Share Button
فى طريق النور ومع صاحب مدرسة الرأى فى الفقة “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع صاحب مدرسة الرأى فى الفقة، والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم ” من تعلم علما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة” وهذا تحذير نبوي شديد من الاسترزاق بالعلم وجعله وسيلة للوصول إلى المناصب والدرجات في الدنيا، والعجيب في سيرة هذا الإمام العظيم أن محنته وسبب وفاته هو عزوفه عن المناصب، وهربه من زخارف الدنيا، تأبى عليه نفسه أن يكون مطيّة للسلاطين والحكام، عازفا عن الاشتراك في أمور قد تضعه في مواطن الفتن والشبهات، وتلك الخصال الرائعة كانت من أهم أسباب محنته التي نزلت به.
فقد طلبه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور لمنصب القضاء وألح عليه، فرفض الإمام بشدة، وعندها خيره بين منصة القضاء، أو غياهب السجون، فاختار أبو حنيفة السجن، متمثلا بقول نبى الله يوسف عليه السلام “رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه” وفي السجن المشدد عانى أبو حنيفة من التضييق والتهديد بالقتل يوما بعد يوم، وكان أبو حنيفة وقتها على مشارف السبعين، قد وهن جسده وحطمته دروس العلم، وسؤالات الطلبة، ومع ذلك لم يتراجع أبو حنيفة عن قراره، ولم ينل من عزيمته شيء، ولكن وإن صمد قلبه وثبتت نفسه وروحه وعزيمته فإن جسده الواهن لم يصمد كثيرا، فتوفي الإمام أبو حنيفة في سجنه في رجب سنة مائة وخمسين من الهجرة.
وصعدت روحه إلى بارئها وهي في قيود من ظلموه، ليختصم كل من اشترك في دمه أمام المحكمة الإلهية، فهذه سيرة الإمام العظيم والعالم الرباني الذي أسس أول مدرسة فقهية وعلمية في الإسلام، فواجب على كل مسلم أن يقتدي بهذا الإمام، وأن يستفيد من سيرته العطرة، ويقتبس من علمه وأخلاقه وورعه وعبادته، فهؤلاء هم القدوات الحقيقية، والرموز التي يجب أن نحتفي بها ونقدرها، ونعلم أبناءنا سيرتهم وحياتهم، فهؤلاء هم آباؤنا ومصدر فخرنا، وإن الحديث عن العظماء من العلماء ليس أمرا سهلا، فمهما اجتهدت لتستوعب حياة أحدهم فسيعجز قلمك، ويقصر علمك، بل قد يغيب عنك الكثير، سيرة العظماء من العلماء الأوائل هي القدوة المثلى،.
وإبرازها تحفيز لفتياننا وفتياتنا للإفادة منها، ولئلا يلتفتوا لأمور هزيلة هابطة لا وزن لها في الحياة ولا قيمة لها في التاريخ، فهذا هو الإمام الجليل أبو حنيفة النعمان، فقد نشأ محبا للعلم مغترفا منه، ارتفع ذكره، وملأ الأرض علمه، وهو الإمام التابعي الجليل النعمان بن ثابت، الذى ولد في الكوفة سنة ثمانين من الهجرة ، وكان أبوه ثابت من أهل التقوى والصلاح اشتغل بتجارة القماش أدّب ابنه وسار به مسار العلماء بتعليمه، وقد ذهب ثابت إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو صغير ودعا له بالبركة فيه وفي ذريته، والتقى أبو حنيفة بستة من الصحابة، وروى عن خلق كثيرين من علماء التابعين وتتلمذ على يديه كبار العلماء.
وارتحل إلى البصرة إحدى وعشرين مرة فخصم المعتزلة والدهريين بالكلام وناظرهم وفضح أمرهم وأقام عليهم الحجة حتى أصبح أشهر متكلمي أهل السنة في زمانه، ومع هذا كله كان يختم القرءان في شهر رمضان ستين ختمة، وروى أنه داوم على قراءة القرءان في ركعة من الصلاة ثلاثين سنة وكان يصلي في كل ليلة ربعمائة ركعة، والإمام أبو حنيفة داخل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم” لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من فارس” لأنه كما هو معلوم فارسي الأصل، وسريان سر الحديث في أبي حنيفة أمر ظاهر ذلك أنه رضي الله عنه اشتهر بالدفاع عن عقيدة أهل السنة فألف كتبا عدة في بيان العقيدة الصحيحة منها الفقه الأكبر وهو كتاب مشهور.
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏‏جلوس‏، ‏منظر داخلي‏‏‏ و‏نص مفاده '‏‎REDMI NOTE 9 PRO AI QUAD CAMERA‎‏'‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *