Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع ما بين الضعيف والمكذوب، وقد توقفنا عند نبى الله موسى عليه السلام لما دفن أخاه هارون عليه السلام ذكر مفارقته له وظلمة القبر، فأدركته الشفقة، فبكى، فأوحى الله تعالى إليه يا موسى، لو أذنت لأهل القبور أن يخبروك بلطفي بهم لأخبروك يا موسى، لم أنسهم على ظاهر الأرض أحياء مرزوقين، أفأنساهم في باطن الأرض مقبورين؟ يا موسى، إذا مات العبد لم أنظر إلى كثرة معاصيه، ولكن أنظر إلى قلة حيلته، فقال موسى عليه السلام يا رب, مِن أجل ذلك سُميت أرحم الراحمين” فإن الدرجة لهذا الحديث هو موضوع، وإن الكذب على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو أمر منكر عظيم، وإثم كبير، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ” إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار” رواه البخاري، ومسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم” لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار ” رواه البخارى، وقوله صلى الله عليه وسلم ” من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين” رواه مسلم، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى كفر من تعمد الكذب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل عن الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من إقتراب الساعة إذا رأيتم الناس أضاعوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلوا الكبائر، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا البناء، واتبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، واتخذوا القرآن مزامير، واتخذوا جلود السباع صفاقا، والمساجد طرقا, والحرير لباسا،
وكثر الجور، وفشا الزنا، وتهاونوا بالطلاق، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصار المطر قيظا، والولد غيظا، وأمراء فجرة، ووزراء كذبة، وأمناء خونة، وعرفاء ظلمة، وقلت العلماء، وكثرت القراء، وقلت الفقهاء، وحُليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنابر، وفسدت القلوب، واتخذوا القينات، واستحلت المعازف، وشربت الخمور، وعطلت الحدود، ونقصت الشهور، ونقضت المواثيق، وشاركت المرأة زوجها في التجارة، وركب النساء البراذين، وتشبهت النساء بالرجال, والرجال بالنساء، ويُحلف بغير الله، ويشهد الرجل من غير أن يستشهد، وكانت الزكاة مغرما، والأمانة مغنما، وأطاع الرجل امرأته, وعقّ أمه, وقرب صديقه وأقصى أباه، وصارت الإمارات مواريث، وسبّ آخر هذه الأمة أولها، وأكرم الرجل اتقاء شره، وكثرت الشرط، وصعدت الجهال المنابر، ولبس الرجال التيجان، وضيقت الطرقات، وشيد البناء, واستغنى الرجال بالرجال, والنساء بالنساء، وكثرت خطباء منابركم، وركن علماؤكم إلى ولاتكم, فأحلوا لهم الحرام, وحرموا عليهم الحلال, وأفتوهم بما يشتهون، وتعلم علماؤكم العلم ليجلبوا به دنانيركم ودراهمكم، واتخذتم القرآن تجارة، وضيعتم حق الله في أموالكم، وصارت أموالكم عند شراركم، وقطعتم أرحامكم، وشربتم الخمور في ناديكم، ولعبتم بالميسر، وضربتم بالكبر, والمعزفة, والمزامير، ومنعتم محاويجكم زكاتكم، ورأيتموها مغرما، وقتل البرئ ليغيظ العامة بقتله، واختلفت أهواؤكم، وصار العطاء في العبيد والسقاط، وطفف المكاييل والموازين،
ووليت أموركم السفهاء” وإن الدرجة لهذا الحديث أنه لا يصح، وأيضا حديث ” من صام التاسع والعاشر من محرّم كمن تعبّد عامين, ومن أبلغ الناس بها كمن تعبّد ثمانين عاما” وإن الدرجة لهذا الحديث أنه لا وجود له في كتب السّنة، وقيل فى حديث ” سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا في حالة حرب، قالت له متى ستنتهي هذه الحرب؟ فقال لها صلى الله عليه وسلم” عندما يمتلئ الوعاء بـ”حسبنا الله ونعم الوكيل” وأن الدرجة لهذا الحديث لا يصح، وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول في هذه المسألة وهى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر حكم من كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم مشافهة، وحكم من كذب عليه في الرواية، وحكم من روى حديثا يعلم أنه كذب، ومال رحمه الله إلى القول بكفر من كذب عليه صلى الله عليه وسلم، مشافهة، وقال في كتاب “الصارم المسلول على شاتم الرسول” صلى الله عليه وسلم، بعد ذكر حديث بريدة ولفظه ” كان حي من بني ليث من المدينة على ميلين وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يزوجوه فأتاهم وعليه حلة فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كساني هذه الحلة وأمرني أن أحكم في أموالكم ودمائكم، ثم انطلق فنزل على تلك المرأة التي كان يحبها، فأرسل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال”كذب عدو الله ” ثم أرسل رجلا فقال” إن وجدته حيا وما أراك تجده حيا فاضرب عنقه وإن وجدته ميتا فأحرقه بالنار” قال فذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كذب علي متعمدا”
وقال شيخ الإسلام هذا إسناد صحيح على شرط الصحيح لا نعلم له علة، ثم قال وللناس في هذا الحديث قولان، أحدهما الأخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء من قال يكفر بذلك، قاله جماعة منهم أن مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث أشد من الملحدين لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله، والملحدون كالمحاصرين من خارج، فالدخلاء يفتحون الحصن، فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له، ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله تعالى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ” إن كذبا علي ليس ككذب على أحدكم” فإن ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أمر الله به، يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله عز وجل، وما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وجب تصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به، ومن كذبه في خبره أو امتنع من التزام أمره صلى الله عليه وسلم، فهو كمن كذب خبر الله وامتنع من التزام أمره، ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نبيه أو أخبر عن الله خبرا كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنبئين فإنه كافر حلال الدم، فكذلك من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا حديث “هناك سبعة أنواع للنوم، وهم نوم الغافلين وهم ينامون في مجلس فيه ذكر الله، وأهل بيته الكرام، ونوم الأشقياء، وهم ينامون وقت الصلاة، ونوم الملعونين، فهم ينامون عند صلاة الصبح.
وفي إحدى الروايات ” من فاتته ليالي الصبح ثلاثة أيام حُشر مع المنافقين” ونوم المعذبين، فهم ينامون بين الطلوعين، يعني أذان الصبح, وطلوع الشمس، والمقصود أن الشخص سيعذب العذاب الفعلي لأن في هذا الوقت تتوزع الأرزاق والبركة يوميا على البشر، وهو وقت استجابة الدعاء، ونوم الراحة، وهو الذي يُريح الإنسان، وأي رؤيا يراها تكون حتما صادقة، والنوم المرخوص، وهو النوم بعد العشائين، أي لا بأس به، ونوم الحسرة، وهو النوم ليلة الجمعة، ففي إحيائها الخير الكثير لأنها الليلة التي ينظر بها الله إلى عبده، فحتى السلام على الإمام الحسين في هذه الليلة يكون خاصا حيث يسلم مع سبعة آلاف ملك” فإن الدرجة لهذا الحديث هو كذب، وأنه ليس بحديث، وقيل عن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع، التزم الملتزم، وأمسك بيده حلقة الكعبة، وهزّها ثم بكى، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ما أبكاك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم أبكاني فراق الكعبة، وتوديع المسلمين، ثم قال صلى الله عليه وسلم” إن مثلكم يا أبا بكر، كمثل شجرة لها ورق بلا شوك إلى سبعمئة سنة، ثم تكون كشجرة لها ورق وشوك إلى تمام ألف سنة، ثم تكون أمتي شوكا بلا ورق، فلا ترى فيهم أحدا إلا مرابيا، ولا عالما إلا راغبا في المال، ولا صانعا إلا خائنا، ولا فقيرا إلا كافرا، ولا شيخا إلا غافلا، ولا شبابا إلا فضيحة، ولا امرأة إلا ولا حياء لها، فقال عكاشة بن محصن رضي الله عنه، وما علامة ذلك يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
” إذا أكرم الشعراء, وأهين العلماء, وتشاور النساء، وخلط الأموال الربا, يحملون الربوى أو الربا فوق رؤوسهم، والعلم والقرآن وراء ظهورهم، فقال عكاشة، يصلون ويصومون يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم “يصلون، ويصومون، ويقرؤون القرآن, ولا يتجاوز نحورهم، قلوبهم مسودّة بأعمالهم وخُبث سرائرهم، زمان تركب فيه الفروج السروج, وتأكل القضاة الرّشا، ويشهد أهل العدل الزور، ويظلم الأحرار عبيدهم، وتأكل الأم كسب فرج ابنتها، المؤمن فيهم ذليل, والفاجر فيهم عزيز، فقال عكاشة، زدنا في علامة ذلك يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم” زمان يكون فيه الأمير كالأسد، والقاضي كالذئب، والتاجر كالثعلب، والفاسق كالكلب، ثم بكى صلى الله عليه وسلم، وقال “يا لها من شاة بين أسد، وذئب، وثعلب، وكلب” وإن الدرجة لهذا الحديث أنه كذب، وليس بحديث، وقيل فى حديث ” كل ما في الكتب السماوية في القرآن، وكل ما في القرآن في الفاتحة، وكل ما في الفاتحة في البسملة، وكل ما في البسملة في الباء، وكل ما في الباء في النقطة” وإن الدرجة لهذا الحديث أنه ليس بحديث، وقيل أنه إذا كان الكذب حرام على عموم الناس، فإن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد وأعظم، فإنه من أقبح المنكرات، ومن أكبر الكبائر، فمن خصائصه صلوات الله وسلامه عليه أن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، فقال القاضي عياض “وإذا كان الكذب ممنوعا فى الشرع جملة فهو على النبى صلى الله عليه وسلم أشد، لأن حقه أعظم، وحق الشريعة آكد.

وإباحة الكذب عليه ذريعة إلى إبطال شرعه، وتحريف دينه، وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكذب عليه متعمداً بأشد العذاب، وقد تواترت الأحاديث في بيان عِظم حرمة وجريمة الكذب عليه صلى الله عليه وسلم, وأن الكذب عليه ليس ككذب على أحد، وأن من كذب عليه متعمدا فقد تبوأ مقعده من النار، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن كذبا عليّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار” رواه البخاري، ورواه مسلم وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا تكذبوا عليّ، فإنه من كذب عليّ فليلج النار” رواه البخاري، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يُري عينه ما لم ترى، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل” رواه البخاري، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من حدّث عني حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين” رواه ابن ماجه، ورُوى عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال هناك بعض الأمور التي تورث الفقر للإنسان، ومنها الغناء،وخيانة المسلمين والتظاهر بالفقر، وهو ليس كذلك، والفحش في القول، والإصرار على المعصية، والنوم بين المغرب والعشاء، وقبل طلوع الشمس وأكل المال الحرام، والسؤال من الناس مع عدم الحاجة واحتكار الطعام وعقوق الوالدين، وتمشيط الشعر في حال الوقوف.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *