعة، وتتمثل في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأخلاق وتتمثل في الأخلاق الفاضلة في التعامل مع الآخرين وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يمثل ثلث الإسلام، فالعقيدة تمثل ثلث الإسلام، لذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لاشتمالها على الجانب العقدي، وكذلك العبادات تعدل ثلث الإسلام، والأخلاق التي يظن البعض أن لا علاقة لها بالدين فإنها تعدل ثلث الإسلام، بل الإسلام كله، بل إنه صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الهدف من بعثته هو غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *