Share Button
فى طريق النور ومع الوفاء والتضحية “الجزء الرابع “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع الوفاء والتضحية، وإن من الوفاء أن تعطي كل ذي حق حقه فتحسن الرعاية والتربية لأولادك، وتكون دائم النصح والتوجيه لهم ولزوجك، ومن الوفاء أن ترشد الحائر وتهدي الضال وتعين المحتاج وتغيث الملهوف وتواسي المنكوب وتفرج كربة المكروب، فإنما المؤمنون إخوة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وإنما كانت درجات الوفاء على هذا الترتيب أولا مع الله ثم مع نفسك، ثم مع الناس لأنه من لم يرزق الوفاء مع الله ولا مع نفسه فلن يكون وفيا مع غيره من باب أولى، ومن أوجب الواجبات في الوفاء لغيرك أداء الدين إلى الدائن لاسيّما عند حلول الأجل، فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه.
ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله” بل يخبرنا في حديث آخر بأن من تزوج امرأة على مهر وخدعها ولم يعطها حقها لقي الله يوم القيام وهو زان، ومن أخذ دينا ثم خدع صاحبه وما طله فلم يعطه حقه لقي الله يوم القيامة وهو سارق” فإن من تدبر في كتاب الله جل في علاه ومن نظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد أن الأوامر تأتي بالإقدام على الفضائل والنهي عن الرذائل، وما تسود أمة من الأمم إلا إذا كانت تبذل لأجل منهجها ولأجل دينها ولأجل ملكها ولأجل أن تسود على الناس إلا إذا كانت تبذل وتضحي في سبيل ذلك، ومن تأمل في التاريخ ونظر في الأمم التي كانت قبل الإسلام وجد هذا الأمر ظاهرا، لذا من تأمل أيضا في سير الأنبياء.
وجد أن التضحية والبذل في سبيل الدين كان أمرا ظاهرا بينهم، ولا يمكن أن تسود أمة من الأمم إلا إذا كان هذا الأمر ظاهرا، سواء كانت التضحية بالمال أو بالجاه أو بالنفس والدم أو بمفارقة الأهل والولد أو البذل للوقت والجهد والخبرة وغير ذلك، فانظر مثلا إلى ما حكاه الله عز وجل لما ذكر سبحانه سيرة نبي الله نوح عليه أفضل الصلاة والسلام فقال تعالى فى سورة نوح ” قال رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى إلا فرارا، وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا” فكان يضحّي بوقته وجهده وفراق أهله وبلده وولده لأجل أن يعلي راية الله تعالى، ولقد قص الله تعالى علينا في كتابه أخبار من الأمم السابقة.
فقص الله تعالى قصة السحرة الذين أقبلوا إلى فرعون أقبلوا إليه لاهثين راغبين في المال والجاه، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين، قال نعم وإنكم لمن المقربين” فلما ألقوا حبالهم وعصيهم وحاولوا أن يظهروا سحرهم ألقى موسى عليه السلام عصاه فإذا هي حية تسعى، إذا هي حية تلقف ما يأفكون، فجعل فرعون يهددهم بأنواع التهديد فإذا بالتضحية في سبيل الله تعالى، وبذل النفس والروح لأجل أن تعلى كلمة الله تعالى ولأجل أن ترفع راية الدين والتوحيد تكون هي الظاهرة في قلوبهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما “كانوا في أول النهار سحرة فجرة وصاروا في أخر النهار شهداء بررة”إنه التضحية في سبيل هذا الدين.
ولا نعني إذا قلنا التضحية أنها التضحية فقط بالجهاد أن يضحي المرء بوقته فلولا أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه ضحى بوقته فكان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رضي الله عنه”إنكم تقولون أكثر أبا هريرة” يعني جاءنا بأحاديث كثيرة لا نعرفها ولا نحفظها، قال “وإن إخواني من الأنصار كانت تلهيهم بساتينهم ومزارعهم عن طلب الحديث، وإن إخواني من المهاجرين كان يلهيهم الصفق بالأسواق عن طلب الحديث وكنت امرأ فقيرا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يلزمه لا يفارقه كل الوقت معه يضحي بوقته في سبيل حفظ الحديث للأمة “كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على شبع بطني” إذا وجدت ما آكله في ذلك اليوم يقيمني فإني ألزم النبي صلى الله عليه وسلم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *