فى طريق النور ومع المشاركة فى بناء الأوطان “جزء 11 ”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عزيزى القارئ ونكمل الجزء الحادى عشر مع المشاركة فى بناء الأوطان، أما التغيير الداخلي للنفس فيحدث من خلال الإيمان والذي يعمل على تنشئة الأفراد على الصدق، والأمانة، والإخلاص، ومحاسبة النفس وضبطها، كما يؤهلهم لبناء حضارة ومجتمع مزدهر، ويعد الإيمان الأساس الذي تقوم عليه الحضارة لما يحدثه من آثار في حياة الإنسان، ويبين الإيمان حقيقة الوجود ويرسم غاية الحياة، وحقيقة التوحيد التي تمثل جوهر العقيدة التي يتم بناء الحضارة على أساسها، ويشكل الإيمان الوعي الجماعي للمجتمع الذي تقوم عليه الحضارة، فلكل دائرة حضارية نظرياتها المعرفية المحددة لخصائصها الجوهرية والتي تمنحها الهوية الثقافية والاجتماعية المتميزة.
كما أن الإيمان يبدأ بعملية إصلاح القلب والذي يتبعه صلاح في الأعمال، وبالتالي الانعكاس على قيام الحضارة المادية، ويقوم الإيمان على الوسطية في مبادئه والتي تعد سيرة المسلمين التي بنوا عليها حياتهم القائمة على العدل الذي يعد منطلقا للتغيير، والتعمير، والاستثمار، ويمكن القول إن الوسطية قاعدة أساسية من قواعد التحضر الإسلامي في مختلف الجوانب الفكرية، والسلوكية، والتعميرية، وبما أن الإيمان يعني المعرفة والتصديق والعمل فإن ذلك يعني تكامل العلم والعمل معا، مما يتيح للفرد أن يتطور ويحقق العمران في الأرض، وبالتالي البعد عن الفساد والإفساد فيها، وهذا يعني تحقيق الهدف من استخلافه، وإن الإيمان بالله وتوحيده هو المرجع والمبدأ.
الذي تنبثق عنه كافة المفاهيم والقيم التي تمنح الحضارة الإسلامية هويتها كما ويربط جميع مكوناتها لتصبح كيانا متكاملا، وقد ارتبطت علاقة التوحيد بجميع مظاهر الحضارة، حتى إن المسلمين قد اتخذوا التوحيد عنوانا لجميع أبحاثهم وأدرجوا الموضوعات الأخرى تحت لوائه، ويعتمد مبدأ التوحيد على الوحدة وليس التنويع لذلك نجد أن الحضارة الإسلامية لا تؤمن بوجود إلهين، الأمر الذي يصل بتأثيرات الحضارة الإسلامية إلى كل قانون وكل توجيه، أما مسؤولية الإنسان عن تصرفاته فتسمى بالتكليف، وفي التصور القرآني فإن كل شخص يمتلك حرية التصرف وهومسؤول عن أعماله، وعليه يجب على الإنسان أن يغير ما بنفسه من سوء.
وأن يتحمل المسؤولية لإحداث التحضر المطلوب، ويتم ذلك من خلال تثبيت العقيدة الصحيحة في النفس، وأن الإيمان يمنح الإنسان القوة التي تجعله يتحلى بالأخلاق الحميدة والتي تحرضه بدورها على الرقي والتقدم في الدنيا، كما يمكن القول أن الإيمان عامل حضاري يوجه إرادة الجماعات نحو المسار الصحيح ليزيدها عطاء وقوة، ويجعلها تبدع أكثر، وإن الحضارة تتنوع وتتباين مظاهرها حول العالم باختلاف الشعوب، وتختلف تعريفات الحضارة من مدرسة فكرية إلى أخرى، فيقول البعض إن الحضارة هي الثقافة، بينما يرى البعض الآخر أن الحضارة أعم وأشمل من مفهوم الثقافة لدى الشعوب، ولكن من المؤكد أن الحضارات تتكون من.