Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن من نعم الله على عباده أن اختص بعض الأزمنة والأمكنة بمزيد عناية وفضل، ليزداد من اغتنمها ورعى حرمتها إحسانا، ويبوء من غفل عنها وأهملها خيبة ونقصانا،
ألا وإن من تلك الأزمنة الفاضلة التي أنعم الله بها على أمة محمد صلى الله صلى الله عليه وسلم شهر الله الحرام، هو شهر الله المحرم، وهو شهر عظيم من أشهر العام، وهو أحد الأشهر الحرم التي نهانا فيها مولانا أن نظلم فيهن أنفسنا، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، وإن يوم العاشر من محرم يذكرنا بهجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، وبدء ظهور الدعوة الإسلامية، وانتصار الإسلام وانتشاره، وعلينا كمسلمين أن نشكر الله على ما يسره لنا.
من هذا الحساب البسيط الميسر في معرفة التاريخ اليومي الذي يبدأ من الهجرة وهى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وأن علينا جميعا أن نكون أمة متميزة بتاريخها وأخلاقها ورأيها ومعاملاتها عن سائر الأمم الكافرة، وأما عن التعريق بيوم عاشوراء ويوم تاسوعاء، فغن عاشوراء هو العاشر من شهر الله المحرم، وتاسوعاء هو اليوم التاسع منه، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما”عاشوراء العاشر من المحرم” رواه الترمذي، وأما عن مشروعية صوم عاشوراء، فقد مرّ فرض الصوم بثلاث مراحل، فكانت المرحلة الأولى هى صوم ثلاثة أيام ويوم عاشوراء، والمرحلة الثانية، هى كان الصوم بالخيار، فمن شاء صام رمضان، ومن شاء أفطر.
وإن كان صحيحا مقيما وأطعم عن كل يوم مسكينا، وقد قال الله تعالى ” وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين” وكانت المرحلة الثالثة فرض صوم رمضان، وذلك بقول الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” فانتقل الفرض من صيام عاشوراء إلى صيام رمضان، وقال ابن مسعود رضي الله عنه في صحيح مسلم “لما فُرض رمضان ترك عاشوراء” وقال ابن حجر رحمه الله “ما ترك استحبابه بل هو باق، فدل على أن المتروك وجوبه” وقد كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يُعنى بصوم عاشوراء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله” رواه مسلم.
وأما عن صوم تاسوعاء، فإنه من الأكمل أن يصوم الإنسان التاسع والعاشر من المحرم، وصيام عاشوراء كان معروفا في الجاهلية قبل البعثة النبوية، فقد ثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه” وقال ابن حجر رحمه الله “قال القرطبي لعل قريشا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم كما في الحج، أو أذن الله له في صيامه على أنه فعل خير، فلما هاجر ووجد اليهود يصومونه وسألهم وصامه وأمر بصيامه احتمل ذلك أن يكون ذلك استئلافا لليهود كما استألفهم باستقبال قبلتهم، ويحتمل غير ذلك” ولكن ماذا لو وافق عاشوراء يوم السبت؟
فقال صلى الله عليه وسلم ” لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبه، أو عود شجرة فليمضغه” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، ومن العلماء من حكم على الحديث بالاضطراب، وعلى القول بصحته فإنه يجب علينا أن نوفق بين الأحاديث عند التعارض بدلا من الترجيح الذي ينبغي ألا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، فالجمع بين النصوص وإعمالها أولى من الترجيح وتعطيل بعضها كما هو مقرر عند علمائنا، فعلى القول بصحة حديث النهي عن صوم السبت فإنه يتوجه إلى من صام السبت لكونه سبتا، أما من صامه لكونه عرفة أو لكونه عاشوراء فلا حرج عليه، فإننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صام التسع من ذي الحجة وفيها السبت.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *