Share Button

فى طريق النور ومع مدعى النبوة عبهلة بن كعب ” الجزء الأول ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

لقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن إتيان العرافين والكهنة والسحرة وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك، فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحوهم، ومنع من يتعاطى شيئا من ذلك في الأسواق وغيرها، والإنكار عليهم أشد الإنكار، والإنكار على من يجيء إليهم، ولا يجوز أن يغتر بصدقهم في بعض الأمور، ولا بكثرة من يأتي إليهم من الناس، فإنهم جهال لا يجوز التأسي بهم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك من المنكر العظيم والخطر الجسيم والعواقب الوخيمة، ولأنهم كذبة فجرة، كما أن في الأحاديث الشريفة دليلا على كفر الكاهن والساحر لأنهما يدعيان علم الغيب، وذلك كفر، ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصدهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله، وذلك كفر بالله وشرك به سبحانه، والمصدق لهم في دعواهم على الغيب يكون مثلهم، وكل من تلقى هذه الأمور عمن يتعاطاها فقد برئ منه رسول الله.

صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجا كنمنمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها، فإن هذا من الكهانة والتلبيس على الناس، ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم، كما لا يجوز أيضا لأحد من المسلمين أن يذهب إليهم ليسألهم عمن سيتزوج ابنه أو قريبه، أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو العداوة والفراق ونحو ذلك لأن هذا من الغيب الذى لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، والسحر من المحرمات الكفرية، كما عرفنا الله عز وجل في شأن الملكين في سورة البقرة، فدلت هذه الآيات الكريمة على أن السحر كفر، وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه، كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعا ولا ضرا، وإنما يؤثر بإذن الله الكوني القدرى لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير والشر، ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين، ولبسوا بها على ضعفاء العقول، وكما دلت الآية الكريمة.

على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنه ليس لهم عند الله من خلاق، أى من حظ ونصيب، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله كما جاء فى سورة البقرة ” ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون” والشراء هنا بمعنى البيع، وقد شرع الله سبحانه وتعالى لعباده ما يتقون به شر السحر قبل وقوعه، وأوضح لهم سبحانه ما يعالج به بعد وقوعه، رحمة منه لهم وإحسانا منه إليهم وإتماما لنعمته عليهم، وأما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه، فأهم ذلك وأنفعه هو التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والمعوذات المأثورة، ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام، ومن ذلك قراءتها عند النوم، وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم، ومن ذلك أيضا قراءة سورة الإخلاص والمعوزتين خلف كل صلاة مكتوبة، وقراءة السور الثلاث ثلاث مرات في أول النهار.

بعد صلاة الفجر، وفي أول الليل بعد صلاة المغرب، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح” وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال” من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه” والمعنى والله أعلم كفتاه من كل سوء، ومن ذلك الإكثار من التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، في الليل والنهار وعند نزول أى منزل في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك” ومن ذلك أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل ثلاث مرات “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم” وأن ذلك سبب للسلامة من كل سوء، وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه.

ولقد شهد التاريخ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل وفى حياته، عددا من مدعى النبوة، كان أبرزهم طليحة بن خويلد الأسدى، الذى قاد حرب الردة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وادعى النبوة وانضمت لدعوته بعد القبائل وهزمه القائد خالد بن الوليد، فدخل الإسلام بعد ذلك واستشهد فى معركة نهاوند، وهناك الأسود العنسى، الذى كان مشعوذا يستعمل السحر لإقناع أتباعه بفكره ويغطى وجهه بخمار فلا يرى منه شيئا وكان له شيطان يأتيه بالأخبار يسمى بالملك وفقا لبعض الروايات، وهناك أيضا لقيط بن مالك الأسدى، ومسيلمة الكذاب الذى أراد مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم فى النبوة، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فى ذلك الامر” إنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبى، وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى”، رواه أبو داود والترمذى وغيرهما، وأما عن عبهلة بن كعب بن غوث العنسي المذحجى المعروف باسم الأسود أوذى الخمار، وهو مدع للنبوة، وقد وردت سيرته في تاريخ الطبرى.

وكذلك فى كتاب البداية والنهاية لابن كثير وكتب السيرة النبوية المختلفة، ولا يعرف الكثير عن وضع اليمن أيام الحكم الفارسى ولقد كان سيدا على مذحج وبعض قبائل اليمن ومذحج هي قبيلة عربية كبيرة من القبائل العربية الكهلانية القحطانية من أقدم واعرق وأشهر القبائل في جزيرة العرب ويعود أقدم ذكر لها في القرن الرابع قبل الميلاد وتعد قبيلة مذحج من جماجم العرب الكبرى ومذحج هو مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام، وسمي مذحج لأنه ولد على أكمة حمراء باليمن يقال لها مذحج، وجاء في تاج العروس بأن مذحج هو مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وقال ابن دريد مذحج أكمة ولدت عليها أمهم فسموا مذحجا، ولذلك سمي بالأسود وزاد أهل الأخبار فقالوا أن أمه سوداء وتجاهل الإخباريون تفاصيل نسبه وكثيرا من حياته محاولة للتقليل من شأنه حاله حال كل من شابهه إلا أن المعروف أن عنس بطن من بطون مذحج وطرد الفرس من اليمن.

وقاتل عامل النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهرب معاذ بن جبل رضي الله عنه ولجأ إلى بني السكون، وهو أحد بطون كندة لإنه كان متزوجا منهم واستولى على صنعاء ونجران وحضرموت والإحساء وتبعته قبائل من اليمن لتعصب فيهم إذ أنها رأت في الزكاة أتاوة يدفعونها لقريش وقد وصفت حركته بأول ردة في الإسلام رغم عدم وجود دلائل على إسلامه فلم يذكر في أي من كتب السيرة أن الأسود العنسي أسلم ثم أرتد بل تكتفي بقول “أرتد من أسلم من مذحج” وإن تاريخ اليمن يكاد يكون مجهولا في الحقبة الساسانية، فاليمنيون حتى مقتل ذو نواس الحميرى كانوا يدونون تاريخهم في النقوش وورد شيء يسير عن سيف بن ذي يزن في الكتابات المسندية حكم الفرس اليمن فهم ساعدوا ذو يزن، على طرد الأحباش الأكسوميين وإخضاع القبائل المسيحية في اليمن التي ثارت على حمير بدايات القرن السادس الميلادي ثم استفرد أحد الساتراب الفرس بالحكم قرابة عام خمسمائة وثمانى وتسعون ميلادية وبقيت الأمور على هذا النحو.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *