Share Button

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع رسالة المرض إلى الإنسان، فالأخذ بالأدوية والعلاج، لا ينافي التوكل على الله، ولا ينافي الرضا بقدر الله، فهي من فعل السبب، وفعل السبب مأمور به، فقد مرض نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فصبر واحتسب وتداوى، وسحر ووعك، وأصابه الصداع في رأسه، وكسرت رباعيته، وشج وجهه الشريف، فثعب الدم منه، فكان لسان حاله شاكرا لله ذاكرا له، وأخذ بأسباب التداوي، وقد كان صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه يجمع كفيه، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، وقرأ عليه جبريل عليه السلام المعوذتين حينما سحر، وكما عليك أيها المؤمن المصاب عدم التداوي بما حرم الله تعالى، كإتيان السحرة والكهنة، والعرافين والمنجمين.
أو التداوي بالخمرة، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنها داء وليست دواء” وإن من الأمور المهمة التي ينبه لها المريض هي الصلاة، فيا أخي المريض عليك بالمحافظة على الصلاة، فلا يجوز ترك الصلاة مهما كانت الأسباب، حتى ولو لمرض أو غيره، إلا إذا كانت تشق عليه الصلاة في وقتها، فيجوز له أن يجمع بين الصلاتين، كما يجوز له أن يصلي على الوضع الذي يستطيعه، فإن لم يستطع قائما فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، ولا تترك الصلاة على أي حال، فلم يعذر الله أحدا في هذه الفريضة حتى الذين يقاتلون وهم تحت ضرب السيوف، فقد شرع الله لهم صلاة الخوف، ولم يعذرهم، فالصلاة هي الركن الركين، وهي عمود الدين.
وهي الفريضة الوحيدة التي شرعت في السماء، وهي التي لا عذر لأحد بتركها، واعلموا أن من آداب الإسلام أن يعود المسلم أخاه المسلم إذا مرض، ويتفقد حاله تطييبا لنفسه، ووفاء بحقه، وإن عيادة المريض من أفضل القرب إذا أريد بها وجه الله تعالى، فقد قال الله سبحانه في الحديث القدسي “يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، فقال كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عودوا المريض وفكوا العاني وأطعموا الجائع” رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم “إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع، قيل يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟
قال جناها” رواه مسلم، وعليك أخي المسلم أن تنتبه ما دمت في زمن المهلة، فقدم من الأعمال الصالحة، واجتهد فيما يقربك إلى الله عز وجل، فإنه إذا جاء الأجل لا يستأخر الإنسان ساعة ولا يستقدم، فيقول تعالى “ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون” فإن نوبات المرض مفاجئة وليست بالخادعة، لكنها مباغتة، تأتينا على غير موعد منتظر على الإطلاق، هي حانية لكنها مؤلمة، هي مضعفة لكنها معلمة، تعطي دروسا في التوبة، لم نكن نفهمها إلا ونحن مرضى، وفوق كل هذا وفوق كل اعتبار وكل ظن، لا ينبغي أن ينظر للمرض على أنه سلاح فتاك بالصحة، بالعكس فله جانبه الإيجابي جدا في أننا ونحن مرضى تتوقف بنا رحلة الحياة لنرتاح.
لأن الرحلة في حد ذاتها تتعب ولديها كل الحق في أن تتعب، هذه الرحلة هي جسد الإنسان وروحه ومعنوياته وتفاعله مع المحيط، وتجاوبه مع الخير والشر، إذن حينما تتوقف الرحلة هي إشارة حمراء أن الكل تعب في تَعاطيه وانسجامه مع نواميس الحياة، الجسم منهك والروح ملت، والقلب يبلى كما يبلى الإيمان، فلا بد من تجديد في ظلام المرض، لكنه فيما بعد يحمل بشائر الخير، وأولاها استعادة الصحة والعافية أحسن من ذي قبل، فهل فعلا فهمنا معادلة المرض؟ فإن في قطار الحياة مرارة عيش نستسيغها بنوع من التحدي والمقاومة، لكن صداها أصبح لا يصل إلى العقول والقلوب، فينال منا التعب والملل واليأس، لكنه ليس يأسا من الله بقدر ما هو يأس سببه قسوة الأحباب.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *