Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الحديث فى الجزء الثانى ومع عُروة بن الزُبير بن العوام الأسدي، وهو تابعي ومحدث ومؤرخ مسلم، وقد ولد عروة بن الزبير، في أسرة من سادات المسلمين في عصر صدر الإسلام من بني عبد العزى بن قصي، وعصر صدر الإسلام هو مصطلح يستخدم للدلالة على السنوات الأولى للإسلام، وتشمل تلك الفترة الممتدة بين بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إلى آخر أيام الخلفاء الراشدين، والتي انتهت في حدود نهاية العقد الرابع الهجري بتبعات اغتيال الخليفة الرابع علي بن أبي طالب عام أربعين من الهجره، وقيام الدولة الأموية بعدها، فأبوه هو الصحابي الجليل الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ابن عمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وهى السيده صفية بنت عبد المطلب، وأما عن عبد العُزى بن قُصي بن كلاب، وكان هو أحد رجال قريش، وينتسب إليه بنو عبد العزى، وهو عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وينحدر من نسله العديد من أعلام قريش، أمثال ورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد والزبير بن العوام وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير، وكان عبد العزى بن قصى، كانت أمه هى السيده حُبَّى بنت حُلَيل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو وهو خزاعة بن ربيعة، وهو لحي بن عامر بن عمير بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

وأما عن العوام فهو العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان فارس جاهلي من قريش، وهو أخ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد زوجة الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهو أخو الصحابية هالة بنت خويلد، وقد كان متزوجاً من عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، صفية بنت عبد المطلب، وهو والد الصحابي الزبير بن العوام، وجد عبد الله بن الزبير، وجد عروه بن الزبير، وخال زينب بنت محمد وأم كلثوم بنت محمد ورقية بنت محمد وفاطمة الزهراء بنات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما عن أمه فهى السيده أسماء بنت أبي بكر الصديق وهى ابنة الخليفة الأول للمسلمين أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وأخوه لأبيه وأمه هو عبد الله بن الزبير وعمة أبيه هى السيده خديجة بنت خويلد، وهى أولى زوجات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخالته هى السيده عائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما، وهى ثالث زوجات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نشأ عروة في المدينة، وأدرك عددًا كبيرًا من الصحابة الذين عاصروا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فتفقّه عروة على أيديهم، كما لازم خالته أم المؤمنين عائشة، وروى عنها أحاديثها، وظل إلى جوارها حتى قبل وفاتها بثلاث سنين، حتى صار من فقهاء المدينة المنورة المعدودين.

بل وكان بعض أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يسألونه، وقد كان عروة يستهدف طلب العلم منذ صغره، ولا يشغله عن ذلك شاغل، فقد روى أبو الزناد أنه: اجتمع في الحجر مصعب وعبد الله وعروة بنو الزبير، وابن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال عبد الله: أما أنا، فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا، فأتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وأما ابن عمر فقال: أتمنى المغفرة، فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له، وفي صغره، قد حاول عروة الالتحاق بجيش أبيه وطلحة بن عبيد الله الذي شارك في موقعة الجمل، إلا أنهم ردّوه لصغر سنه، إلا أنه بعد ذلك آثر اعتزال الفتن التي وقعت على الخلافة والسُلطة في حياته.

وكان ذلك بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان تارة وبين أخيه عبد الله بن الزبير والأمويين تارة أخرى، فلم يدخل في شيء من الفتن، بل وظن أن تلك الفتن قد تجلب الشر للمسلمين، فرأى اعتزالها، حيث روى عبد الله بن الحسن بن على بن أبي طالب قائلاً: كان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يجلس كل ليلة هو وعروة بن الزبير في مؤخر مسجد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد العشاء الآخرة، فكنت أجلس معهما، فتحدثا ليلة فذكرا جور من جار من بني أمية والمقام معهم، وهم لا يستطيعون تغيير ذلك، ثم ذكرا ما يخافان من عقوبة الله لهم، فقال عروة لعلي: يا علي إن من اعتزل أهل الجور والله يعلم منه سُخطه لأعمالهم، فإن كان منهم على ميل.

ثم أصابتهم عقوبة الله رُجي له أن يسلم مما أصابهم، قال فخرج عروة فسكن العقيق، حيث ابتنى هناك قصرًا ما زالت بعض آثاره باقية إلى اليوم، كما حفر بئرًا بالمدينة عُرفت ببئر عروة، وقد صفها الذهبي قائلاً: ما كان بالمدينة بئرًا أعذب من مائها، غير أن عروة أقام بمكة تسع سنين فى زمن خلافة أخيه عبد الله، ولكن دون مشاركة منه في الأحداث، بل ولم يشتغل بولاية ولا حتى بقضاء، وخليق برجل تربى بين يدي الزبير بن العوام، وأسماء بنت أبي بكر، وتفقه على يد أم المؤمنين عائشة، وأخذ الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكون مثالاً حيًا في عبادته وزهده وورعه وأخلاقه، وكان عروة بن الزبير كذلك، فلقد أثر عنه أنه كان يصوم الدهر.

وكان يقرأ كل يوم ربع الختمة في المصحف ويقوم الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، وكانت أصيبت بالأكلة فنشرها له الطبيب وصبر على نشرها وهو يقرأ القرآن، وكان عروه بن الزبير، مؤثرًا للعلم، ورضا الله على أي شيء آخر من أمور الدنيا، ويذكر عنه أنه أول من كتب السيرة، إذ جمعها في كتاب أسماه مغازي الرسول، ولما سُئل عراك بن مالك عن أفقه أهل المدينة قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقها وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب وأما أغزرهم حديثًا فعروة بن الزبير، وقد تزوج عروة بن الزبير من فاختة بنت الأسود بن أبي البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى وأنجب منها عبد الله.

وهو أكبر أبنائه وعمر الذي قُتل مع عمه عبد الله بن الزبير والأسود وأم كلثوم وأم عمر ومن أم يحيى بنت الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أخت الخليفة الأموي مروان بن الحكم، وعمة الخليفة عبد الملك بن مروان، وأنجب منها أبنائه يحيى ومحمد الذي توفى تحت سنابك الخيل في الشام وعثمان وأبا بكر وعائشة وخديجة ومن أسماء بنت سلمة بنت عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومية، وأنجب منها ولده عبيد الله كما تزوج من سودة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب وأنجب منها ابنته أسماء، ومن امرأة من بني شيبان حين قدم إلى مصر، وأقام معها بمصر سبع سنين، كذلك كان له من الولد مصعب وأم يحيى، وأمهما أم ولد وكان اسمها واصلة، وهشام وهو من أم ولد أخرى.

وقد أثنى الكثيرون على علم عروة، وأعلو مكانته في الرواية ووثّقوه، فقد رُوى أن عمر بن عبد العزيز قال: ما أجد أعلم من عروة بن الزبير، وما أعلمه يعلم شيئًا أجهله، وقال الزهري: جالست ابن المسيب سبع سنين لا أرى أن عالمًا غيره، ثم تحولت إلى عروة، ففجرت به ثبج بحر، وقال أيضًا: كان عروة بن الزبير بحرًا لا يكدره الدلاء، وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة أربعة سعيد وعروة وقبيصة وعبد الملك بن مروان، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي: العلم لواحد من ثلاثة: لذي حسب يزينه به، أو ذي دين يسوس به دينه، أو مختبط سلطانًا يتحفه بعلمه، ولا أعلم أحدًا أشرط لهذه الخلال من عروة، وعمر بن عبد العزيز.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *