Share Button

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع رسالة المرض إلى الإنسان، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله” وقال الله تعالى فى سورة إبراهيم ” يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد” ومن فوائد المرض أن فيه مساواه تامة، فهي سنة الحياة فلا يفرق المرض بين غني ولا فقير ولا يعرف فقيرا ولا عزيزا والناس سواء والمرض لابد للجميع، حيث يقول الله تعالى فى سورة الحجرات ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير” ومن فوائد المرض أنه يهمس في قلوبنا قائلا بنيتك يا ابن ادم ليست من الصلب والحديد بل من مواد ضعيفة قابلة للتحلل والتفسخ.
فدع عنك الغرور واعرف عجزك وتعرف على أصلك وافهم وظيفتك في الحياة الدنيا، فالمرض يجعلك تتأمل فيمن ابتلاهم الله بأشد منك فيجعلك هذا تصبر وتحمد الله على ما أنت فيه وترضى بما قسمه الله لك، ولقد كان الصالحون يفرحون بالمرض والبلاء ويعدونه نعمة كما يفرح الواحد منا بالرخاء فقال صلى الله عليه وسلم “وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء” ولما كان الأنبياء والصالحون هم أحب الخلق إلى الله تعالى كان بلاؤهم أشد من غيرهم فعن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قال، قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال صلى الله عليه وسلم “الأنبياء ثم الأقل فالأقل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه.
وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة” رواه الترمذي، وهذا كان سيد الخلق أجمعين كان أشد الناس بلاء حيث يشتد عليه المرض أكثر من غيره حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله” رواه البخاري ومسلم، وقال أبو سعيد رضى الله عنه دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك؟ قال “إنا كذلك يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجرة، قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال الأنبياء، قلت ثم من؟ قال الصالحون إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر.
حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها أى يجمعها، وإن أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء” وهكذا بينما الإنسان معافا قويا شديدا عتيدا إذا بمرض يعل صحته ويقلل حركته، ويكدر صفو حياته، وهذه سنة الله تعالى في هذا الكون لا يثبت على حال ولا يدوم على شأن أحد، إلا الله سبحانه وتعالى، فليس هناك راحة أو عافية أو طمأنينة للمؤمن تامة، إلا في الجنة، لا يفنى شباب ويهرم، بل يصح وينعم ولا يبأس، فيا من ابتلاك الله تعالى بشيء من هذه الأمراض، فوّض أمرك إلى الله، واعلم أن ذلك مقدر عليك، وأنه زيادة في حسناتك ورفعة لك في درجاتك، وتخفيفا لك من سيئاتك، فالصبر وارضى واحمد الله واشكر الله، فإن العاقبة بإذن الله حميدة في الدنيا والآخرة.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن” وعليك أخي المريض أن تسعى بالتداوي بما شرع الله إما بالعلاج بالرقية الشرعية من القرآن والأدعية المأثورة، أو بأخذ الأدوية والعقاقير الطبية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تداووا عباد الله” وقيل له يا رسول الله، أرأيت رقًى نسترقيها ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من أمر الله شيئا؟ فقال صلى الله عليه وسلم “هي من أقدار الله” فالأخذ بالأدوية والعلاج، لا ينافي التوكل على الله، ولا ينافي الرضا بقدر الله، فهي من فعل السبب، وفعل السبب مأمور به.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *