Share Button

فى طريق النور ومع مخاطر استباحة المال العام “الجزء الثانى”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى عن مخاطر استباحة المال العام، فإن جريمة السرقة جريمة تزداد وتكثر على جميع الأصعدة والمستويات، وجريمة السرقة من الجرائم المتفشية العظيمة، فلننظر في شرعنا وديننا ماذا يوجد بشأن هذا الموضوع، في سورة عظيمة، في آخر السور نزولا سورة المائدة كان حد الله في السارق هو قطع يد السارق من ذكر أو أنثى، فقال تعالى ” والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم” وإن السرقة في المجتمع مصيبة تحصل على بعض الناس ويسلم منها آخرون، وكل ذلك في كتاب من قبل أن يبرأها سبحانه، وعلى المسلم الأخذ بالأسباب الشرعية والحسّية في الوقاية من السرقة، فتحصين المسلم لنفسه وأولاده وبيته.

 

 

بالأذكار والأوراد الشرعية في الصباح والمساء من أقوى الأسباب في دفع مثل هذه المصائب وغيرها، وليعلم العبد أن ما سرق منه في الدنيا فإنه لايضيع عند الله في الأخرة، ومن الأسباب التي يجب أن نقف صفا واحدا فيها هو عدم تسهيل السرقة، فالمال إذا لم يكن في حزر أمين كان ذلك تفريطا وغفلة من صاحبه، فكم من إنسان ترك سيارته ومحرّكها يدور ثم عاد ولم يجدها، وكم من إنسان وضع مالا في سيارته ثم عاد ولم يجده، ومما يوجّه له الآباء الالتفات إلى أبنائهم، وأن يكونوا صدورا واسعة تحتضنهم، فيأخذهم بالرفق فيربوهم على الدين وتعظيم الله جل جلاله في قلوبهم وتبجيل وحب نبيهم، يربوهم على الاستقامة والعفة واحترام حقوق وملك الآخرين.

 

 

وبيان شناعة التعدي على أملاك الآخرين، وتربية الأبناء على القناعة بما قسمه الله لهم من الرزق، وتربيتهم على تحمل المسؤولية من صغرهم وعلى قدر أعمارهم، تربيتهم على حب الخير للناس كما يحبونه لأنفسهم، تربيتهم بمحاسبتهم على أخطائهم وتوجيههم التوجيه السليم وإبعادهم عن رفاق السوء ومحاولة تقريبهم إلى أهل الخير والصلاح، ولاشك أن مثل هذه التربية تحتاج إلى جهاد وعمل حتى تثمر ثمارا يانعة صالحة، فإن الإسلام جاء لحل كل مشكلة، ومحاربة كل جريمة، وجاءت الحدود في هذه الشريعة ردعا لأصحاب النفوس المريضة، وكانت الحدود رحمة من الله تعالى للأمة، وكان القصاص حياة لأولي الألباب، وكان قطع اليد وقاية لأموال الناس.

 

وكان الجلد والرجم حماية لأعراض العالم، وهكذا كانت حدود الشريعة حماية من الله تعالى لأهل الأرض، فلأن يطبق فيهم حد واحد خير لهم من أن يمطروا أربعين صباحا، وإن المال العام هو المال المملوك للأمة كلها، كالموارد والشركات والمؤسسات والمباني والطرق والمدارس والجامعات ووسائل المواصلات، وما يشمل النقود والعروض والأراضي والآليات والمصانع، والانتفاع بهذه الأموال والممتلكات حق للأمة كلها، وليست خاصة بأحد، ومن يتولى أمرها لا يعد مالكا لها، وليس من حقه التصرف المطلق فيها، بل هو أجير أو مؤتمن عليها أو حافظ لها، وعليه أن يديرها وفق القواعد القانونية والشرعية، وقد أكدت الشريعة الإسلامية على حرمة المال العام.

 

وحذرت من أن تمتد الأيدي إلى شيء منه، وقررت عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه استحلال شيء منه لنفسه أو لغيره من دون وجه حق، كما عنيت شريعتنا الغراء بتربية أخلاقية لكل مسلم، حتى يجد رادعا داخليا يمنعه من أن يتلاعب به الشيطان ويدفعه إلى العدوان على المال العام، فقيل أن رجل أدى مال المسلمين كاملا، وأخذ ما أهدي إليه، فغضب من فعله ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن أخذ من مال المسلمين؟ فقولوا لكل من أخذ هدية بسبب منصبه ووجاهته انظر إلى حالك بعد يوم واحد من التقاعد، كيف يكون حالك ترى الذي أهداك بالأمس لا يكاد يلقي عليك السلام، فهل كانت هديته لمحبة أم لأمر أخر؟ فليعتبر من هم اليوم في مناصب ووجاهات بمن سبق.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *