Share Button

فى طريق النور ومع المختار الثقفى ( الجزء الثالث )
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع المختار الثقفى، وقد وقفنا عند شمر بن ذي الجوشن وهو القاتل الفعلي للحسين بن علي بن أبى طالب، وهو الذي حز راس الحسين وكان قائد الميسرة في جيش عبيد الله بن زياد، وقد قتل على يد المختار بن أبي عبيد الثقفي، ولما رؤوا عمر بن سعد في مواجهة الحسين، توجه شمر إلى كربلاء حاملا كتابا من ابن زياد إلى ابن سعد، يخيّره فيه بين حسم الأمر، أو ترك قيادة الجيش إلى شمر بن ذي الجوشن، وقد تولى شمر يوم الواقعة قيادة ميسرة الجيش، وبعد خروج المختار بن أبي عبيد هرب شمر من الكوفة بعد أن أعلن تمرده على المختار الثقفي، وكان شمر هاربا باتجاه البصرة التي كان فيها مصعب بن الزبير، فوصل قرية يقال لها علوج، فأرسل غلاما له ومعه كتاب إلى مصعب بن الزبير يخبره بقدومه اليه ومكانه ولكن كيان أبو عمرة، وهو أحد قادة جيش المختار الثقفي.

وقد عثر عليه في الطريق فعرف مكان الشمر فتوجه اليه فعندما وصل اليه خرج الشمر ومعه سيفه لقتال كيان أبو عمرة، فما زال يناضل عن نفسه حتى قُتل وقطع كيان أبو عمرة رأسه وأرسله إلى المختار الثقفي، وكان من قادة جيش الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب في معركة صفين لكنه تمرد عليه في حركة الخوارج الذين حاربوا عليا بعد ذلك في النهروان ثم تحالف مع بني أمية وقاتل معهم ضد الحسين بن علي وبقي مجاهرا ببغض علي بن أبى طالب، إلى أن قتل، وأما عن مصعب بن الزبير ابن العوام الأسدي القرشي، فكان هو أمير العِراقَين، وهو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وأخو الخليفة عبد الله بن الزبير، وقائد معركته ضد المختار بن أبي عبيد الثقفي، ويكنى أبو عيسى وأمه هي السيده الرباب بنت أنيف الكلبية، وكان يسمى آنية النحل لكرمه وجوده، وكان أميرا على العراق في خلافة أخيه عبد الله بن الزبير.

وقد قُتل في معركته أمام جيش بقيادة عبد الملك بن مروان، وكان الحجاج بن يوسف الثقفي يرافقه في الجيش، عند دير الجاثليق في جمادى الآخرة فى عام اثنين وسبعين من الهجره، وقد أمر الحجاج بن يوسف الثقفى، بقطع رأسه وبعث به إلى أخيه عبد الله بن الزبير في مكة، وكان عبد الله بن الزبير قد عزل في هذه السنة عن نيابة البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المعروف بالقباع، وقد ولاها لأخيه مصعب بن الزبير، ليكون ردا وقرنا وكفؤا للمختار الثقفى، ولما انهزم أهل الكوفة حين خرجوا على المختار فقهرهم وقتل منهم من قتل، فذهبوا إلى البصرة فرارا من المختار وكان المختار اتفق مع ابن الأشتر حين قتل ابن زياد واستقل بتلك النواحي، فأحرز بلادا وأقاليم ورساتيق لنفسه وقد بعث مصعب إلى محمد بن الأشعث بن قيس على البريد إلى المهلب بن أبي صفرة، وهو نائبهم على خراسان، فقدم في تجمل عظيم ومال ورجال.

وعَدد وعِدد، وجيش كثيف، ففرح به أهل البصرة وتقوى به مصعب، فركب في أهل البصرة ومن اتبعهم من أهل الكوفة فركبوا في البحر والبر قاصدين الكوفة وقدم مصعب بين يديه عباد بن الحصين، وجعل على ميمنته عمر بن عبيد الله بن معمر، وعلى الميسرة المهلب بن أبي صفرة، ورتب الأمراء على راياتهم وقبائلهم، كمالك بن مسمع، والأحنف بن قيس، وزياد بن عمر، وقيس بن الهيثم وغيرهم، وخرج المختار بعسكره فنزل المدار وقد جعل على مقدمته أبا كامل الشاكري، وعلى ميمنته عبد الله بن كامل، وعلى ميسرته عبد الله بن وهب الجشمي، وعلى الخيل وزير بن عبد الله السلولي، وعلى الموالي أبا عمرة صاحب شرطته، ولما انتهى مصعب إلى قريب الكوفة لقيهم جيش المختار فحمل عليهم جيش مصعب، فما لبث جيش المختار إلا يسيرا حتى هرب، وتحصن المختار بقصر الإمارة، فحاصره فيه مصعب أربعة أشهر.

ثم قتله في الرابع عشر من رمضان سنة سبع وستين من الهجره، وقيل أن من قتله رجلان شقيقان أخوان، وهما طرفة وطراف وهما ابنا عبد الله بن دجاجة، وهو من بني حنيفة، ووضعا رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير، فأمر لهما بثلاثين ألفا، وقد قتل مصعب جماعة من المختارية وأسر منهم خمسمائة أسير، فضرب أعناقهم عن آخرهم في يوم واحد، وقد قتل من أصحاب مصعب في الوقعة محمد بن الأشعث بن قيس، وأمر مصعب بكف المختار فقطعت وسمرت إلى جانب المسجد، فلم يزل هناك حتى قدم الحجاج فسأل عنها، وقال أبو مخنف، حدثني محمد بن يوسف أن مصعبا لقي عبد الله بن عمر بن الخطاب فسلم عليه فقال ابن عمر، من أنت؟ فقال أنا ابن أخيك مصعب بن الزبير، فقال له ابن عمر، نعم، أنت قاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة؟ عش ما استطعت، فقال له مصعب، إنهم كانوا كفرة سحرة.

فقال ابن عمر، والله لو قتلت عدلهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا، وأما عن المختار الثقفى، فقد ولد المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عفرة بن عميرة بن عوف بن ثقيف الثقفي، في الطائف في السنة الأولى للهجرة، وأبوه أبي عبيد الثقفي، وهو قائد المسلمين في معركة الجسر، وقد أسلم أبوه في حياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان صحابيا، وانتقل مع والده إلى المدينة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وقد استشهد والده في أثناء معركة كبيرة مع الفرس من ضمن الفتوحات الإسلامية وكان سن المختار ثلاث عشرة سنة ائنذاك، وكان مصاحبا لوالده وأخيه، وقد نشأ في المدينة متأثرا بالإمام علي بن أبي طالب وأصبح من محبيه، وقدعُرف عنه أنه كان فارسا شجاعا، وقد ورث هذا عن أبيه، ولكن قيل أنه يتهمه ابن كثير بأنه كان ناصبيا يبغض الإمام علي، بغضا شديدا.

والمختار بن أبي عبيد بن مسعود، أسلم أبوه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يره، فلهذا لم يذكره أكثر الناس في الصحابة، وإنما ذكره ابن الأثير في الغابة، وكان له من الولد صفية بنت أبي عبيد، وكانت من الصالحات العابدات، وهي زوجة عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكان عبد الله لها مكرما ومحبا وماتت في حياته، وكان المختار عند عمه بالمدائن، وكان عمه نائبها، فلما دخلها الحسن بن علي يوم خذله أهل العراق وهو سائر إلى الشام لقتال معاوية بعد مقتل أبيه علي، فلما أحس الحسن منهم بالغدر، فر منهم إلى المدائن في جيش قليل، فقال المختار لعمه لو أخذت الحسن فبعثته إلى معاوية لاتخذت عنده بذلك اليد البيضاء أبدا، فقال له عمه بئس ما تأمرني به يابن أخى، فما زالت الشيعة تبغضه حتى كان من أمر مسلم بن عقيل بالكوفة ما كان ، وكان المختار من الأمراء بالكوفة ، فجعل يقول، أما لأنصرنه، فبلغ ابن زياد ذلك فحبسه بعدما ضربه مائة جلدة، فأرسل ابن عمر إلى يزيد بن معاوية يشفع فيه، فأرسل يزيد إلى ابن زياد فأطلقه.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏جلوس‏‏‏
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *