Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الحيث فى الجزء الثانى ومع القائد العسكرى فى الدوله الأمويه، معاويه بن حديج، ونكمل مع حجر بن عدى والذى قال عنه ابن عبد البر في كتابه الاستيعاب، أنه من صغار الصحابة، وأنه قتل في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، بعد أن رمى زياداً بن أبيه والي العراق بالحصى في المسجد، وأما عن معاويه بن حديج فيقول معاوية بن حديج: بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد ثم دخلت المسجد فبينما أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب فقالت: من أنت؟ قلت: أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن العاص فانصرفت عني ثم أقبلت تشتد فقالت: قم فأجب أمير المؤمنين: فتبعتها فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ويشد إزاره بالأخرى فقال: ما عندك؟

قلت: خير يا أمير المؤمنين فتح الله الإسكندرية فخرج معي إلى المسجد فقال للمؤذن: أذن في الناس: الصلاة جامعة فاجتمع الناس ثم قال لي: قم فأخبر الناس فقمت فأخبرتهم ثم صلى ودخل منزله واستقبل القبلة فدعا بدعوات ثم جلس فقال: يا جارية هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت فقال: كل فأكلت على حياء ثم قال: كل فإن المسافر يحب الطعام فلو كنت آكلا لأكلت معك فأصبت على حياء ثم قال: يا جارية هل من تمر؟ فأتت بتمر في طبق فقال: كل فأكلت على حياء ثم قال: ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟ قال: قلت أمير المؤمنين قائل، قال: بئسما ظننت لئن نمت النهار لأضيعن الرعية ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟ فقام معاوية بن حديج بالتوسط بين عمرو بن العاص ومعاوية لما صار الأمر في يدي معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو بن العاص ما عاش.

ورأى عمرو أن الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه وسعيه فيه وظن أن معاوية سيزيده الشام مع مصر فلم يفعل معاوية، فتنكر عمرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا وتميز الناس وظنوا أنه لا يجتمع أمرهما فدخل بينهما معاوية بن حديج فأصلح أمرهما وكتب بينهما كتابا وشرط فيه شروطا لمعاوية وعمرو خاصة وللناس عامة وأن لعمرو ولاية مصر سبع سنين وعلى أن على عمرو السمع والطاعة لمعاوية، وتواثقا وتعاهدا على ذلك وأشهدا عليهما به شهودا، ثم مضى عمرو بن العاص على مصر واليا عليها وذلك في آخر سنة تسعه وثلاثين من الهجره، فوالله ما مكث بها إلا سنتين أو ثلاثا حتى مات، وقد غزا معاوية بن حديج إفريقية سنة أربعه وثلاثين من الهجره، وكان عاملا على مصر فغزاها ونزل جلولاء وقاتل مدد الروم الذي جاءها من قسطنطينية.

وقد لقيهم بقصر الأحمر فغلبهم وأقلعوا إلى بلادهم وافتتح جلولاء وغنم وأثخن ولاه معاوية بن أبي سفيان مصر فلما سار إليها تلقاه معاوية بن حديج على مرحلتين من مصر فقال له ارجع إلى خالك معاوية فلعمرى لا ندعك تدخلها فتسير فيها وفينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة فرجع ابن أم الحكم إلى معاوية ولحقه معاوية بن حديج وافدا على معاوية فلما دخل عليه وجد عنده أخته أم الحكم وهي أم عبد الرحمن الذي طرده أهل الكوفة وأهل مصر فلما رآه معاوية قال بخ بخ هذا معاوية بن حديج فقالت أم الحكم لا مرحبا به تسمع بالمعيدى خير من أن تراه فقال معاوية بن حديج على رسلك يا أم الحكم أما والله لقد تزوجت فما أكرمت وولدت فما أنجبت أردت أن يلى ابنك الفاسق علينا فيسير فينا كما سار في إخواننا أهل الكوفة فما كان الله ليريه ذلك ولو فعل ذلك لضربناه ضربا يطأطئ منه رأسه.

أو قال لضربنا مصاصا منه وإن كره ذلك الجالس فالتفت إليها معاوية بن أبي سفيان فقال كفى، فهذا درس يجب علي المسلمين أن يتعلموه، قول الحق ولو كان مر، والأمر بالمعروف، وعن معاوية بن حديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ” غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ” وعن معاوية بن حديج أن النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، قد صلى يوما فسلم وانصرف وقد بقي عليه من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال: نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمره بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة فأخبرت بذلك الناس فقالو: أتعرف الرجل؟ فقلت: لا إلا أن أراه فمر بي فقلت: هو هذا فقالو: هذا طلحة بن عبيد الله، وتشير بعض الروايات لمعاويه بن حديج، إلى أنه هو من قتل محمد بن أبي بكر الصديق.

وهو ابن الخليفة الراشد أبي بكر الصديق انتقاما من قتلة الخليفة الثالث عثمان بن عفان، في حين أن مسؤولية محمد بن أبي بكر مختلف عليها إلا أنه من المتفق عليه أنه كان داخل بيت عثمان يوم مقتله كما روى شاهد العيان الحسن البصري فقال: أنبأني وثاب، وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكان بين يدي عثمان بن عفان، ورأيت بحلقه أثر طعنتين كأنهما كبتان طعنهما يومئذ يوم الدار وهى دار عثمان، فقال: بعثني عثمان بن عفان، فدعوت له الأشتر، فجاء، وقال ابن عون: أظنه قال: فطرحت لأمير المؤمنين وسادة، وله وسادة، فقال عثمان بن عفان، يا أشتر، ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاث ليس لك من إحداهن بد، قال عثمان، وما هن؟ قال: يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول “هذا أمركم فاختاروا له من شئتم”، وبين أن تقص من نفسك.

فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك، فقال: أما من إحداهن بد؟ قال: لا، ما من إحداهن بد، فقال: أما أن أخلع لهم أمرهم، فما كنت لأخلع الله تعالى، فقال عثمان، وقال غيره أيضا، والله لأن أقدم فتضرب عنقي، أحب إلي من أن أخلع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بعضها على بعض، وقالوا: هذا أشبه بكلام عثمان، وأما أن أقص من نفسي، فو الله لقد علمت أن صاحبي بين يدي قد كانا يعاقبان، وما يقوم بد في القصاص، وأما أن تقتلوني، فو الله لئن قتلتموني لا الذئبة بعدي أبدا، ولا تصلون بعدي جميعا أبدا، ولا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا، ثم قام فانطلق، فمكثا، فقلنا لعل الناس، فجاء رويجل كأنه ذئب، فاطلع من باب ثم رجع، فجاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا، حتى انتهي إلى عثمان، فأخذ بلحيته، فقال بها حتى سمع وقع أضراسه، فقال: ما أغنى معاوية، ما أغنى عنك ابن عامر، ما أغنت كتبك.

فقال عثمان : أرسل لي لحيتي يا ابن أخي، أرسل لي لحيتي يا ابن أخي، فقال وثاب، فأنا رأيت استعداء رجل من القوم يعينه، فقام إليه بمشقص حتى وجأ به في رأسه أى في رأس عثمان، ثم قلت ثم مه؟ قال: ثم تغاووا والله عليه، حتى قتلوه، وأما عن معاويه بن حديج، فإنه تعقب معاوية بن حديج محمد بن أبي بكر ويروي القصة ابن كثير: أنه تفرق اصحاب محمد بن ابي بكر الصديق عنه ورجع يمشي فرأى خربة فآوى إليها ودخل عمرو بن العاص فسطاط مصر وذهب معاوية بن حديج في طلب ابن ابي بكر فمر بعلوج من الناس في الطريق فقال لهم: هل مر بكم أحد تستنكرونه؟، قالوا: لا، فقال رجل منهم: إني رأيت رجلا جالسا في هذه الخربة، فقال بن حديج: هو ورب الكعبة فدخلوا عليه واستخرجوه منها وكاد يموت عطشا فأنطلق اخوه عبد الرحمن بن ابي بكر إلى عمرو بن العاص.

وكان قد قام معه إلى مصر فقال:ايقتل أخي صبرا؟ فبعث عمرو بن العاص إلى معاوية بن حديج ان ياتيه بمحمد بن ابي بكر ولا يقتله، فقال ابن حديج: كلا والله، ايقتلون كنانة بن بشر واترك محمد بن ابي بكر؟ وقد سالهم محمد بن أبي بكر ان يسقوه شربة من الماء” فقال معاوية: “لا سقاني الله ان سقيتك قطرة من الماء ابدا” فأدخله في جوف حمار ميت وأحرقه، وقد قال ابن تيمية: وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته ومحمد بن أبي بكر ليس بهذه المنزلة عند الناس ولم يدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا اشهرا قليلة من ذي القعدة إلى أول شهر ربيع الأول فإنه ولد بالشجرة لخمس بقين من ذي القعدة عام حجة الوداع.

وقال ابن سعد: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: أخبرنا أبو الأشهب وهو جعفر بن حيان قال: أخبرنا الحسن البصري، قال: لما أدركوا بالعقوبة ويعني قتلة عثمان بن عفان، فقد أخذ الفاسق بن أبي بكر وقد قال أبو الأشهب: وكان الحسن لا يسميه باسمه إنما كان يسميه الفاسق، فأخذ فجعل في جوف حمار، ثم أحرق عليه، وبعضهم قال أن قاتله عمرو بن عثمان، ولما أخذ معاوية بن أبي سفيان مصر أكرمه ويعنى أكرم معاوية بن حديج، ثم استنابه بها بعد عبد الله بن عمرو بن العاص فانه ناب بها بعد أبيه سنتين ثم عزله معاوية وولى معاوية بن حديج فلم يزل بمصر حتى مات بها سنة اثنين وخمسين من الهجره، وقد قال ابن يونس، أنه مات بمصر في سنة اثنتين وخمسين من الهجره، وولده إلى اليوم بمصر، ومازال الحديث موصولا عن الدوله الأمويه .

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *