Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إنه لا شك أن الأمور تعرف بمقاييسها، ومدى صلاحها من فسادها، وقوتها من ضعفها، وعلوها من سفلييها، وإن أمر الإيمان لدى المسلم لمعرفة قوته من ضعفه، ومن اضمحلاله من فقده، ويعرف بمقاييس الأعمال والأقوال والمطالب الشرعية فبناءا على ذلك، فإن كل مسلم يعرف من نفسه ما لا يعرفه غيره، وما هي إلا موازين متى ثقلت به كفتها الى الخير فهو من أهل الخير، فيقول الله تعالى ( ومن خفت موازينه فألئك الذين خسروا أنفسهم ) وإن أعظم المقاييس الشرعية، هى مقياس الصلاة، ولذلك جعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بقية الأعمال قبولها من عدمه مترتب على قبول الصلاة من عدمه، فقال صلى الله عليه وسلم ” إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ”

” فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر ” فإن انتقص من فريضته شيء قال الله عز وجل: ” انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك ” رواه الترمذي والنسائي، وأما عن صلاة العصر، فهي الصلاة المفروضة الثالثة في اليوم وهي صلاة سرية كصلاة الظهر، وعدد ركعاتها أربع ركعات، وقد أختلف العلماء في المراد يقول الله تعالي (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) فما هي الصلاة الوسطى ؟ حتى أوصلها ابن حجر إلى عشرين قولاً،
وأقواها قولان هما، إنها العصر، وهو قول الأحناف، وقول بعض المالكية، والشافعية، والحنابلة وداوود وابن حزم، وهو قول بعض الصحابة والتابعين.

وصححه المصنف، والقول الثاني، إنها الصبح، وهذا قول مالك وأهل المدينة، وقول الشافعى وجمهور أصحابه، وفى فضل صلاة العصر، قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ” من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله” وقال العيني في كتابه عمدة القاري شرح صحيح البخاري، والترك هنا لا خلاف فيه أن معناه هو إذا كان عامداً، وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : (الذي تفوته صلاة العصر كأنما وَتِر أهلَه وماله) أي :” كأنما وتره اللَّه أهله وماله، بمعنى نقصه اللَه كل أهله وكل ماله، أو نقصه الله في أهله وماله ” وقال صلى الله عليه وسلم : ” من صلى البردين دخل الجنة ” متفق عليه، والبردان هما الفجر والعصر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

” لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها” ولقد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة، وبعدد ركعات يصل إلى سبع عشرة ركعة، حيث تعتبر هذه الصلوات على رأس قائمة الفروض في الشريعة الإسلاميّة، وهي الواسطة الأهم في الاتصال ما بين العبد وربه، وبالتالي التخفيف من حجم المعاناة النفسية التي تثقل كاهل الإنسان خلال تعاملاته اليومية المتعددة، وخلال رحلة السير في الأرض التي اختص الله بها الجنس الآدمي دوناً عن غيره، ومن بين هذه الصلوات الخمس تلك الصلاة التي تأتي في المنتصف، والتي تدعى باسم صلاة العصر، وهي من الصلوات الهامة، والتي ورد في أهمية الحفاظ عليها العديد من الآثار الشريفة الهامة.

وهي لا تختلف عن باقي الصلوات من حيث طريقة الأداء، ومن الفضائل الجليله والعظيمه ينادى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : “من صلى الصبح فهو في ذمة الله ” وقال صلى الله عليه وسلم : ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ” متفق عليه، وفى توقيت الاصلاه أنه عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق”

” ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر وما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسِك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان ” رواه مسلم، وعن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فقال له : “قم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال : قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب فقال : قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر حين برق الفجر، أو قال : ” سطع الفجر ” ثم جاءه من الغد للظهر فقال : قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال : قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه”

” ثم جاءه العصر فقال : قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال : ” ثلث الليل ” فصلى العشاء، ثم جاءه حين أسفر جدا فقال : قم فصله، فصلى الفجر، ثم قال : “ما بين هذين الوقتين وقت” رواه أحمد والنسائي والترمذي، وقال البخاري، هو أصح شيء في المواقيت، ويعني إمامة أمين الوحى جبريل، عليه السلام، فوقت صلاة العصر يدخل بصيرورة ظل الشيء مثله بعده فَيء الزوال، ويمتد إلى غروب الشمس، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر” رواه الجماعة.

وفى روايه أخرى ” من صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ثم صلى ما تبقى بعد غروب الشمس لم يفته العصر ” رواه البيهقى، وينتهي وقت الفضيلة والاختيار باصفرار الشمس، وعلى هذا يحمل حديث جابر وحديث عبد الله بن عمر والمتقدمين، وأما تأخير الصلاة إلى ما بعد الاصفرار فهو وإن كان جائزا إلا أنه مكروه إذا كان لغير عذر، فعن أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله إلا قليلا ” رواه الجماعة، إلا البخاري، وابن ماجة، وقد قال النووي في شرح مسلم، قال أصحابنا للعصر خمسة أوقات، وهما وقت فضيلة، واختيار، وجواز بلا كراهة، وجواز مع كراهة، ووقت عذر.

فأما وقت الفضيلة فأول وقتها، ووقت الاختيار، يمتد إلى أن يصير ظل الشئ مثليه، ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة حال الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر، وهو وقت الظهر في حق من يجمع بين العصر والظهر، لسفر أو مطر، ويكون العصر في هذه في غزوة فقال صلى الله عليه وسلم ” بكروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإن من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله ” رواه أحمد وابن ماجة، وقد قال ابن قيم الجوزية : الترك نوعان، وهما ترك كلي لا يصليها أبدا، فهذا يُحبط العمل جميعه، وترك معين، في يوم معين، فهذا يحبط عمل اليوم، وقد قال بعض العلماء بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى في قول الله عز وجل : (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين).

وعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون” وعن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه أن رسول الله قال: “من صلى البردين دخل الجنة” وقد قال ابن حجر، أن البردين، هما صلاة الفجر وصلاة العصر ، وسميا بذلك لأنهما يفعلان في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء، وقد حذرنا الله عز وجل، من التهاون فى الصلاه، ومن حسابها العسير يوم القيامه فقال تعالى : (يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون )

وقال بعض المفسرين، فى هذه الآيه هم الذين يسمعون حي على الفلاح ولا يستجيبون، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” بين الرجل و الكفر ترك الصلاة” وقال أيضا ” العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تتركن صلاة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله” وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا جاء وله عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن ضيعهن استخفافا بحقهن جاء ولا عهد له، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة” ويقول تعالى ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا )

فالغي هو وادي في جهنم تستغيث منه جهنم نفسها، ويقول ابن عباس ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها وجمعوها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله” وقال صلى الله عليه وسلم “من ترك صلاة العصر فكأنما فقد أهله وماله” وسئل النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم، عن رجل لم يصل حتى طلعت عليه الشمس فقال ” ذاك رجل بال الشيطان في أذنه” وأما عن طريقة أداء صلاة العصر فصلاة العصر أربع ركعات، تؤدى بالطريقة الاعتيادية للصلاة من دون زيادة أو نقصان، حيث يبدأ المصلي بالتكبير، ثم بقراءة دعاء الاستفتاح، فسورة الفاتحة، فما تيسر من كتاب الله، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يسجد مرتين، ثم يقوم لأداء الركعة الثانية بالطريقة نفسها.

وبعد انتهائه من السجدة الثانية من الركعة الثانية يجلس ويقرأ التشهد، ثم يقوم ويأتي بركعتين أخريين، دون قراءة شيء من القرآن الكريم بعد الفاتحة، وبعد أن ينتهي من السجدة الثانية من الركعة الرابعة، يجلس، ويقرأ التشهد، فالصلاة الإبراهيمية، ثم يُسلم معلناً انتهاء صلاته، وأما عن أحكام حول صلاة العصر، فقد جاء النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر، وحتى غروب الشمس، وذلك فيما أورده أهل العلم، بما ورد من آثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما فيما يتعلق بالصلوات التي لها سبب شرعي، كصلاة تحية دخول المسجد، فهناك اختلاف فيها، حيث ذهب بعضهم إلى كراهتها، في حين ذهب البعض الآخر إلى جواز فعلها والقيام بها، هذا وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال.

” رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً ” وهو حديث حسن، وأما فيما يتعلق بتأخير صلاة العصر عن موعدها، فإن ذلك من الأعمال المنكرة، التي يأثم فاعلها، لذا فإن على من قام بذلك لغير سبب أو علة شرعية المبادرة في طلب المغفرة والعفو من الله تعالى، مع المداومة على أدائها في وقتها بعد ذلك، وقد جاء في الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ” ومن هنا فإنه ينبغي على المسلم الحفاظ على أداء هذه الصلاة وباقي الصلوات في أوقاتها، وعدم التساهل في ذلك أبداً، ولنعلم جميعا أنه قد وصف القرآن الكريم لنا درجة من درجات النار الشديدة العذاب اسمها سقر، بوصف مخيف وأكد الوصف مرة أخرى بقوله (وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر) وأهل هذه المرتبة، وما سلكهم فيها، هو ( ما سلككم في سقر؟) ( قالوا لم نكن من المصلين) فهذا أول سبب لدخولهم سقر الرهيبة، إنه ترك الصلاة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *