Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

إن المداومة على الأعمال الصالحة يستمر بها العبد على الطاعة فلا ينقطع، ولا يكون كالشهاب العابر باليل يضيء ثم ينطفئ، ولكن استمرار في العبادة، نعم ليس مثل الاجتهاد في رمضان لكن ليس هناك انقطاع، لا يترك واجبات ولا يقع في المحرمات، وللمداومة على الأعمال الصالحة ثمار عظيمة فمنها دوام اتصال القلب بالله عز وجل، فيعطى القلب قوة وثبات، وتعلق بربه سبحانه وتعالى .

وإن المداومة على الأعمال الصالحة من صفات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فيجب الحث على المداومة على العمل ولنعلم أن قليله الدائم خير من كثير ينقطع وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة.

إن مما يعين على الاستمرار في العمل الصالح هو تجديد التوبة دائما وأبدا، ولزوم الاستغفار فإن في ذلك القوة والنشاط ، وأيضا ضمان بقاء العبد على العمل الصالح يحتاج إلى قوة قلبية وقوة جسدية ، وقوة في إيمانه، وقوة في أعضائه، وفي التوبة والاستغفار تحصيل ذلك .

وإن مما يُنشط العبد على العمل الصالح، ويقوده إلى الاستمرار فيه ، هو مطالعة أخبار الصالحين من سلف هذه الأمة ومن بعدهم ممن كانوا يتحملون أعمالا صالحة كثيرة ويداومون عليها، ولا يدعونها حتى في أحلك الظروف، وأصعب الساعات، قدوتهم في ذلك رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .

والمداومة على الأعمال الصالحة من خصائص عباد الله المؤمنين، فالمحافظة على الطاعات من صفات عباد الله المؤمنين فهم دائما في طاعة لربهم، وهي وصية من الله عز وجل، لخير خلقه الأنبياء، وفي المداومة على الأعمال الصالحة القيام بحقيقة العبودية، لأن الأصل فيما أمر الله به أن يفعل على الدوام ويحافظ عليه، ففي المحافظة تطبيق للأوامر وعمل بالنصوص وتعظيم لها وتعظيم لشريعة الله.

وإن العبد إذا نزلت به شدة يهرع إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هل يليق به أن ينسى الله في الرخاء ولا يعرفه إلا في الشدائد؟ وإن استمرار العبد على العمل الصالح كفيل بتخفيف كل شدة وإزالتها ، ولذا جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال: ” تَعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة“ رواه أحمد .

والاستمرار على العمل الصالح سبب لتهذيب النفس، وسموها على الشهوات، واستعلائها على الهوى، وحجزها عما لا يليق من المنكرات فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء“ رواه الترمذى .

ولم يقف الاستمرار في العمل الصالح عند حد الفرائض، بل تعدى ذلك إلى النوافل، فاستُحب للعبد أن يستمر فيها ولا يقطعها ، فعن السيده عائشة رضي الله عنها قالت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أحب الأعمال إلى الله -تعالى- أدومها وإن قلَّ“رواه البخارى ومسلم .

فعن السيده عائشة رضي الله عنها قالت : أن من صفات النبى الكريم صلى الله عليه وسلم هو المداومة على العمل الصالح فقالت: “ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة“ رواه مسلم

وإذا استمر العبد على العمل الصالح فحال بينه وبينه عذر كتب الله له الأجر كأنه قد عمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثلُ ما كان يعمل مقيماً صحيحا“، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا “ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كُتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة“ رواه أبو داود والنسائي.

وفي المداومة على العمل الصالح إغاظة للشيطان ، لأن عدو الله تعالى يحب تثبيط المسلم عن العمل الصالح، فإذا رآه يداوم عليه ويستمر فيه كان ذلك سببا لغيظه ، وإن المداومة على الأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة، فإن الله عز وجل، يجزي من يقوم بالأعمال الصالحة، ويداوم على فعلها، وإن كانت قليلةً بدخول الجنة.

ولنعلم جميعا أننا نحن في هذه الحياة نسير إلى ربنا، فكل يوم يقربنا من الآخرة، ويبعدنا من الدنيا ، فما أحوجنا في سيرنا إلى ربنا أن نقطع مراحل الطريق في سيرٍ متواصل غير منقطع، من غير كلل ولا ملل، ولا يكون ذلك إلا إذا استحضرنا طول الطريق، ولم نستنفذ الجهد كله في بعض مراحل الطريق، فاستبقينا جهدنا لبقية الطريق ، المهم أن نلزم الطريق ونواصل السير ولو كان فيه ضعف .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *