Share Button
إعداد/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع عشر مع الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة، والنبى صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الهدف من بعثته صلى الله عليه وسلم هو غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع، فقال صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” رواه أحمد والبيهقي والحاكم، وقال المناوي، أي أرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة، وقد وقف العلماء عند هذا الحديث قائلين لماذا حصر النبي صلى الله عليه وسلم، بعثته في مكارم الأخلاق مع أنه بعث بالتوحيد والعبادات وهي أرفع منزلة وأهم من الأخلاق؟ وهوأن التوحيد والعبادات شرعت من أجل ترسيخ مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، فالغاية والحكمة الجليلة من تشريع العبادات هي غرس الأخلاق الفاضة وتهذيب النفوس.
كما هو معلوم في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها، وإن التمسك بالأخلاق الفاضلة من الأمانة، من الصدق، ومن الوفاء، ومن الإخلاص، ومن جميع صور الأمانات، حتى يصل إلى المرتبة العليا في الجنة، وقد سئل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال صلى الله عليه وسلم “تقوى الله، وحسن الخلق، وإن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم” وكذلك فإن المحرمات ينبغي أن نجتنبها جميعا من الربا بجميع صوره، وعدم البيع والشراء بالمحرمات، والتجارة بالمحرمات، والاحتكار، وأن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، وكذلك التراحم، والتعاطف، وأن يحس المؤمن بالآم إخوانه المسلمين، وألا يظلمهم فقال صلى الله عليه وسلم “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره”
“بحسب أمريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه” وكذلك حسن اختيار العاملين فينبغي، علينا أن نختار الأكفاء إذا أردنا أن نوظف في دائرة أو في مؤسسة كبرت أو صغرت، أن نختار الأكفاء الذين يكونون أمناء، لا يحابون ولا يجاملون ولا يغشون ولا يزورون ولا يأكلون أموال الناس بالباطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَن ولّى على المسلمين رجلا وهو يعلم أن في المسلمين أكفأ منه فقد خان الله ورسوله” فينبغي أن نختار الأكفاء، حتى تكون مؤسساتنا وحتى تكون دوائرنا مبنية على الأمانة والصدق والإخلاص ومراقبة المولى عز وجل، ولقد حارب الإسلام الفساد بجميع صوره حتى يبتعد المسلمون عن هذه الخصل الدنيئة التي لا تليق بالمسلمين.
فلذلك جعل عقاب المفسدين قاسيا، وهى القتل وهذه العقوبة الشديدة للمفسدين في الأرض بجميع صور الفساد، وأن التحذير منه جاء عاما في الآيات القرآنية، والتحذير من كل صور الفساد، فلم يخصص نوعا من أنواع الفساد، حتى يبتعد المسلمون عن جميع الصور، وأن الله تعالى جعل العاقبة الحسنى لمن ابتعد عن الفساد وكان أمينا مخلصا في هذه الحياة الدنيا، فالذين ابتعدوا عن الفساد بجميع صوره هم الذين لهم الدرجات العلى في الجنة، ونسأل الله ألا يحرمنا ذلك، فينبغي أن نتعاون جميعا على محاربة الفساد، وأن نجعله قضية اجتماعية، فإن البلاء إذا نزل يعم الصالح والطالح، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان قوم في أعلاها وقوم في أسفلها”
“فكان الذين في أسفلها إذا أرادوا الماء مروا على الذين في أعلاها، فقال الذين في أسفلها لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا بدل أن نؤذي مَن فوقنا” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “فلو أنهم تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعا، ولو أنهم أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعا” فعندما نسكت عن المفسدين ولا نبلغ عنهم ولا ننهاهم، ولا نرفع أمرهم ونتركهم ونسكت عنهم ونجاملهم فإن البلاء سينزل بنا جميعا، فينبغي ألا نجامل أحدا إذا رأينا مفسدا يستغل الوظيفة أو المؤسسة يحتال، يرتشي، أو يجامل، أو يسرق، أو يفعل أي صورة من صور الفساد أن نبلغ عنه معذرة إلى الله سبحانه وتعالى حتى لا ينزل بنا العذاب، فإن رأينا مفسدا، فينبغي أن نبلغ عنه بعد أن نتثبت ونتأكد أنه مفسد في وظيفته، أو أنه مفسد في مؤسسته، أو أنه مفسد في مسؤوليته.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *