Share Button

فى طريق النور ومع رأفة بالشباب ” الجزء الرابع ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع رأفة بالشباب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، قالوا يا رسول الله وإن كان فيه، قال “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه” ثلاث مرات، هذا وفي منع المرأة من تزويجها بكفئها ثلاث جنايات، جناية الولي على نفسه بمعصية الله ورسوله، وجناية على المرأة حيث منعها من كفئها الذي رضيته، وجناية على الخاطب حيث منعه من حق أمر الشارع بإعطائه إياه، وإذا امتنع الولي من تزويج موليته بكفء رضيته سقطت ولايته وصارت الولاية لمن بعده الأحق فالأحق كما قال أهل العلم رحمهم الله، وقالوا إذا تكرر منه هذا صار فاسقا ناقص الإيمان والدين، حتى قال كثير من أهل العلم لا تقبل شهادته ولا تصح إمامته ولا ولايته ولا جميع أفعاله وتصرفاته التي يشترط لها العدالة، وإن أهم مظاهر البعد الاقتصادى للإسراف في المهور وتكاليف الزواج يتجلى فى المبالغة في المهور المتمثلة في الشروط المالية الثقيلة.

التي جعلت من العروس سلعة تجارية وميدانا للتفاخر والمزايدات، وكذلك المبالغة في بطاقات الزواج وكروت الأعراس، وكذلك المبالغة فى الهدايا المتنوعة، وإن المبالغة في المهور مصيبة أكثرت من العوانس والعزاب، إذ هى حجرة عثرة في طريق الزواج وجمع الرؤوس في الحلال، كما تجرّ المبالغة في المهور الأقساط والديون على الزوج وأهله، وتوقعه في مزيد من الاستدانة لشهور طويلة، وإذا كانت المغالاة في المهور قبل الزواج سببا لإعراض كثير من الرجال والشباب عن الزواج، فإنها بعد الزواج ربما تكون سببا للمشاكل والشقاق والخلافات الزوجية، وربما جرّت إلى الطلاق ومشاكل الانفصال، وتكون النهاية المؤسفة تشرد وتفكك وانهيار اجتماعي وأخلاقى، ومما يؤسف له، أن لا مقارنة بين ما كان عليه سلفنا الصالح من تيسير للمؤونة وقلة الكلفة والمساعدة المالية والمعنوية، وما نحن عليه اليوم من إسراف وتبذير ومغالاة وتفنن في النفقات والمصروفات والأقساط والديون.

وأنه ينبغي التأكيد عليه إرشاد النبى عليه الصلاة و السلام من أن خير النساء والزوجات وأعظمهن بركة أيسرهن مؤنة وكلفة ومهرا، وكما يتجلى البعد الاقتصادى للإسراف في حفلات الزواج فى إقامة الأفراح في الفنادق والصالات الخاصة رغم غلاء الأسعار، ويلحظ أن الإقدام على الاستئجار في تزايد، حتى أصبحت صالات الأفراح والفنادق ميدانا للسرف والبطر والمباهاة، والمبالغة فى لباس العروس وطرحتها وفستانها حيث تنفق الأموال الطائلة في أمور كمالية ترفية غير ضرورية، وأيضا التنويع فى الأطعمة في مناسبات الزفاف وإن مآل كثير من الأطعمة والأشربة القمامة، ومازلنا نجد عند أغلب الأسر حتى ذات الدخل المحدود تصرفات لا مبرر لها سوى العادات والهوى والتقليد والمباهاة، احتفالات مكلفة، وملابس للنساء والأطفال بأسعار باهظة، وبنود استهلاكية تثقل كاهل ميزانية الأسرة، وخاصة الزوجين وهما في مقتبل حياتهما الأسرية، وما ذلك إلا لتلبية دواعي الاستعراض الاجتماعى وحب التقليد والمباهاة.

والظهور الاجتماعي والمحاكاة، ومما ينبغى التأكيد عليه، هنا، أن الإسلام لم يشرع في نفقات عقد الزواج سوى المهر المعقول للمرأة، والوليمة المناسبة للعرس، وإكرام الضيوف بما يناسب الحال، ولقد ازدادت مشكلة غلاء المهور، حتى صار الزواج عند بعض الناس من الأمور الشاقة والمستحيلة، وبلغ المهر في بعض البقاع حدا خياليا، لا يطاق إلا بجبال من الديون التي تثقل كاهل الزوج، ويؤسف كل غيور أن يصل الجشع ببعض الأولياء أن يطلب مهرا باهظا من أناس يعلم الله حالهم، لو جلسوا شطر حياتهم في جمعه لما استطاعوا، فيا سبحان الله، أإلى هذا المستوى بلغ الطمع وحب الدنيا ببعض الناس؟ وكيف تعرض المرأة المسلمة سلعة للبيع والمزايدة وهي أكرم من ذلك كله؟ حتى غدت كثيرات من العوانس مخدرات في البيوت حبيسات في المنازل بسبب ذلك التعنت والتصرف الأرعن، وهذا عبد الرحمن بن عوف وهو من أغنى أهل المدينة، والذي توفي عن أربعة وستين مليون دينار، تزوج على وزن نواة من ذهب.

صاحب الملايين تزوج على وزن نواة من ذهب، والصحابة الكرام رضوان الله عليهم كانوا يمهرون ملء الكف من الدقيق أو السويق أو التمر، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل” ولقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على المغالين في المهور، فقد جاءه رجل يسأله فقال يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على أربع أواق من الفضة، فقال النبي “أوّه، على أربع أواق من الفضة؟ كأنما تنحتون الفضة من عُرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك” ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” هذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خالفه بعض الأولياء هداهم الله، فخانوا الأمانة التي حُملوها في بناتهم بمنعهن من الزواج من الأكفاء دينا وخلقا وأمانة، فقد يتقدم إليهم الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية، وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية.

يسألون عن ماله، وعن وظيفته، وعن وجاهته ومكانته، ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته، بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع أن يعرض ابنته سلعة للمساومة وتجارة للمزايدة والعياذ بالله، وما درى هؤلاء المساكين أن هذا عضل وظلم وخيانة، ألم يسمع هؤلاء بالقصص الواقعية لضحايا هذه الظاهرة؟ ألم يقرؤوا الرسائل المؤلمة المفجعة التي سطرتها دموع هؤلاء؟ إنها صرخة نذير في آذان الآباء والأولياء، ورسالة عاجلة إليهم أن يتداركوا شرفهم وعفتهم وعرضهم قبل فوات الأوان، فأين الرحمة في قلوب هؤلاء الأولياء؟ وكيف لا يفكرون بالعواقب؟ أيسرّهم أن تلطخ سمعتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟ سبحان الله، كيف يجرؤ مسلم غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد إلى ما شاء الله؟ ولو عقل هؤلاء لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان رضي الله عنهم أجمعين، وهذا سعيد بن المسيب رحمه الله.

سيد التابعين يزوج تلميذه أبا وداعة، فإن الإسلام لم يشرع في نفقات العقد والزفاف سوى المهر للمرأة، والوليمة لحفلة العرس، وإكرام الضيف بما يناسب الحال، أما ما عداها من الهدايا والنفقات، كغرفة النوم وأثاث البيت والملابس والمال الذى يعطى لأب العروس وإخوتها وعمها وخالها، فهي ليست فرضا واجبا، وليس من شروط العقد والنكاح في شيء أبدا، ومن أراد أن يكرم على العروس فليكرم عليها من ماله، أإلى هذا المستوى أصبحنا تبعا للعادات والتقاليد الجاهلية؟ فيا خير أمة أخرجت للناس، لم يشرع فى الزواج إلا المهر، فمن أين جاءت تلك التكاليف الباهظة؟ ذهب، غرفة نوم، ملابس، أثاث بيت، هدايا لأقارب العروسين، فإنها آلاف الجنيهات هي تكاليف الزواج عندنا، كل هذا على من؟ على عامل بسيط، يعمل يوما ويقف عن العمل أياما، أو على موظف معاشه لا يكفي لحاجاته الضرورية، فكيف سيوفر آلاف الجنيهات؟ وكم سنة يحتاجها لتوفير هذا المبلغ؟ فإنهم شباب فقراء مساكين في مجتمع لا يرحم.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *