Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع ركائز الأمن المجتمعى، فقال الله تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” فإن التفرق عذاب، والاختلاف عذاب، والفرقة عذاب، كما حدثت فيما حولكم الآن تفرقهم واختلافهم وتناحرهم وأصبحوا لا يقر لهم قرار، كل يوم لهم رأي، كل يوم لهم خطة تناحرون يتقاتلون وهكذا، لأنهم تركوا الاعتصام بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأطاعوا أعدائهم، والتفرق آفة وعذاب، ولهذا شرع الله تعالى لنا الاجتماع، وربانا عليه بالصلوات الخمس في صلاة الجماعة، وفي صلاة الجمعة، وفي صلاة العيدين، والكسوف، والاستسقاء، والحج والعمرة، كل ذلك نؤديه جميعا مع إخواننا المسلمين لنتربى مع الاجتماع والتعارف والتآلف والتعاون على البر والتقوى.
إن الكفار يريدون أن يفرقوا بيننا، وأن يلقوا العداوة بيننا لأنهم يعلمون أننا إذا اجتمعنا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أننا نفسد عليهم خططهم ومناهجهم التي يرسمونها لنا، فلماذا؟ نأخذ خطط الكفار ومناهج الكفار التي يرسمونها لنا، ونترك ما رسمه الله تعالى لنا ورسمه لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن هذا إلا ذهاب للعقول، وضياع للأمر، فعلينا أن نتمسك بكتاب الله وسنة رسوله جميعا، وأن لا نتفرق فيما بيننا، لأن المسلمون كالجسد الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا، فسبحان الله القائل ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب” فعن جميل عن أبي عبد الله رضى الله عنه قال.
سمعته يقول “المؤمنون خدم بعضهم لبعض” قلت وكيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال”يفيد بعضهم بعضا” فتلك خصائص المجتمع الإسلامي، حيث يشعر كل فرد فيه أنه ليس لوحده بل هناك الآلاف ممن يعيشون معه على أرض واحدة، وهو محتاج لهم كما هم محتاجون إليه وان أي ضعف في جزء من هذا المجتع سيؤثر سلبا على الجزء الآخر، فعلى هذه الروح قام التكافل الاجتماعي كأروع ما يكون في التاريخ البشري، فإن إحساس كل عضو في المجتمع أنه لا يعيش لوحده بل يعيش مع الجمع، فلابد من بناء قواعد سليمة للعلاقة معهم تقوم على أسس من القيم الإنسانية تدفع بأعضاء المجتمع إلى الإندماج في بوتقة واحدة.
وتخطي الحالة الفردية إلى الحالة الجماعية ويصبح الفرد منتميا إلى المجتمع بدلا من أن يكون منتميا إلى ذاته، يأخذ بأخلاق المجتع ويسلك سلوكه، يتغنى بأعياده ويحزن بأيامه السوداء، وهذا هو التعايش بأبهى صوره الذي يريده منا الإسلام من خلال الكثير من تعاليمه ومبادئه فقد قال الله تعالى ” يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من اخوانه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره وإن كان مريضا عاده، وكان صلى الله عليه وسلم يقول”أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض” وأكثر من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش”
فهناك فائدة كبيرة من المداراة إنه ينقذ نفسه من المخاطر التي تهدده نتيجة علاقاته الاجتماعية المتوترة فإن دار الناس تأمن غوائلهم وتسلم من مكائدهم، والدفع باتجاه التعايش هو جزء من الاستراتيجية الاجتماعية في الإسلام فعندما يقول ” ليس شيء أدعى لخير وأنجى من شر من صحبة الأخيار” وكأنه يريد لهذا المجتمع أن يتحول أفراده إلى صالحين من خلال معايشته لهم المعايشة الإيجابية باقتفاء أثرهم والأخذ بأخلاقهم وسلوكهم الصالحة، فاتقوا الله وكونوا بررة متحابين في الله متواصلين متراحمين، ولما كان المجتمع من حيث الغنى والفقر على درجات وطبقات وكان لابد من معايشة أضعف هذه الطبقات ضمانا للأمن الاجتماعي.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *