Share Button

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء السابع مع رسالة المرض إلى الإنسان، وإن المرض سببا للدعاء واللجوء والانكسار بين يدي الله عز وجل، حيث قال الله تعالى “فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون” وكم من أناس أعرضوا عن اللجوء إلى الله والدعاء والانكسار بين يدي الله عز وجل، فمرضوا فلجأوا الى الله خاشعين منكسرين، فأهل التوحيد إذا أصيبوا ببلاء أو مرض صبروا ولجأوا إلى الله تعالى وحده واستعانوا به وحده جل جلاله، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل “إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة” رواه البخاري، وقوله تعالى فى الحديث القدسى “ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة” رواه البخاري.
ومعنى احتسبه أي صبر على فقده راجيا الأجر من الله سبحانه وتعالى، فتأملوا البلاء العظيم عند نبى الله أيوب عليه السلام فقد ابتلاه الله عز وجل في أهله وماله وولده وجسده لله حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه ومع هذا كله كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله ولم يشك حاله إلا إلى الله جل وعلا، وبعد سنين من البلاء والمرض رفع يديه إلى الله تعالى بكل ذل وانكسار كما قال الله تعالى “رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين” فجاء الجواب من الجواد الكريم كما جاء فى سورة الأنبياء” فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين” وقال الله تعالى فى سورة ص “إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب”
وهاهو عروة بن الزبير رضى الله عنه من أفاضل التابعين وأخيار التابعين، كان له ولد اسمه محمد من أحسن الناس وجها، دخل على الوليد في ثياب جميلة فقال الوليد هكذا تكون فتيان قريش، ولا دعا بالبركة فقالوا أنه أصابه بالعين، فخرج هذا محمد بن عروة بن الزبير من المجلس فوقع في اصطبل للدواب فلا زالت الدواب تطأه حتى مات، ثم مباشرة وقعت الآكلة في رجل عروة وقالوا لابد من نشرها بالمنشار وقطعها حتى لا تسري لأماكن الجسد فيهلك، فنشروها فلما وصل المنشار إلى القصبة، أى وسط الساق، وضع رأسه على الوسادة فغشي عليه ثم أفاق والعرق يتحدر من وجهه وهو يهلل ويكبر ويذكر الله، فأخذها وجعل يقلبها ويقبلها في يده وقال.
“أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أنني ما مشيت بك إلى حرام ولا إلى معصية ولا إلى ما لا يرضي الله” ثم أمر بها فغسلت وطيبت وكفنت وأمر بها أن تقدم إلى المقبرة، لما جاء من السفر بعد أن بترت رجله وفقد ولده قال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، ولما قالوا نسقيك شيئا يزيل عقلك؟قال إنما ابتلاني ليرى صبري، ورفض، وهاهو أبوقلابة التابعي الجليل ممن ابتلي في بدنه ودينه، وأريدعلى القضاء وهرب إلى الشام فمات بعريضة وقد ذهبت يداه ورجلاه وبصره وهو مع ذلك حامد شاكر وعندما سئل على ماذا تحمد فقال الم يعطني لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وبدنا على البلاء صابرا، وإن من فوائد المرض أيضا أن الله تعالى يخرج به من العبد الكبر والعجب والفخر فلو دامت للعبد أحواله.
لتجاوز وطغى ونسي المنتهى لكن الله سلط عليه الأمراض والأوجاع وخروج الأذى والريح ليعلم أنه ضعيف، فالعبد يجوع كرها ويمرض كرها ويموت كرها ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فمن اكنت هذه طبيعته فلماذا يتكبر ولماذا يتغطرس، فيقول تعالى فى سورة الانفطار “يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك” ويقول تعالى فى سورة المعارج ” كلا إنا خلقناهم مما يعلمون” وقال ابن القيم رحمه الله “لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا أو آجلا” ومن فوائد المرض معرفة العبد ذله وحاجته وفقره إلى الله فأهل السماوات والأرض محتاجون إليه سبحانه فهم الفقراء إليه فهو الغني سبحانه ولولا أن سلط على العبد هذه الأمراض والبلايا لنسي نفسه ونسي خالقه.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *