Share Button
فى طريق النور ومع الوفاء وحفظ الجميل ” الجزء الثالث”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع الوفاء وحفظ الجميل، وإن الوفاء أخو الصدق والعدل، والغدر أخو الكذب والجور، وذلك أن الوفاء صدق اللسان والفعل معا، والغدر كذب بهما لأن فيه مع الكذب نقض العهد، والوفاء يختص بالإنسان، فمن فقد فيه فقد انسلخ من الإنسانية كالصدق، وقد جعل الله تعالى العهد من الإيمان، وصيره قواما لأمور الناس، فالناس مضطرون إلى التعاون ولا يتم تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء، ولولا ذلك لتنافرت القلوب، وارتفع التعايش، ولذلك عظم الله تعالى أمره فقال تعالى فى سورة البقرة ” وأوفوا بعهدى أوفى بعهدكم وإياى فارهبون” وقال الله تعالى فى سورة النحل ” وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم” والصدق في الوعد وفي العهد من الفضائل الخلقية.
التي يتحلى بها المؤمنون، والكذب في الوعد وفي العهد من الرذائل الخلقية التي يجتنبها المؤمنون، ويشترك الوعد والعهد بأن كلا منهما، إخبار بأمر جزم المخبر بأن يفعله، ويفترقان بأن العهد يزيد على الوعد بالتوثيق الذي يقدمه صاحب العهد، من أيمان مؤكدة، والمواعدة مشاركة في الوعد بين فريقين، والمعاهدة مشاركة في العهد بين فريقين، فيعد كل من الفريقين المتواعدين صاحبه بما سيفعل، ويعاهد كل من الفريقين المتعاهدين صاحبه بما سيفعل، وقد وصف القرآن الكريم الذين يوفون بالعهد بأحسن الصفات فقال تعالى فى سورة البقرة ” والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون”
وقال تعالى فى سورة آل عمران ” بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين” وإن نقض الميثاق يؤدي إلى سوء السلوك والأخلاق، فقال تعالى فى سورة المائدة ” فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم” واستمرارا لورود العهد والميثاق في مجال بناء الأمة على الأخلاق السامية يأمر الله عباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بعدد من الوصايا التي تكون جيلا ذا خلق رفيع، ثم يختم تلك الوصايا الخالدة بقوله سبحانه فى سورة الأنعام ” وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون” فالوفاء بالعهد، ضمانة لأداء تلك الأوامر، واجتناب ما ورد من نواهي.
ومن ثم يكون الانقياد والطاعة وحسن الخلق، وإخلاف العهد نقض للعهد، ينحط بصاحبه إلى أسوأ البشر أخلاقا وبخاصة إذا كان العهد مع الله فإن المتصف بتلك الصفة ينتقل من مجتمع الصادقين المتقين إلى تجمع المخادعين الكاذبين من المنافقين، فيقول تعالى فى سورة التوبة ” فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون” وإنه لا غنى للإنسان في حياته من معاملة إخوانه ومعاملتهم له، فهو بحاجتهم وهم بحاجته، ومع هذه المعاملة في الأخذ والعطاء والجلساء والخلطاء تقوم عهود ومواثيق وتنبثق اتفاقات ومواعيد، وكل هذه جوانب أخلاقية وقيم إنسانية لابد من مراعاتها والوفاء بها، وإن الوفاء بالعهد قيمة إنسانية وأخلاقية عظمى.
ترسي دعائم الثقة في الأفراد، وتؤكد على التقارب في المجتمع، وإلا فقدت الثقة وحلت الخيانة مكان الأمانة، وانتقضت بذلك عرى الصدق والثقة، ولم يبقى للكلام قيمة، وتتعسر حينئذ على الناس معيشتهم، فإن الوفاء بالعهد أدب رباني كبير، وخلق نبوي حميد وسلوك إسلامي نبيل، وأمر الله به في كتابه الكريم فقال تعالى ” وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها” وقد جعل الله صاحبها مسؤولا عنها يوم القيامة فقال تعالى ” وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا” وإن ما ينشئه الناس بينهم من عقود وعهود ووعود ليس كلاما إنشائيا، ولكنها قيم ومبادئ لا يجوز بحال من الأحوال نكثها وإخلافها، ولو أدى ذلك إلى الإضرار به وإيقاع الأذى.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *