Share Button
فى طريق النور ومع الوفاء وحفظ الجميل ” الجزء الرابع”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع الوفاء وحفظ الجميل، وإن ما ينشئه الناس بينهم من عقود وعهود ووعود ليس كلاما إنشائيا، ولكنها قيم ومبادئ لا يجوز بحال من الأحوال نكثها وإخلافها، ولو أدى ذلك إلى الإضرار به وإيقاع الأذى، ولو كان فيه حتفه وقطع رقبته، ولذا يقال “وعد الحر دَين” ولذلك كان في مقدمة أولئك الوافين بالعهود الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهذا الخليل إبراهيم جاء وصفه في القرآن الكريم نديا رطبا بهذه الصفة الجليلة، حيث قال تعالى ” وإبراهيم الذى وفى” نعم، وفى حين ابتلاه الله بكلمات من الأمر الإلهي فأتمهن، وفى حين قدم ولده إسماعيل قربانا تنفيذا لأمر الله تعالى، وفى حينما ألقي في النار فصبر ابتغاء مرضاة الله وثباتا على دين الله تعالى.
وكان الوفاء بالوعد صفة إسماعيل عليه الصلاة والسلام حينما عطر الله ذكره فقال تعالى “واذكر فى الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا” وانظر إلى تقديم هذه الصفة الكريمة على الأخبار بأنه رسول نبي، فإنها صفة حينما يفقدها البشر يلتحقون بعالم الوحوش الذين لا يعيشون إلا في الغابات، وإن الوفاء أولا قيمة إيمانية قبل كل شيء، وإن الوفاء بالعهد هو قيام المسلم بما التزم به، سواء كان قولا أم كتابا، ولا يبرأ إلا بالوفاء به، وعندما يخلف عن قصد يخرج عن نطاق الإيمان ويقع في دائرة النفاق، فعن أنس ابن مالك رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” رواه احمد.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان” رواه البخارى ومسلم، وإن العهد ينقسم إلى قسمين، هو عهد الله مع الناس، وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما “كل ما أحل الله وما حرم وما فرض في القرآن فهو عهد” فالإيمان الفطري عهد أخذه الله علينا ونحن في عالم الغيب، فقال تعالى “وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم وذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا” وكذلك فإن الإحسان بالقول والفعل عهد، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة عهد، والعدل مع النفس والأهل والزوجة والناس عهد، فقال تعالى ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى”
وإن نشر العلم وبيانه عهد، فقال تعالى “وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه” فقال قتادة “هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم، فمن تعلم علما فليعلمه الناس، وإياكم وكتمان العلم فإن كتمان العلم هلكة” وكذلك فإن بيع النفس والمال بالجنة في الجهاد في سبيل الله عهد، حيث قال تعالى ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراه والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله ” فقال شمر بن عطية “ما من مسلم إلا ولله عز وجل في عنقه بيعة، وفى بها أو مات عليها” ثم تلا هذه الآية، وجملة القول أن العهد بين الله وبين خلقه على عبادته وطاعته، وهي أمانة حملها الإنسان.
فقد قال الله تعالى “إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وخملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” وهكذا فإن العهد قسمان عهد مع الله وعهد مع الناس، فأما العهود التي بين الناس بعضهم بعضا فهي كثيرة يختارها الناس، فهي مواثيق وعهود ووعود والتزامات بحاجة إلى الوفاء، وإلا اختلت موازين التعامل والمعاشرة بين الناس، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيمة الوفاء، وضمن الجنة لمن أداه، فقال صلى الله عليه وسلم “اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم” رواه أحمد والحاكم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *