Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الهدف من تكوين الأسرة، ولقد قرن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله بالتطبيق العملي ليكون فيه خير قدوة، وأكرم أسوة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها، فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه، فقال “إن المرأة تقبِل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة، فليأتى أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه” ومعنى تمعس منيئة “تدلك المدبغة” أي تدبغ جلدا، وهذا فعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وما فعله إلا تبيانا وإرشادا لأصحابه لما ينبغي فعله تحصينا لأنفسهم، وتطهيرا لقلوبهم، حفاظا على صحتهم.
فالعلاقة الزوجية هي علاقة خاصة بين الرجل والمرأة، وسر من أسرار الله سبحانه وتعالى وآية من آيات الله يجدها آية مَن يفكر فيها ويتدبر من أراد أن يتزوج، والزواج فيه مودة ليست من نوع مودة الآباء والأولاد، ولا نوع من المودة التي توجد بين الأصدقاء، وكذلك الرحمة الخاصة بين الزوجين هي غير الرحمة التي يجدها الناس الآخرون بل إن المودة والرحمة هي نوع خاص بين الزوجين لا يجدها من يتصل الاتصال غير الشرعي، ويقول علماء النفس إن الاتصال غير الشرعي بين الرجل والمرأة يتم فيه اتصال الجسد بالجسد، ولا يتم فيه اتصال مباشر بين الروح بالروح لأن الزانية تعطي بُضعها ولا تعطي قلبها وجسدها، ولتتم السعادة لا بد من الاتصال الجسمي والروحي معا.
ولهذا فالاتصال غير الشرعي اتصال ناقص، وكما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على بناء الأسرة حتى لو لم يتحقق اليسر، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تزوجوا النساء فإنهن يأتينكم بالمال” رواه الحاكم، فالحديث يدل على معنى البركة والخير الذي يعطيه الله سبحانه وتعالى لمن تزوج، إذ الزواج باعتباره حصنا منيعا للزوجين من الوقوع في الفاحشة، فهو معين على تقوى الله ومخافته، والتي هي سبب كل خير الإنسان وأصل كل فضيلة، فالدعوة إلى الزواج وبناء الأسر أمر ضروري، حتى لو كان كل من الرجل والمرأة عندهما مال يستغني به عن الآخر فالزواج فيه الاستقرار والسكينة المساعدة لتحقيق الهدف الاقتصادي.
والإسلام يعتبر الأمة الإسلامية أمة واحدة، لا يحول بينهم وبين هذه الوحدة حائل من لون أو جنس أو لغة، ويبذل في سبيل تجسيد هذه الوحدة كل الوسائل، فإنه يتخذ من الحض على الزواج من غير الأقارب وسيلة يتحقق منها ما لا يتحقق بزواج الأقارب الذين لهم صلة الرحم، ولعل من الحكمة في تعدد الزوجات هو توثيق عُرى الود والحب في المجتمع المسلم بالمصاهرة والنسب إذ الذين ارتبطوا بروابط النسب يكون تماسكهم وتساندهم وتآلفهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، أو كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، والأسرة تقوم بتربية أولادها على الفضائل الاجتماعية، ويتطبع بها الأفراد كبارا وصغارا على أساس المبدأ القرآني.
حيث قال الله تعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب” وخير قدوة في تحقيق هذا الهدف الاجتماعي من تكوين الأسرة هو الرسول صلى الله عليه وسلم فقد تزوج بالسيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وتزوج بحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وبهذا ارتبط بصاحبيه الكبيرين برابط المصاهرة، فعزز الأخوة الإسلامية لهما في الله بالمصاهرة، وأيضا زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية لعثمان رضي الله عنه فلما توفيت عقد له على شقيقتها أم كلثوم، وزوّج ابنته فاطمة رضي الله عنها لابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *