Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن الصراع فى الحياه هو أمر ملازم لطبيعة الخلاف وخصائص المختلفين، وفي سيكولوجية سلوك الجماعات أنه بمجرد تكوّن الجماعة وتنافسها يظهر الصراع بشكل تلقائي، ويكون ذلك نتيجة للاختلافات فيما بين الأفراد، وحينما يحدث الخلاف بين الأشخاص قد يتطور الموقف ليولد الصراع، وقد يتحول سلوك بعضهم إلى العدوان، وهنالك آخرون يكونون في الظاهر هادئين، ولكن داخلهم يمور غضبا، وقد يقوم بعضهم بعقاب البعض، أو الاعتداء بالفعل أو القول، وأحيانا بالصمت، والخلاف بين الناس هو جزء من طبيعة البشر، فلا يوجد شخصان مهما كان توافقهما يعيشان دون حدوث خلافات في الرأي بينهما، ويقول الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة هود.

( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحده ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) ولكن هذا الخلاف قد تحوله مشاعر الكراهية والبُغض والخوف والإعراض والأخلاق الصّدامية إلى صراع بين الأفراد، وقد يتطور ليكون عائقا في الحياة اليومية، وإن الصراع هو أمر وارد في جوانب الحياة المختلفة، ينتج عن الاختلافات في الآراء، لكن الصراع في نظر الكثيرين اكتسب سمعة سيئة، مما جعل رأي الكثيرين أنهم ينبغي أن يتجنبوه، وأما عن واقعة دير الجماجم فقد كانت هذه الواقعه فى عام ثلاثه وثمانين من الهجره النبويه الشريفه، وكانت في مكان بين الكوفة والبصرة وهذا المكان يسمى دير الجماجم، وقضى فيها الحجاج بن يوسف الثقفي، على أعنف الثورات الخارجة على بني أمية بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث.

كانت العراق دائما مصدر قلاقل واضطرابات على بني أمية للعداء الموروث من أيام علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما، لذلك فإن بني أمية عمدوا دائما على رمي أهل العراق بولاة غاية في الشدة والحزم إلى درجة الظلم والطغيان، على رأس هؤلاء، طاغية الزمان الحجاج بن يوسف الثقفي الذي خضد شوكة العراقيين وسامهم العسف وأذلهم بشدة، فساءهم ذلك، وتمنوا الخلاص منه خاصة العلماء والعباد الذين هالهم سفك الدماء، وتأخير الصلوات، وظلم الناس، ولكن الحجاج كان شديد الدهاء والحنكة السياسية فقد كان يشغل الناس بالجهاد في سبيل الله في بلاد ما وراء النهر، ولعل هذا كان من حسناته لكثرة فتوحات المسلمين في عهده، المهم كانت هناك شخصية قوية بين أهل العراق مرشحة لمنازلة الحجاج.

وهو عبد الرحمن بن محمد بن قيس بن الأشعث وكان من الأبطال الشجعان، وكان الحجاج يبغضه بشدة، ولكن يعرف منزلته وكفاءته لذلك فإن الحجاج قد أعد يوما جيوشا عظيمة من أهل العراق وأمَّر عليهم عبد الرحمن بن الأشعث، لغزو بلاد السند وملكهم رتبيل، للانتقام من مصاب المسلمين بأرضه في العام السابق، وقد دخل المسلمون بقيادة ابن الأشعث بلاد الترك فخافهم رتبيل، وأرسل إليهم ليصالحهم، فرفض ابن الأشعث وأصر على القتال وحقق انتصارات رائعة، واستولى على أراضٍ كثيرة، وكان قد فتح بلدا عين عليها نائبا من طرفه يحفظها، وأوغل جدا في بلاد رتبيل، ثم رأى أن يتوقف عن التوغل في تلك البلاد حتى يصلحوا ما بأيديهم من البلاد المفتوحة، ويتقووا بما فيها من الغلات والمحاصيل.

ثم يواصلون السير في العام المقبل، ليقضوا على ملك رتبيل للأبد وكان هذا رأيا صائبا سليما، فكتب ابن الأشعث للحجاج بذلك، فلم يعجب الحجاج ذلك الرأي، وأرسل لابن الأشعث يشتمه ويسبه ويصفه بالجبن والنكول، ويأمره بمواصلة السير نحو بلاد رتبيل، وأرسل إليه إن لم يفعل فهو معزول من قيادة الجيش، وقد جمع عبد الرحمن بن الأشعث رءوس أهل العراق وأمراء الجيوش وأخبرهم بما أمره به الحجاج وقال لهم: الرأي ما ترون، ولكني لست بمطيعه، فثار الناس من كل ناحية وقالوا “لا بل نأبى على عدو الله الحجاج بن يوسف ولا نسمع له ولا نطيع” ثم قام عامر بن وائلة الكناني ودعا الناس لخلع الحجاج، ولم يذكر خلع عبد الملك بن مروان ومبايعة عبد الرحمن بن الأشعث أميرا على العراق.

فقام الناس كلهم فبايعوا عبد الرحمن على ذلك وقرروا السير لمحاربة الحجاج، فلمَّا توسَّطوا الطريق قال بعضهم “إن خلعنا للحجاج بن يوسف هو خلع لابن مروان” فخلعوهما وبايعوا ابن الأشعث خليفة، وكانت أول غلطة ارتكبتها تلك الحركة، لأنه لا يجوز أن يكون الخليفة من غير قريش وعبد الرحمن أصلا من اليمن، فلا تجوز مبايعته بالخلافة، لذلك فقد امتنع بعض أهل العلم الموجودين في جيش عبد الرحمن بن الأشعث عن مبايعته بالخلافة، واكتفوا بمبايعته بالإمارة على العراق، وقد سارت الثورة متجهة إلى العراق ووصلت الأخبار للمهلب بن أبي صفرة أمير خراسان، فكتب لابن الأشعث ينهاه عن ذلك، ويحذره من التسبب في إراقة دماء المسلمين، ثم كتب المهلب إلى الحجاج يحذره من المبادرة لقتال عبد الرحمن ومن معه.

لأن أهل العراق لهم شدة في بدايتهم ثم خور في نهايتهم، ولكنه لم يقبل هذه النصيحة وكتب الحجاج لعبد الملك بالأمر وطلب منه الإمدادات اللازمة، لقمع هذه الثورة فأرسل له عبد الملك بالجنود والأموال، وجعل الناس في العراق ينحازون للثورة حتى عظم أمرها جدا وصار جملة جيش بن الأشعث ثلاثة وثلاثين ألف فارس ومائة وعشرين ألف رجل، وأعد الحجاج جيشا يقارب هذا العدد، وسار لمنع ابن الأشعث من التقدم، وقد حدث أول صدام مسلح بين مقدمة جيوش الثورة ومقدمة جيوش الحجاج بن يوسف، فانتصرت مقدمة الثورة وفتكت بمقدمة الحجاج، وذلك في العاشر ذي الحجة سنة واحد وثمانين من الهجره، فلما وصلت الأخبار للحجاج تأسف، لأنه لم يعمل بنصيحة المهلب وقرر العودة بجنوده إلى البصرة ليعيد ترتيب أوراقه.

فأسرع ابن الأشعث بجيوشه الضخمة وراء الحجاج ففر الحجاج هاربا من البصرة، ودخلها ابن الأشعث فخطب في الناس وحضهم على قتال الظالمين ودعاهم للسير لقتال عبد الملك بن مروان نفسه في الشام، فوافقه أهل العراق على ذلك بما في ذلك علماؤها وفقهاؤها، وعظم الخطب جدا وكبر أمر الثورة، وأما عن العراق فهو بلد يقع في غرب آسيا يشمل السهول الرسوبية في بلاد الرافدين، والطرف الشمالي الغربي من سلسلة جبال زاجروس، والمنطق الشرقية من الصحراء السورية، وتحده تركيا من الشمال، وإيران من الشرق، والكويت من الجنوب الشرقي، والسعودية من الجنوب، والأردن من الجنوب الغربي، وسوريا من الغرب، ويمتلك العراق قطاع ساحلي ضيق يبلغ ثمانى وخمسين كيلو متر.

على الساحل الشمالي للخليج العربي، وعاصمته هى مدينة بغداد التى تقع في المنطقة الشرقية الوسطى من البلاد، أى فى وسط البلاد، ويجري نهري دجلة والفرات، من الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي، وأما عن مدينة البصره فهي عاصمة محافظة البصرة، وتقع على نهر شط العرب جنوب العراق بين الكويت وإيران، وتعد البصرة الميناء الرئيسي للعراق، بالرغم من أن ليس لديها مدخل مياه عميقة، والذي يقع في ميناء أم القصر، والمدينة هى جزء من موقع سومر التاريخي، وهى موطن السندباد البحري، وقد لعبت البصرة دورا هاما في التاريخ الإسلامي المبكر وبنيت فى العام الخامس عشر من الهجره النبويه الشريفه، وهي ثاني أكبر مدن العراق وأكثرها اكتظاظا بالسكان بعد مدينة بغداد.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *