Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس عشر مع الهجرة النبوية المباركة، وكان الصحابى الجليل أبى بكر الصديق رضى الله عنه، كان مستعدا استعدادا عائليا، فقد أهل بيته لقبول فكرة الهجرة، وأخذ القرار ببساطة مع أنه سيترك خلفه في مكة بنات صغارا، وكان مستعدا استعدادا ماليا، فقد ادخر خمسة آلاف درهم للإنفاق على عملية الهجرة، ولتأمين الطريق أخذها بكاملها عند خروجه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يترك لأهله شيئا من المال، ولكنه ترك لهم كما اعتاد أن يقول “تركت لهم الله ورسوله” فهذا رجل يعيش للقضية الإسلامية، حياته كلها في خدمة هذا الدين، أوراقه كلها مرتبة لمصلحة الإسلام، أولوياته واضحة، أهدافه جلية، طموحاته عالية.
فهذا هو الصديق أبو بكر رضي الله عنه، فقد جلس الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر يخططان لأمر الهجرة، يحسبان لكل خطوة حسابها، فوضعا معا خطة بارعة توفر أفضل الفرص للنجاة، وأنه سيخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته في أول الليل، ويأتي إلى الصديق في بيته وذلك لتجنب الحصار الذي سيفرض حتما على بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت الصديق رضي الله عنه جزءا من الليل، حتى تهدأ الحركة في مكة تماما، وهنا سيأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق الراحلتين وينطلقان في الرحلة، وسيكون الخروج من بيت الصديق من خلال خوخة أى فتحة في خلف البيت.
لأنه من المحتمل أن تكون هناك مراقبة لباب البيت، فقد يتوقع المشركون أن يخرج الصديق وهو الصاحب الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم معه إلى الهجرة، وستتم الهجرة إلى المدينة عن طريق ساحل البحر الأحمر، وهو طريق وعر غير مألوف لا يعرفه كثير من الناس، وليس هو الطريق المعتاد للذهاب إلى المدينة، وذلك حتى يضمنوا الاختفاء عن أعين المشركين، وسيتم استئجار دليل يصحبهم في هذه الرحلة لأن الطريق غير معروف، والضياع في الصحراء أمر خطير، ولا بد أن يكون هذا الدليل ماهرا في حرفته، أمينا على السر، وفي الوقت ذاته لا يشك المشركون في أمره، وقد اتفق الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصديق.
على أن يكون هذا الرجل هو عبد الله بن أريقط، وهو من المشركين وهذا في منتهى الذكاء، فالمشركون لن يشكوا مطلقا في أمره إذا رأوه سائرا في خارج مكة، وهو في الوقت ذاته رجل أمين يكتم السر، وهو رجل في النهاية صاحب مصلحة، فقد استؤجر بالمال، ولا شك أن أجرته كانت مجزية، وأنه سيتجه الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضى الله عنه في أول الهجرة إلى الجنوب في اتجاه اليمن لمسافة خمسة أميال كاملة أي حوالي ثمانية كيلو مترات، وهي مسافة كبيرة، مع أن المدينة في شمال مكة وليست في جنوبها، ولكن ذلك إمعانا في التمويه لأن المشركين إذا افتقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا شك أنهم سيطلبونه في اتجاه المدينة وليس في اتجاه اليمن.
وأنه سيتم الذهاب إلى غار ثور في جنوب مكة، وهو غار غير مأهول في جبل شامخ وعر الطريق، صعب المرتقى، وسيبقيان في هذا الغار مدة ثلاثة أيام كاملة، ولن يتحركا في اتجاه المدينة إلا بعد انقضاء هذه الأيام الثلاثة، حين يفقد أهل قريش الأمل في العثور عليهم، فيكون ذلك أدعى لأمانهم، وسوف يتركان الراحلتين مع عبد الله بن أريقط الدليل، على أن يقابلهما عند الغار بعد الأيام الثلاثة، وأنه سيقوم عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بدور المخابرات الإسلامية في هذه العملية الخطيرة، فهو سيذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه كل يوم بأخبار مكة، وتحركات القرشيين، وردود الأفعال لخروج الرسول صلى الله عليه وسلم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *