Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع ركائز الأمن المجتمعى، وإن من مقومات المجتمع الصالح وجود التعاطف والتوادد بين أعضائه، فكل فرد فيه يحمل كما هائلا من العاطفة نحو الفرد الآخر ينظر إليه كما ينظر إلى نفسه، يسدده بالنصيحة إذا كان محتاجا لها، ويقدم له المال عند العوز، ويعرض عليه خدماته كلما ألمت به الحاجة، وهذه صفة المجتمع الإسلامي في تواده و تراحمه كالجسد الواحد يعضد بعضه بعضا خلافا للمجتمعات المادية التي يعيش كل فرد فيه عالمه الخاص الذي لا يمت بأية صلة بعالم الآخرين، لا جسور بينهم ولا تواصل كالجزر المتناثرة في بحر مظلم، فنحن بإزاء نوعين من المجتمعات النوع الأول تسوده المحبة والأمن والاستقرار.
والثاني مجتمع مفكك كل فرد فيه يعيش على حساب آلاخر، يقتات من عرق جهده متجاوزا على حقوق غيره ففي هذا المجتمع لا نشتم رائحة الأمن ولا نحس بوجود المشاعر الانسانية، فالنوع الأول هو المجتمع الإسلامي الذي قال عنه الإمام على رضى الله عنه “الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه” وقال أيضا “أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم” وهو مجتمع يبادر كل فرد فيه بتقديم العون لأخيه قبل أن يتفوه ويطلب حاجته كما قال الإمام على رضى الله عنه “لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف حاجته” فإذا كان محور المجتمع هو الإحسان حتى للمسيء فكيف ستكون حالته عند الرخاء والمحبة والاستقرار.
وكيف سيكون حال المجتمع الذي يصبح كل فرد فيه خادما للآخر يتطوع لخدمته بكل مشاعره متلذذا بها ويستأنس عندما يأمره أخوه بأمر فيلبي له حاجته بشغف ومحبة، فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروا ما أنتم فيه من النعمة العظيمة أمن في الأوطان، وصحة في الأبدان، ووفرة في الأرزاق، ومن حولكم يتخطفون في البلاد، تسلط عليهم الأعداء، وشتتوهم، وفرقوهم، وحرضوا بعضهم على بعض، فأصبحوا في فوضى واضطراب، الله أعلم ما تنتهي إليه، فاشكروا نعمة الله عليكم، ويتلخص الشكر على هذه النعمة في ثلاثة أمور بينها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال “إن الله يرضى لكم ثلاثًا، أن تعبدوه ولا تشرك به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم” رواه مسلم.
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم “ثلاث لا يغلوا عليهن قلب مسلم، إخلاص العمل لله، والنصيحة لولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فهذه الأمور الثلاثة هي التي تجمع لكم الخير كله، وتحفظ عليكم هذه النعمة” والأمر الأول هو أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وهذا ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم من الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواءه، فيقول تعالى ” وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” وكما قال سبحانه وتعالى ” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا” وهذا أساس الأمر، وهذا أساس الدين، وهذا أساس الأمن والاستقرار، فما اجتمع العرب بعد الجاهلية والتفرق والتشتت، ما اجتمعوا إلا على كلمة التوحيد لا إله إلا الله قولا وعملا واعتقادا.
وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وحبل الله عز وجل هو القرآن والسنة، وتتمسكوا بالكتاب والسنة قولا وعملا واعتقادا، كما أحله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحللناه، وما حرمه الله ورسوله حرمناه، فالله عز وجل أنزل علينا الكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم جاءنا بالسنة الصحيحة التي ترسم لنا الطريق، وتبيّن لنا المنهج السليم الذي نسير عليه في حياتنا، ولا نرجع إلى القوانين الوضعية الطاغوتية التي تفرق ولا تجمع، التي تضلل العقول، التي تفسد العقائد تنشر الكفر والإلحاد لا تمنع من كفر ولا من إلحاد، هذه هي القوانين الوضعية الذي وضعها البشر من تلقاء أنفسهم، الله لا يرضاها لنا، بل شرع لنا أن نطيع الله ورسوله بالكتاب والسنة، فقال تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *