Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الحديث فى الجزء الثانى مع صيام التطوع وقد قلنا بأن صيام التطوع من أعظم شعب الإيمان، ولقد شرع الله سبحانه وتعالى النوافل والتطوعات لعباده المؤمنين بعد أن يحكموا الفرائض والواجبات فضلا منه ونعمة، وذالك لحكمة عظيمة الا وهي اولا زيادة الايمان وكثرة الحسنات والتقرب من الرحمن وثانيها جبر النقص الحاصل في الفرائض والواجبات، فمهما تحرز المؤمن في اداء العبادة لابد ان ينقص منها، والدليل على هاتين الحكمتين، حيث قال الله سيحانه وتعالى عن الصلاة فى سورة العلق ( فاسجد واقترب) فبالسجود تقترب من الله عز وجل، وهي النوافل، وقال عز وجل فى سورة الإسراء ( ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا) وقال رجل يارسول الله اسالك مرافقتك في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اعني على ذالك بكثرة السجود ”

وفي الصوم قال الله سبحانه وتعالى ( وان تصوموا خيرا لكم ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ” عليك بالصوم ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يقول الله عز وجل فى الحديث القدسى ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولان سألني لاعطينه ولان استعاذني لاعيذنه ” رواه البخاري، فإن النوافل شرعت لزيادة الايمان والحسنات، والقربة من الرحمن، واما كونها تجبر نقص الواجبات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يقول ربنا عز وجل لملائكته وهو اعلم، انظروا في صلاة عبدي اتمها ام نقصها فان كانت تامة كتبت تامة وان كان نقص منها شيئا قال، انظروا هل لعبدي من تطوع فان كان له تطوع قال اتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الاعمال على ذاكم ”

وهذا الحديث رواه أهل السنن، والانسان خلق ضعيفا قد ينقص من وضوئه وصلاته وصومه وحجه سائر عباداته، ويقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له الا عشرصلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها ” رواه احمد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يحثنا على صيام يومى الأثنين والخميس من كل أسبوع وكان صلى الله عليه وسلم، يصومهما، ويقول” إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ” فيستحب صيام الإثنين والخميس، وهكذا صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحبة، كان النبي صلى الله عليه وسلم، يأمر بذلك، وأوصى بعض أصحابه بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وهي صيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها والشهر ثلاثون، أو تسعة وعشرون.

فإذا صام ثلاثة قد صام الدهر، الحسنة بعشر أمثالها، فينبغي للمؤمن أن يتحرى الصوم على أحد هذه الوجوه، صيام التطوع، وكما يستحب صيام ست من شوال متتابعة أو مفرقة، وصوم يوم عرفة لمن ليس حاجاً، وصوم عاشوراء العاشر من المحرم، ويصوم معه يوما قبله أو يوماً بعده، أو كلاهما كل هذه مستحبة، ويوم عرفة يكفر الله سبحانه وتعالى، به السنة التي قبله، والسنة التي بعده، ويوم عاشوراء صومه يكفر السنة التي قبله، لكن الحاج لا يصوم يوم عرفة، والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حج ولم يصم يوم عرفة، لكن في غير الحج يصوم، وهذه هي أنواع صوم التطوع، وأفضلها أن يصوم يوما ويفطر يوما، وهذا صوم نبى الله داود عليه الصلاة والسلام شطر الدهر، والبقية فيها خير عظيم، إن شاء صام ثلاثة أيام من كل شهر ويكفي، وإن شاء صام الإثنين والخميس، وكل هذا مستحب.

وهناك أيام مخصوصة من ذلك صوم عرفة، وصوم عاشوراء ويصوم معه يوم قبله أو بعده، أو يصوم قبله وبعده جميعا ثلاثة أيام، فيصير الجميع ثلاثة أيام، وصوم ستة أيام من شوال كذلك سنة، وصوم النفل هو الزائد عن الفرض بمعنى أن الصائم المتطوع متلبس بعبادة غير واجبة عليه، والصوم من حيث هو عبادة اقتضى الشرع فعلها إما على جهة الإلزام وهو الصوم المفروض وهو صوم شهر رمضان، وما وجب مثل صوم النذر والقضاء، فالصوم المفروض لا يجوز قطعه إلا لعذر شرعي، وأما صوم النفل فهناك اعتبارات متعلقة به، فمن حيث هو عبادة متطوع بها، والعبادة المتطوع بها غير لازمة في ابتداء الشروع فيها، أما إذا شرع فيها ثم أراد قطعها، فإما أن يكون بعذر أو بغير عذر، فإن كان بعذر، فقطعها جائز بسبب العذر، وهذا بخلاف الحج فإنه وإن كان نفلا فلا يقطعه.

إلا إن كان لعذر فيتحلل بعمل عمرة فيستثنى من ذلك، وإن كان قطع النافلة بعد الشروع فيها لغير عذر، فهناك اعتباران أحدهما، هو أن قطع للعبادة إبطال للعمل، وقد قال الله تعالى ( ولا تبطلوا أعمالكم ) والمتطوع قد ألزم نفسه فلا يبطل عمله بعد الشروع فيه، وثانيهما، هو أن المتطوع بالنافلة غير ملزم بها أصلا فلو قطعها فذلك جائز، ومما يدل عليه حديث النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ” وعن جعدة عن جدته أم هانئ: رضى الله عنها قالت ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل عليها فدعى بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ” وقد قال: والعمل عليه عند بعض أهل العلم.

من أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وغيرهم أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه إلا أن يحب أن يقضيه وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحق والشافعي، وقال في شرح سنن الترمذي، قوله صلى الله عليه وسلم، ” أمين نفسه ” وهو معناه أنه إذا كان أمين نفسه فله أن يتصرف في أمانة نفسه على ما يشاء، ومعنى أمير نفسه أنه أمير لنفسه بعد دخوله في الصوم إن شاء صام أي أتم صومه، وإن شاء أفطر؟ إما بعذر أو بغيره، وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بين سلمان الفارسى، وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل.

فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن قال: فصليا فقال له سلمان: “إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه” فأتى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” صدق سلمان ” وقال ابن حجر: ووقع في التكلف للضيف حديث سلمان ” نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نتكلف للضيف ” رواه أحمد والحاكم، وفيه قصة سلمان مع ضيفه حيث طلب منه زيادة على ما قدم له فرهن مطهرته بسبب ذلك، ثم قال الرجل لما فرغ: ” الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا ” فقال له سلمان: ” لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة، وأما عن أقوال العلماء فى صيام التطوع فهو عند الحنفية: وجوب الصوم بالشروع ووجوب القضاء بالإفساد.

وفي المغني في كلامه ” ومن دخل في صيام تطوع فخرج منه فلا قضاء عليه، وإن قضاه فحسن ” وأنه يستحب إتمام صوم النفل بعد الشروع فيه، وأن من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب، فإن خرج منه فلا قضاء عليه، ونقل عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا وقال ابن عمر: لا بأس به، ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان، وقال ابن عباس: إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه قطعه وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت هذا مذهب أحمد والثوري والشافعي وإسحاق، وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك: يلزم بالشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر، فإن خرج قضى، وعن مالك: لا قضاء عليه.

واستدل القائلون بوجوب القضاء بما ورد عن السيده عائشة رضى الله عنها، أنها قالت: ” أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي لنا حيس فأفطرنا، ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ” اقضيا يوما مكانه ” ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة، واستدل القائلون بعدم وجوب القضاء بما روى مسلم وأبو داود والنسائي عن السيده عائشة رضى الله عنها، قالت: ” دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوما فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت: لا، قال: ” فإني صائم ” ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه، وكان يحب الحيس قلت: يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس، فخبأت لك منه قال: أدنيه، أما إني قد أصبحت وأنا صائم، فأكل منه ثم قال لنا: ” إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ” رواه النسائي.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *