Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

وتكمل الجزء الثالث مع عليكم بجبر الخواطر، وإن رسول الله عليه الصلاة والسلام جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه ونتمنى لو كنا إلى جانبه نذود عنه وننافح عن دعوته، فهذه المواقف وغيرها تدعونا للإحسان إلى الخلق وجبر خاطرهم، فما أجمل أن نتقصد الشراء من بائع متجول في حر الشمس يضطر للسير على قدميه باحثا عن رزقه مساعدة له وجبرا لخاطره، وما أروع أن نقبل اعتذار المخطئ بحقنا وخصوصا عندما نعلم أن خطئه غير مقصود وأن تاريخ صحبتنا معه طيب نقي، فالصفح عنه ومسامحته تطيب نفسه وتجبر خاطره، وتبادل الهدايا بين الأقارب والأصدقاء والأحباب من أجمل ما يدخل الفرحة للقلب والهناء للنفس وهي سبيل الحب، وبساط الود، وطريق الألفة.
لقوله صلى الله عليه وسلم “تهادوا تحابوا” رواه البخاري، والبر بأرقى صوره أن تشتري لوالديك ما يحتاجون وتفاجئهم بما يفقدون دون طلب منهم أو سؤال بل كرم منك وتبرع، ففي هذا الفعل أجمل ما يسطر من جبر الخواطر وإدخال الفرح والسرور على قلوبهم، كما لا ننسى صاحب الحاجة والمسكين الذي انكسر قلبه وذلت نفسه وضاق صدره ما أجمل أن نجعل له من مالنا نصيب ومن طعامنا ولو الشيء القليل ومن دعائنا ما نستطيع، بذلك نجبر كسرهم ونطيب قلوبهم ولا نشعرهم بالنقص، وفي هذا الزمان تشتد الحاجة إلى مواساة الناس والتخفيف عنهم وتطييب خاطرهم لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون، نظرا لشدة الظلم الاجتماعي في هذا الزمان.
وفساد ذمم الناس واختلاف نواياهم، ففي مجتمعاتنا ترى أن هذه معلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة، وهذه أرملة، وذاك مسكين، وهذا يتيم، والآخر عليه ديون وغم وهم، وهذا لا يجد جامعة، وذاك لا يجد وظيفة، وهذا لا يجد زوجة، أو لا يجد زواجا، وذاك مريض والآخر مبتلى، والهموم كثيرة. وتطييب الخاطر لا يحتاج إلى كثير جهد ولا كبير طاقة فربما يكفي البعض كلمة من ذكر، أو دعاء، أو موعظة، وربما يحتاج الآخر لمساعدة، وينقص ذاك جاه، وينتظر البعض قضاء حاجة، ويكتفي البعض الآخر بابتسامة، فعلينا أن نجتهد بإدخال الفرح والسرور إلى قلوب إخواننا ولا نبخل على أنفسنا، فالصدقة والخير نفعه يعود إليك، وقد يظن الكثير منا أن العبادات هي الصلاة والصيام والزكاة فقط.
ولكن مفهوم العبادة يتسع لكل قول أوفعل يرضي الله سبحانه وتعالى كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، وهناك عبادات أصبحت خفية ربما لزهد الناس بها وغفلتهم عنها وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيرا من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات هى عبادة جبر الخواطر، وجبر الخواطر بمعنى أن الإنسان منا تعتريه بعض حالات الضعف، إما أن يكون مريضا أو خسر في تجارة أو عليه ديون أو حدث له حادث أو كربة أو وفاة قريب من هذه الأمور، فكل هذه من المواقف الصعبة التي يمر بها الإنسان، في هذه المواطن.
فيحتاج الواحد منا إلى أن يسمع كلمة تواسيه وتأخذ بخاطره أو تخفف عنه مصابه، وهذا ما نتكلم عنه فى عبادة جبر الخواطر، والجبر كلمة مأخوذة من أحد أسماء الله الحسني الجبار فهو سبحانه وتعالى الذى يجبر القلوب الكسيره، فكم من فقير أغنى، وكم من عليل أصح بدنه، وكم من ضعيف جبر كسره سبحانه وتعالى، فهو الذي يجبر قلوب المنكسرين والمحرومين، والمسلم حينما يتصف بهذه الصفة فإنما يدل ذلك على قوة إيمانه لأنه يتعامل مع الله، لا مع الخلق، يرضي الله عز وجل في الضعيف والمسكين، عندما أؤدي خدمة لشخص غني أو ذو وجاهة فلا شك في الأغلب أني ابتغي من وراء ذلك رضاه،أو منفعة دنيوية عساني أحتاج إليه بيوم من الأيام.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *