Share Button
فى طريق النور ومع حق الوطن والمشاركه فى بنائه ” الجزء الرابع”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع حق الوطن والمشاركة فى بنائه، وإن حب الوطن يكون بالسعي لتطويره وتقدمه، ويكون هذا السعي للعلم وطلبه بجد واجتهاد، والاختراعات والاكتشافات التي يقوم بها أبناء الوطن لرفعته ونصرته ووضع اسمه في المقدمة، ويكون حب الوطن بالحفاظ على مقدراته وآثاره وتاريخه، وعدم التسبب بأي إيذاء لأي شيء فيه، فالحفاظ على ثرواته يضمن أن يظل واقفا في وجه أي اعتداء خارجي، وحبه أيضا يكون بالأمانة في العمل، وحمايته من أي فساد داخلي في المجتمعات، وعدم احتكار أي معلومة من الممكن أن تفيده أو أي من أبنائه، ولا يشعر بقيمة الأوطان إلا من عاش في غربة بعيدا عنه، فالوطن هو الأهل والأصدقاء والجيران.
وهو المكان الذي تبدأ فيه الذكريات من سن الطفولة إلى سن الشباب وحتى الشيخوخة، ويشعر كل من ينتمي إليه بالرغبة في أن يُدفن في ترابه حتى لا يُغادره أبدا، وكذلك فإن غياب حب الوطن في قلوب الآباء يجعل من الأبناء يقلدون آباءهم ويتأثرون بهم، فيتربى جيل ناكر للجميل، ولا يعرف من بلاده إلا اسمها، ويبقى شعاره الأبدي هو تمني الرحيل والسعي للهجرة عنه إلى بلاد غريبة، ومن لا يحب بلاده ولا ينتمي إليها فلن يستطيع حب البلاد الغريبة التي لم تقدم له شيئا، فالأوطان ليس مجرد مكان يولد فيه الإنسان ويدفن فيه، وهي ليست مجرد تراب وأشجار، بل هو كمية هائلة من المشاعر التي خلقت فيه ومعه، ودون حبها والانتماء إليها يظل الإنسان تائها.
لا يستطيع أن يحدد وجهته في الحياة، وليس غريبا أن تقال في حب الوطن آلاف القصائد، وأن تكتب فيه آلاف القصص والروايات، فالجميع يدرك أن حبه لا يتساوى مع غياب هذا الحب، ومن أراد أن يكسب القلوب فعليه دائما أن يعزف على قيثارة حبه لبلاده، وألا يغيب هذا الحب في أفعاله، فالفاسد والمرتشي والسارق والمهمل في عمله وطلب العلم كلهم أشخاص يغيب حب أوطانهم عن قلوبهم حتى لو أنكروا ذلك، فحبه يظهر في حرص الجندي على حراسة حدوده، وفي حرص الطبيب على أن يعالج أبناء وطنه، وفي مواظبة المعلم على تدريس أبنائه، وكل من يدّعي حبه ولا يمارس هذا بالأفعال هو في الحقيقة يدّعي هذا الحب.
وإن أخطر ما يمكن تصوره هو أن يكون حبه مجرد فكرة لم تنضج في بعض القلوب، لهذا يجب أن يجدد الجميع حبه والولاء والانتماء له في كل صباح، وأن يكون الحرص عليه كما الحرص على أعز الأشياء وأثمنها، لأن الوطن هو الأغلى والأثمن، وهو الذي تفتديه الأرواح قبل القلوب، وليكن الشعار دائما أن يكون أولا ودائما في المقدمة، وألا يفقد مكانته أبدا مهما دارت الأيام وتبدلت الأحوال والظروف، والوطن هو الخيمة الكبيرة التي يستظل بها الجميع، وهو الشجرة المثمرة التي تمنح أبناءها أطيب الثمار دون كلل أو ملل، وهو السماء العالية التي تحتضن كل مواطن، لهذا فإن حبه واجب تفرضه الإنسانية أولا والانتماء الحقيقي ثانيا.
لهذا فإن من واجب الأم والأب والمعلمين وجميع أفراد المجتمع تعليم حب البلاد للأطفال حتى يكبروا على هذا الحب، ويكونوا مستعدين للدفاع عنه وفدائه بالروح والمال والدم، وغرس الانتماء في داخلهم، وهذا لا يكون بالقول فقط، بل يجب أن يظهر الجميع القدوة الحسنة أمام الأطفال في الدفاع عن أوطانهم التي تمثل كرامتهم، وإن من يُحب وطنه يسعى لأن يدافع عنه بكامل قوته، ولا يكون الدفاع عن الوطن فقط بحمل السلاح والمرابطة على حدوده لحمايتها من الأعداء والجيوش المحتلة، بل يكون الدفاع عنه بمنع انتشار الفساد والفتن فيه، والسعي لأن يكون الوطن حصنا منيعا في وجه كل اعتداء، فهو الجنة التي يجب أن تحاط بالأسوار العالية.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *