Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع الخليفه الراشد عمر بن عبد العزيزوكان عندما مات والد عمر بن عبد العزيز أخذه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان، فخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك، وهي التي قال فيها الشاعر: بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها، ومعنى هذا البيت أنها بنت الخليفة عبد الملك بن مروان، والخليفة جدها هو مروان بن الحكم، وهي أخت الخلفاء: الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، والخليفة زوجها فهو عمر بن عبد العزيز، وحتى قيل عنها: لا نعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها، وقد ولدت له إسحاق ويعقوب وموسى.

وكان لعمر من الأولاد ومن زوجاته هى لميس بنت علي بن الحارث، وقد ولدت له عبد الله وبكر وأم عمار، ومن زوجاته أيضا : أم عثمان بنت شعيب بن زيان، وقد ولدت له إبراهيم، وأما أولاده عبد الملك والوليد وعاصم ويزيد وعبد الله وعبد العزيز وزيان وأمينة وأم عبد الله، فأمهم أم ولد، وكان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر من الولد ذكراً، منهم: عبد الملك وعبد العزيز وعبد الله وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وبكر والوليد وموسى وعاصم ويزيد وزيان وعبد الله، وبنات ثلاثة: أمينة وأم عمار وأم عبد الله، وقد اختلفت الروايات عن عدد أولاد عمر بن عبد العزيز وبناته، فبعض الروايات تذكر أنهم أربعة عشر ذكراً كما ذكره ابن قتيبة، وبعض الروايات تذكر أن عدد الذكور اثنا عشر وعدد الإناث ست

وكان ذلك كما ذكره ابن الجوزي، وقد روى ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة، أن خوارج خرجت بالحيرة في خلافة عمر بن عبد العزيز، فأرسل إليهم عمر رسولاً وبعث معه كتاباً، فأرسلوا إلى عمر رجلين، فلما جاءا عمر وجلسا إليه قال لهما: ما الذي أخرجكم علينا؟ فقال الذي نصب نفسه للجواب: إننا لم ننكر عليك عدلك ولا سيرتك، ولكن بيننا وبينك أمر، هو الذي يجمعنا ويفرق بيننا، فإن أعطيتناه فنحن منك وأنت منا، وإن لم تعطنا فلسنا منك، ولست منا، فقال عمر: فما هو؟ فقال: خالفت أهل بيتك، وسميتهم الظلمة، وسميت أعمالهم المظالم، فإن زعمت أنك على الحق، وأنهم على الباطل، فالْعنهم وتبرأ منهم ؟ فقال عمر: إنكم لم تتركوا الأهل والعشائر وتعرضتم للقتال إلا وأنتم في أنفسكم مصيبون.

ولكنكم أخطأتم وضللتم، وتركتم الحق، أخبراني عن الدين أواحد أو اثنان؟ قالا: بل واحد، قال: أفيسعكم في دينكم شيء يعجز عني؟ قالا: لا، قال: فأخبراني عن أبي بكر وعمر ما حالهما عندكما؟ قالا: أفضل الناس أبو بكر وعمر، قال: ألستما تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما توفي ارتدّت العرب، فقاتلهم أبو بكر، فقتل الرجال، وسبى الذرية؟ قالا: بلى، قال: عمر، فلما توفي أبو بكر وقام عمر، ورد تلك النساء والذراري إلى عشائرهم، فهل تبرأ عمر من أبي بكر، ولعنه بخلافه إياه؟ قالا: لا، قال: فتتولونهما على خلاف سيرتهما قالا: نعم، قال عمر: فما تقولان في بلال بن مرداس؟ قالا: من خير أسلافنا، قال: أفليس قد علمتم أنه لم يزل كافّاً عن الدماء والأموال، وقد لطخ أصحابه أيديهم فيها.

فهل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى، أو لعنت إحداهما الأخرى؟ قالا: لا، قال: فتتولونهما على خلاف سيرتهما؟ قالا: نعم، قال عمر: فأخبراني عن عبد الله بن وهب حين خرج بأصحابه من البصرة يريدون أصحابهم، فمرّوا بعبد الله بن خباب، فقتلوه، وبقروا بطن جاريته، ثم عدلوا على قوم من بني قطيفة، وأخذوا الأموال، وغلوا الأطفال في المراجل، ثمّ قدّموا على أصحابهم من الكوفة، وهم كافون عن الدماء والفروج والأموال، هل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى، أو لعنت إحداهما الأخرى؟ قالا: لا، قال: فتتولونهما على خلاف سيرتهما؟ قالا: نعم، فقال عمر: فهؤلاء الذين اختلفوا بينهم في السيرة والأحكام لم يتبرأ بعضهم من بعض، ولا لعن بعضهم بعضاً، وأنتم تتولونهم على خلاف سيرتهم.

فهل وسعكم في دينكم ذلك، ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم؟ ثم قال: أخبراني عن اللعن، فرض على العباد؟ قالا: نعم، فقال عمر: متى عهدك بلعن فرعون؟ قال: ما لي به من عهد منذ زمان، قال عمر: هذا رأس من رؤوس الكفر، ليس لك عهد بلعنه منذ زمان، وأنا لا يسعني أن ألعن من خالفتهم من أهل بيتي، ثم قال لهم: ألستم أنتم الذين تؤمنون من كان رسول الله يخيفه، وتخيفون من كان رسول الله يؤمنه؟ فقالا: نبرأ إلى الله تعالى من هذه الصفة، قال: بلى فسأخبركما عن ذلك، ألستما تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج والناس أهل كفر، فدعاهم أن يقروا بالله ورسوله، فمن أبى قاتله وخوفه، ومن أقرّ بهما أمنه وكفّ عنه.

وأنتم اليوم، من مرّ بكم يقرّ بهما قتلتموه، ومن لم يقرّ بهما أمنتموه، وخليتم سبيله، فقال أحد الرجلين: ما رأيت حجيجاً، أي محاجاً قوي الحجة، أقرب مأخذاً، ولا أوضح منهاجاً منك، أشهد أنك على الحق، وأنا على الباطل، وقال الآخر: لقد قلت قولاً حسناً، وما كنت لأفتات على أصحابي حتى ألقاهم، فلحق بأصحابه، وأقام الآخر عند عمر، فأجرى عليه العطاء والرزق حتى مات عنده، وكان نظرة أهل السنة والجماعة لعمر بن عبد العزيز، أنه يرى أهل السنة والجماعة أن عمر بن عبد العزيز هو خامس الخلفاء الراشدين، وأنه مثال الحاكم العادل الزاهد الورع، ويرى بعضهم أنه هو المجدد الأول في الإسلام، حتى قال عبد الملك الميموني: كنت عند أحمد بن حنبل، وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يرفعه.

وقال: أنه يُروى عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يقرر لها دينها ” فكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على رأس المائة، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى، وقال الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء، أن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، هو الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد، وهو أمير المؤمنين حقاً، وهو الخليفة الزاهد الراشد، وقال: وكان عمر من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين، رحمة الله عليه، وقال ابن كثير: فقال جماعة من أهل العلم منهم أحمد بن حنبل، فيما ذكره ابن الجوزي وغيره: إن عمر بن عبد العزيز كان على رأس المائة الأولى.

وإن كان هو أولى مَن دخل في ذلك وأحق، لإمامته وعموم ولايته وقيامه واجتهاده في تنفيذ الحق، فقد كانت سيرته شبيهة بسيرة عمر بن الخطاب، وكان كثيراً ما تشبَّه به، وأما عن نظرة الشيعة لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، فإنه يرى الشيعة الإثنا عشرية أن عمر بن عبد العزيز، كغيره من الخلفاء وقد تبوّأ منصب الخلافة بغير حق، إذ هو منصب مقصور على أصحابه الشرعيين من أئمة أهل البيت حسب عقيدة الشيعة الإثنا عشرية، فالجلوس في هذا المكان بحد ذاته يعد ذنباً عظيماً وإثماً كبيراً تهون عنده الذنوب الأخرى جميعها، بل يعد اغتصاب الخلافة الشرعية من أصحابها الشرعيين وهو أس الذنوب الذي دارت عليه رحى الكبائر والموبقات إلى يوم القيامة.

إلاّ أنهم يروا ان لعمر بن عبد العزيز بعض المواقف التي كانت موضع التقدير، وأمّا من يعتبره خليفة راشداً عادلاً فهو لا يكون إلاّ بحسب مبانيه في الخلافة التي تخالف مباني الشيعة الإمامية في الموضوع، إلا أن بعض الشيعة يرون أن عهد عمر بن عبد العزيز، على قصر مدته كان متنفساً للمسلمين من اضطهاد قومه بني أمية، وأن هناك نقاط إيجابية من عصره، وأنه لما استخلف قال: يا أيها الناس، إني قد رددت عليكم مظالمكم، وأول ما أرد منها ما كان في يدي، وقد رددت فدك على ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولد علي بن أبي طالب، فكان أول من ردها، وأنه ألغى مرسوم معاوية بلعن علي بن أبي طالب في صلاة الجمعة، ولكن لنعلم جميعا أنه قد أنكر أهل السنة هذا المرسوم من أساسه.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *