Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع المفهوم الشامل للوطن، وعن سعيد بن زيد، قال صلى الله عليه وسلم ” من قتل دون مظلمته فهو شهيد ومن قتل دون أرضه فهو شهيد ” ولما خرج رسول الله صلي الله عليه وسل مهاجرا من مكة إلى المدينة، وكما روي عنه فقد وقف علي الحزورة وهو سوق، ونظر إلى البيت وقال صلى الله عليه وسلم ” والله إنك لأحب أرض الله إلي وإنك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك ” رواه الترمذي والنسائي، ورغم فساد أهلها وظلمهم له ومحاربتهم لدعوته ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم يعطينا درسا في الانتماء فيقول في رواية أخري صلى الله عليه وسلم ” ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك “
قاله لمكة، رواه الترمذي، وهذا يشير إلى مدي حب رسول الله صلي الله عليه وسلم لبلده مكة المكرمة موطن ولادته ونشأته وفيها البيت الحرام ولأنها منزل الوحي ولأن بها الأهل والأقربين ولأن بها مآثر نبى الله إبراهيم عليه السلام والرسول صلي الله عليه وسلم كان حين يذكر أحد الصحابة مكة أمامه تذرف عيناه بالدمع ويقول له صلى الله عليه وسلم ” دع القلوب تقر ” فهو عندما خرج من مكة خرج حزينا مكلوماً فبشره ربه سبحانه وتعالى كما فى سورة القصص قائلا ” إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ” وقد جاء في تفسير القرطبي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة مهاجرا فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأوحى الله إليه هذه الآية.
ولما أصبحت المدينة هي دار دولة الإسلام أحبها كما أحب مكة، فإذا كان في سفر فاقترب من المدينة أسرع في سيره كما ذكر البخاري في صحيحه أنه إذا كان في سفر فأبصر المدينة أوضع راحلته أي أسرع , وفي الحديث دلالة على مشروعية حب الوطن والحنين إليه، وإن مفهوم التضحية هو بذل الغالي الرخيص وهو يختلف من شخص لآخر تبعا لما يعتقده الإنسان ويتعلق به، فتجد أن الإنسان إذا أحب شيئا ما فإنه يضحي من أجله، فهذا عروة بن الزبير لما تعلق حب الله في قلبه ضحي بقطع ساقه وهو ساجد حتى لا يغفل قلبه عن ذكر الله لحظة فالمحب يهيم في محبوبه حتى لا يكاد يرى غيره، ويروى أن قيس بن الملوح مجنون ليلى تابع كلب ليلى ليدله.
فمر على قوم يصلون، وعندما عاد مارا بهم قالوا له ترانا نصلي ولا تصلي معنا ؟ قال كنتم تصلون ؟ قالوا نعم، فقال والله ما رأيتكم، ولو كنتم تحبون الله كما أحب ليلى ما رأيتموني، فهذا مشغوف بحب ليلى حتى حجبه حبها عن رؤية المصلين، ونرى أن الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين كانوا دائما يضحون بأرواحهم فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا نابع من حبهم له، ففي طريق الهجرة كما ذكر ابن القيم في زاد الميعاد، والبيهقي في الدلائل ” أن أبا بكر الصديق ليلة انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الغار، كان يمشي بين يديه ساعة، ومن خلفه ساعة، فسأله، فقال أذكر الطلب يعنى ما يأتي من الخلف، فأمشي خلفك.
وأذكر الرصد أى المترصد في الطريق، فأمشي أمامك، فقال صلى الله عليه وسلم ” لو كان شيء أحببت أن تقتل دوني؟ ” قال أي والذي بعثك بالحق، فلما انتهيا إلى الغار قال مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فاستبرأه ” وهذا زيد بن الدثنة قال له أبو سفيان حين قدّم ليقتل ” أنشدك بالله يا زيد، أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك ؟ قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذى هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنى جالس في أهلى، فقال أبو سفيان ” ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا” وهذا صهيب صاحب المال الوفير في مكة ضحى بماله من أجل الهجرة ورفع راية الإسلام.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *