Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله شيث بن آدم عليهما السلام، وقد قفنا عن ما يؤمن به الصابئة بأن شريعتهم الصابئة الموحدة تتميز بعنصري العمومية والشمول، فيما يختص ويتعلق بأحكامها الشرعية المتنوعة، والتي يرون أنها عالجت جميع جوانب وجود الإنسان، على أرض الزوال، ودخلت مفاهيمها في كل تفاصيل حياة الإنسان، ورسمت لهذا الإنسان نهجه ومنهجيته فيها، وعندهم إن الإنسان الصابئي المؤمن التقي يدرك تماماً، أن القـوة الغيبيه هي التي تحدد سلوكه وتصرفاته، وكلمة الصابئة إنما مشتقة من الجذر صبا، والذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، غط أو غطس في الماء وهي من أهم شعائرهم الدينية وبذلك يكون معنى الصابئة أي المصطبغين بنور الحق والتوحيد والإيمان.

وأما عن كلمة مندائي فهي آتية من جذر الكلمة الآرامي المندائي مندا، وهو بمعنى المعرفة أو العلم، وبالتالي تعني المندائي العارف أو العالم بوجود الخالق الأوحد، وفي حين يرجع اللغويون العرب كلمة الصابئة إلى جذر الفعل العربي صبأ، المهموز، وتعني خرج وغير حالته، وصار خلاف حاد حول اصل الكلمة أهو عربي من صبأ أم آرامي صبأ وممكن أن تعطي معنى كلمة الصابئي أيضا، أي الذي خرج من دين الضلالة واتحد بدين الحق، فمن الممكن جدا أن هذه الكلمة كانت تعبر عن فترة من التاريخ عندما كان الناس يتركون أى يصبأون، ديانتهم الوثنية، ويدخلون الدين المندائي الموحد، أو الذين دعوا بالاحناف، وبما أن المندائيين ولغتهم ليسوا عربا فقد أخذ العرب هذه التسمية.

وذلك لتكون صفة مميزة لهم وخاصة قبل الإسلام، وأضف إلى ذلك ان هذه التسمية قديمة ولها أصولها في اللغة العربية، وكما أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأتباعه دعوا بالصابئة، عندما جهروا بدعوتهم لأول مرة في مكة ودعوا إلى الإله الواحد الأحد، فدعاهم مشركي مكة بالصابئة، وترتكز الديانة الصابئية على خمسة أركان أساسية هي التوحيد بالحي الأزلي واحد أحد، والصباغة والتطهر، والوضوء والصلاة، الصوم، الصدقة والزكاة، والتوحيد بالحي الأزلي، هو الشهادة والتوحيد، وهي الاعتراف بخالق الكون، واحد أحد، لاشريك لأحد بسلطانه، وكما حارب الدين الصابئي الشرك وأيضا ليس له أب يكبره سنا، وما من أحد قبله كان قد أصبح الأول في ولادته وليس له أخ.

ولا شريك له بملكه ولا منازع له في عرشه وسلطانه، والتوحيد في الدين الصابئي، وهو يعني أن الله مسبح اسمه محل عبادتنا، ومحل طاعتنا وولاءنا له، هو ذات واحدة، لا شريك لها في قدرتها وقرارها وقضاءها، وهو الذي يصرّف أمورنا كيف ما يشاء، لذلك يجب أن يكون انتسابنا لديننا الصابئي الحنيف، متأتياً من خلال قناعتنا وإيماننا بقدسيته، والتصديق بخالقه الحّي القيوم الواحد الأحد، ولاتكون عقيدة عند الإنسان الصابئي، إلاّ إذا آمن بتوحيد الله الحي القيوم في كل شيء، وهذا ما ذكرته الكتب الصابئية في مجمل نصوصها، وأما عن الصباغة والتطهير، فالصباغة وهو يعتبر من أهم أركان الديانة الصابئية واسمهم مرتبط بهذا الطقس وهو فرض عين واجب على الصابئي.

وهو يرمز للارتباط الروحي بين العالم المادي والروحي والتقرب من الله، و كما هو ثابت في الصابئية الغراء هي طقس الدخول من العالم السفلي إلى العالم العلوي وهو عالم النور، وقيل “اصبغوا نفوسكم بالصبغة الحية التي أنزلها عليكم ربكم من أكوان النور، والتي اصطبغ بها كل الكاملين المؤمنين، ومن وسم بوسم الحي، وقد ذكر اسم ملك النور عليه، ثم ثبت وتمسّـك بصبغته وعمل صالحا، فلن يؤخره يوم الحساب مؤخر، ويجب أن يتم في المياه الجارية والحية لأنه يرمز للحياة والنور الرباني، وللإنسان حرية تكرار الصباغة متى يشاء حيث يمارس في أيام الآحاد والمناسبات الدينية وعند الولادة والزواج أو عند تكريس رجل دين جديد، وأما عن شيث بن أدم.

فقيل أنه ولد شيث عندما كان عمر آدم مائه وثلاثين سنة، وكان شبيها بأبيه آدم، ولكن لا يوجد ذكر لشخصية شيث في القرآن الكريم، حيث تذكره الأحاديث النبوية والتقاليد الإسلامية على أنه الابن الثالث والبار لأبويه آدم وحواء، ويرى على أنه هبة من الله عز وجل لعبده آدم بعد صبره على فقدان هابيل، وقد ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية، أن شيث نبي كأبيه آدم، وقد حمل رسالة الدعوة بعد وفاة والده إلى البشرية، ويصنفه بين آباء ما قبل الطوفان الصالحين من أبناء آدم، وتشير بعض المصادر أن شيث قد تلقى الصحف الأولى المذكورة في سورة الأعلى من القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى ( إن هذا لفى الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى ) ويذكر الطبري، وأئمة آخرون.

أن شيث قد دفن آدم، ودفن معه النصوص المقدسة في قبر آدم وقيل هو قبر الكنوز، ويبين الأدب الإسلامي أن شيث وُلد عندما تعدى عمر آدم المائة سنة، وأن آدم عيّن شيثا لحمل أعباء الرسالة وقيادة أبناء آدم الأولين، وقيل أن شيث عليه السلام، أوتي الحكمة فعلم موعد الطوفان العظيم، وطريقة آداء الصلاة الليلية، ويعود نسب البشرية حسب اليهودية والمسيحية والإسلام إلى شيث، حيث لم يخلف هابيل أي بنين، وأبناء قابيل لقوا حتفهم في الطوفان العظيم، وتذكر الروايات أيضا أن عدة حرف تقليدية إسلامية، تعود إلى شيث، مثل صناعة الأمشاط من قرون الحيوانات، ويؤدي شيث دورا كبيرا في التصوف، وقيل أن موقع قبر نبى الله شيث في بلدة النبي شيث في جبال وادي البقاع في لبنان.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *