Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل فى الجزء الثانى ومع مصر والأمان ووقفنا عندما أهدى إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أهدى إليه عسلا فقبل هديته، وتسرى مارية، فولدت له ابنه إبراهيم، وأهدى أختها لحسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن بن حسان، وسأل عليه صلى الله عليه وسلم عن العسل الذي أهدي إليه، فقال من أين هذا؟ فقيل له من قرية بمصر يقال لها بنها، فقال: ” اللهم بارك في بنها وفي عسلها ” ولكن هناك إيضاح عن سؤال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن العسل الذي أهدي إليه، ودعاؤه للقرية المذكورة التى يقال عنها بنها، فهذا أمر لا يثبت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن قد رواه ابن معين في تاريخه، من طريق ليث عن ابن شهاب قال ” بارك النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم في عسل بنها ”

وقد ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة، من هذا الطريق وقال أنه منكر، وهذا إسناد مرسل ضعيف، وقد قيل أن ابن لهيعة كان قد احترقت كتبه واختلط، وانظر إلى تهذيب التهذيب، وقد كان يزيد بن أبي حبيب من صغار التابعين، فالحديث في الدعاء لبنها، أو فضل عسلها، قيل لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عن البساتين والأشجار التي على نهر النيل، فكانت البساتين بحافتي النيل من أوله إلى آخره ما بين أسوان إلى رشيد لا تنقطع، ولقد كانت المرأة تخرج حاسرة ولا تحتاج إلى خمار لكثرة الشجر، وحتى قيل أنه لقد كانت المرأة تضع المكتل على رأسها فيمتلئ مما يسقط به من الشجر وهى تسير تحته، وأما من كان بها من الصحابة، فقد ذكر أهل العلم والمعرفة والرواية أنه دخل مصر.

في فتحها ممن صحب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، أكثر من مائة رجل وقال يزيد بن أبي حبيب، فقد وقف على إقامة قبلة المسجد الجامع ثمانون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما يعجب من رونق منظرها، فذكر عن كعب الأحبار أنه قال من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة، فلينظر إلى مصر وإذا أخرفت وإذا أزهرت، وإذا اطردت أنهارها، وتدلت ثمارها، وفاض خيرها، وغنت طيرها، وعن عبد الله بن عمرو قال، من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها، ويزهر ربيعها، وتكسى بالنوار أشجارها وتغنى أطيارها، وأما عن وصف أهلها، فقد قال عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما، أن أهل مصر أكرم العرب كلهم، وأسمحهم يدا.

وأفضلهم عنصرا، وأقربهم رحما بالعرب عامة، وبقريش خاصة، وقال وهو يصفها لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، مصر درة ياقوته لو استخرج السلطان كنوزها لكفت الدنيا بأسرها، ويكفى أن السيده هاجر زوجة الخليل إبراهيم عليهما السلام، وهي أم إسماعيل جدّ نبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، كانت مصرية من القبط، وأيضا السيده مارية أم ولده إبراهيم فقد كانت مصرية أيضا، ولذلك قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، قبط مصر هم أخوال قريش مرتين، وقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “إنكم ستفتحون مصر، أحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما” رواه مسلم، فهي وصية للأمة كلها، فعلى كل من تعامل مع المصريين أن يُحسن إليهم، وأن يكرمهم.

وأن يعرف قدرهم، وأن يقف معهم عند حاجتهم، وأن ينصرهم عندما يؤذون، وأن الهدية إليهم من أفضل الهدايا، ولم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم، بمدح مصر وأهلها، بل أمر بالإحسان حتى إلى أقباطها، فقال صلى الله عليه وسلم، ” الله الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عُدة وعونا في سبيل الله” رواه الطبراني وصححه الألباني، وفي أرض مصر يجري نهر النيل المبارك الذي قيل عنه أنه ينبع من أصله من الجنة، وقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” سيحان وجيحان والفرات والنيل، كل من أنهار الجنه ” رواه مسلم ، وفي أرض مصر الربوة التي أوى إليها نبى الله عيسى عليه السلام، وأمه السيده مريم، فقال الله عز وجل فى سورة المؤمنون.

( وجعلنا ابن مريم وأمه آبة وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) وعلى أرض مصر ضرب نبى الله موسى عليه السلام، بعصاه الحجر فانفجر الماء منه، وانشق البحر له، فكان كل فرق كالطود العظيم، ويكفي المصريات فخرا أن المرأة الصالحة التي كانت ماشطة لبنت فرعون كانت مصرية، وقد قال نبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ” لما كانت الليلة التي أسري بي فيها وجدت رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة الطيبة يا جبريل؟ فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها” وإن أهل مصر هم من ألين الناس تعاملا، وأحسنهم أخلاقا وأدبا، وقد قال تاج الدين الفزاري “من أقام في مصر سنة واحدة وجد في أخلاقه رقة وحسنا” وقال ابن ظهيرة عن أهل مصر ” حلاوة لسانهم، وكثرة ملقهم.

ومودتهم للناس، ومحبتهم للغرباء، ولين كلامهم، وحسن فهمهم للشريعة، مع حسن أصواتهم، وطيب نغماتهم وشجاها، وطول أنفاسهم وعلاها، فمؤذنوهم إليهم الغاية في الطيب، ووعاظهم ومغنوهم إليهم المنتهى في الإجادة والتطريب، ونساؤها أرق نساء الدنيا طبعا، وأحلاهن صورة ومنطقا، وأحسنهن شمائل، وأجملهن ذاتا، وما زلت أسمع قديما عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، ولم أره منقولا، أنه قال: من لم يتزوج بمصرية لم يكمل إحصانه” ولقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حتى إنه لما أحصي عدد الصحابة الذين دخلوا مصر أو سكنوا فيها أو زاروها أو حكموها أو دفنوا في ترابها تعدوا خمسين وثلاثمائة صحابيا كلهم دخلوا مصر.

ومنهم من جاء رسولا إليها أو حاكما أو مجاهدا أو معلما، وكان منهم عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي السرح، وعبد الله بن عمرو، وكلهم ولي إمارة مصر، ومنهم جابر بن عبد الله بن حرام، والزبير بن العوام، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو ذر الغفاري، وأبو الدرداء، وأبو هريرة، وعبد الله بن الحارث الزبيدي، وهو آخر صحابي مات بمصر، ثلاثمائة وخمسون صحابيا وهؤلاء كانوا أبرزهم، ولكن، كلهم قد سكنوا مصر أو زاروها، وقيل أنه في مصر ولد خامس الخلفاء الراشدين وهو عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، وإذا تكلمنا عن مصر فإننا نتكلم عن بلاد العلماء الذين وصل أثرهم إلى كل الدنيا.

منهم صحابة كرام، وتابعون أعلام، منهم الليث بن سعد وهو إمام المصريين، الذي قيل عنه: إنه كان أعلم رجال عصره، ومهم القارئ ” ورش”، فإذا سمعت من يقول: “على قراءة ورش” فاعلم أنه المصري، واليوم أكثر أهل إفريقيا والمغرب يقرؤون بقراءة هذا المصري، ومنهم الإمام المحدث عبد الله بن لهيعة، ومنهم الإمام الشافعي، وله طلاب مصريون كثيرون، ومنهم سعيد بن كثير وكان إماما عالما، وقال عنه يحيى بن معيض إمام الجرح والتعديل لما سئل عن مصر، قال “رأيت في مصر ثلاث عجائب، النيل، والأهرام، وسعيد بن كثير، ومنهم عبد الملك بن هشام وهو صاحب السيرة النبوية المشهورة، ومنهم الإمام الطحاوي الذي ألّف العقيدة الطحاوية التي تدرس اليوم في كل العالم.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *