Share Button
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله يوشع بن نون عليه السلام، وقد توقفنا فى الحديث بإن الأنبياء معصومون من الوقوع في الرذائل التي تقدح في شرفهم ومكانتهم باتفاق المسلمين، فمن العجب أن يسأل مسلم عن قصة بديهية البطلان، لا يرتاب ذو عقل سوي في أنها من الكذب والبهتان والتحريف المفضوح، فقال ابن حزم في كتابه “الفصل في الملل والأهواء والنحل” نذكر إن شاء الله تعالى ما في الكتب المذكورة من الكذب الذي لا يشك كل ذي مسكة تمييز في أنه كذب على الله تعالى وعلى الملائكة عليهم السلام وعلى الأنبياء عليهم السلام إلى أخبار أوردوها لا يخفى الكذب فيها على أحد، كما لا يخفى ضوء النهار على ذي بصر، ثم قال في جملة ما ذكر من الدلائل على تحريف تلك الكتب متناقض ما فيها، وتالله ما رأيت أمة تقر بالنبوة وتنسب إلى الأنبياء ما ينسبه هؤلاء الكفرة، فتارة ينسبون إلى الخليل إبراهيم عليه السلام أنه تزوج إلى أخته فولدت له إسحق عليهما السلام، ثم ينسبون إلى يعقوب أنه تزوج امرأة فدست إليه أخرى ليست امرأته فولدت له أولادا منهم انتسل موسى وهارون وسليمان وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام، ثم ينسبون إلى روبان بن يعقوب أنه زنى بربيبته زوج النبي أبيه وأم أخويه، ثم ينسبون إلى نبيه يعقوب عليه السلام أنه فسق بها كرها وافتضها غلبة، ثم ينسبون إلى يهوذا زناه بامرأة ولديه.
فحبلت وولدت من الزنا ولدا منه انتسل داود وسليمان عليهما السلام، ثم ينسبون إلى يوشع بن نون أنه تزوج رحب الزانية المشهورة الموقفة نفسها للزنا للجميع في مدينة أريحا، ونبى الله يوشع بن نون بن أفرانيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، قد ذكر المؤرخون أن الله تعالى فتح على يديه بيت المقدس، وقد خصه الله بكرامة لم ينلها غيره، وهي حبس الشمس له، وقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس” وقال ابن كثير في البداية والنهاية، ولما استقرت يد بني إسرائيل على القدس استمروا فيه وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة، فكان مدة حياته بعد موسى سبعا وعشرين سنة، وإن هناك آراء ترى أن النبى موسى عليه السلام، قتله قومه وبعد ذلك انتظروا ظهور المسيح الذى سينقذهم مما فعلوه، لكن الواضح أن الفراس سواح نفسه لا يرجح هذه الرأى، أما الذى قال بذلك فهو الباحث الألمانى “أرنست سيلين” ويقول أرنست سيلين، إن موسى مات مقتولا من شعبه والذى قتله هو من خلفه يوشع بن نون بعدما اصطحبه للجبل ليرى الله ولكنه عاد من دونه، وفى كتاب “موسى الإنسان وديانة التوحيد” للكاتب سيجموند فرويد يشير إلى مقولة “سيلين” الذى يقول إن اليهود الذى وصفتهم التوراة كانوا عنيدين.
لا يطيعون مشرعهم وزعيمهم، وتمردوا عليه آخر الأمر وقتلوه وطرحوا عنهم ديانة آتون التى فرضها عليهم كما فعل المصريون من قبلهم، وقيل أن النبى إليسع أو ذو الكفل، وإن البعض يعتقد أن اليسع، هو يوشع بن نون، وهو أحد أنبياء بنى إسرائيل المعروفين، وقد دخلت الألف واللام على اسمه كما أبدلت الشين بالسين، ودخلت الألف واللام على الاسم غير العربى وهذا اسم عبرى، أمر غير جديد، فمثلها مثل إسكندر التى تلفظ وتكتب بالعربية الإسكندر إذ هو نوع من التقريب، وقد روى الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما أن ذا الكفل هو يوشع بن نون‏، وفى رواية عن ابن عباس رضى الله عنهما قال‏ كان ذو الكفل من أولاد أيوب فأرسله الله تعالى داعيا إلى توحيده بالشام‏، وإن يوشع بن نون عليه السلام نبي من الأنبياء الكرام، وقد جاء في البداية والنهاية لابن كثير، هو يوشع بن نون بن أفراييم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون هو يوشع بن عم نبى الله هود عليهما السلام، وقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم غير مصرح باسمه في قصة الخضر كما تقدم في قوله” وإذ قال موسى لفتاه” كما جاء فى سورة الكهف وقال ” فلما جاوزا قال لفتاه” وقد تم تقديم ما ثبت في الصحيح، من رواية أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من أنه يوشع بن نون، وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب.
وبحسب موسوعة “اليهود واليهودية والصهيونية” للمفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيرى، قد اقترن اسم هذا النبي الكريم في المعرفة التوراتية والثقافة الإسرائيلية بالقائد العسكري الصلب الذي استعمل جميع الأساليب المحظورة في سبيل تثبيت عرش دولة العبرانيين، كالحرق والهدم والابتزاز بالعاهرات ونحو ذلك مما نعتقد بطلان نسبته إليه، فالأنبياء في العقيدة الإسلامية معصومون من الوقوع فى كبائر الذنوب وخوارم المروءة، ومعلوم أن الكتب المحرفة التى فى أيدى اليهود تشتمل على الكثير جدا من الطعن المخزى فى رسل الله وأنبيائه الكرام، وحول نبى الله يوشع بن نون، أو يشوع بن نون فإنه وُلد فى مصر، وأرسله نبى الله موسى مع كالب ليتجسسا ويصوره العهد القديم باعتباره نبيا وقائدا عسكريا قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان، واقتحمها حسب الرواية التوراتية بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيين والحيثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين، فأحرقوا بعض مدنهم، وقتلوا رجالهم مستخدمين الوسائل كافة، ومن ذلك الخداع والتجسس عن طريق العاهرات، وذكر بن كثير أنه لم يخرج أحد من التيه، الذى عاقب الله به بنى إسرائيل بعد رفضهم لقتال القبائل الكنعانية التى كانت تسكن المدينة المقدسة فى فلسطين وكانت مدة التيه أربعين عاما وقد مات فيها نبى الله موسى عليه السلام، إلا اثنين، منهما يوشع بن نون عليه السلام، الذى قاد بنى إسرائيل لقتال الجبارين.
وذكر ابن كثير أن يوشع كان الذى خرج ببنى إسرائيل من التيه، وقصد بهم بيت المقدس، فقال أهل التاريخ، إنه قطع ببنى إسرائيل نهر الأردن وانتهى إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا، وأكثرها أهلا، فحاصرها ستة أشهر، ثم إنهم أحاطوا بها يوما وضربوا بالقرون يعنى الأبواق، وكبروا تكبيرة رجل واحد، فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة، فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا اثنى عشر ألفا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكا كثيرة ويقال إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكا من ملوك الشام، ولعل قول ابن كثير يتطابق مع ما ورد أن فتى موسى أحد أنبياء بني إسرائيل فيما بعد، وأشهر قادتهم ورموزهم التاريخية؛ وهو الذي تولى مقام النبوة بعد موت نبى الله موسى عليه السلام، وقد جاء خبره في السنة النبوية الشريفة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس” رواه الإمام أحمد، وقد زعم بعضهم أن موسى عليه السلام، هو الذى خرج بهم من التيه، ودخل بهم الأرض المقدسة، وهذا خلاف ما عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين، ومما يدل على ذلك قوله لما اختار الموت، رب أدننى إلى الأرض المقدسة رمية حجر، ولو كان قد دخلها لم يسأل ذلك، لكن لما كان مع قومه بالتيه، فكان لما توفى نبي الله موسى عليه السلام بعث الله تعالى يوشع بن نون عليه السلام، نبيا إلى بني إسرائيل.
وأمره الله تعالى بالمسير إلى مدينة أريحا وهي مدينة الجبارين، وكذلك اختلف العلماء في فتحِ أريحا على يد من كان، فقال ابن عباس رضي الله عنه إن موسى وهارون ماتا في التيه، وأنه ومات أيضا كل من دخله وقد جاوز العشرين سنة إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، فلما انقضت أربعون سنة أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون وأمره بالمسير إلى أريحا وفتحها، وبهذا قال قتادة والسدي وعكرمة، وقال آخرون إن نبى الله موسى عليه السلام عاش حتى خرج من التيه، وقد سار نبى الله موسى عليه السلام، بعد ذلك إلى مدينة الجبارين ومعه يوشع بن نون ففتحها، وكذلك قال إبن إسحاق، وقال أيضا أنه قد سار نبى الله موسى بن عمران إلى أرض كنعان لقتال الجبارين، فقدم يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وهو صهره على أخته مريم بنت عمران، فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعور وهو من ولد نبى الله لوط، فقالوا له إن موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا فادع الله عليهم، فقال لهم كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة، وامتنع عن الدعاء عليهم إلى أن خدعته زوجته مرارا وصار كلما حاول أن يدعو عليهم ينصرف لسانه للدعاء لهم وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب الدعاء عليهم، ثم إن نبى الله موسى عليه السلام، قدم يوشع بن نون إلى أريحا في بني إسرائيل ففتحها وقتل الجبارين الذين كانوا فيها وبقيت منهم قلة، وبعد أن بقيت قلة من الجبارين في أريحا وقد قاربت الشمس أن تغرب خشي نبى الله يوشع عليه السلام أن يدركه الليل فيعجز عن قتلهم.
فدعا الله أن يحبس عليهم الشمس، فتقبل الله عز وجل دعائه ففعل وحبسها حتى قتلهم جميعا، ودخل موسى فأقام فيها ما شاء الله أن يقيم ثم قبضه الله إليه، وقد ذكر المؤرخون أن الله فتح على يديه أيضا بيت المقدس، وبعد أن استقر بنو إسرائيل في بيت المقدس استمروا فيها وفيهم يوشع بن نون يحكم بينهم بالتوراة حتى قبضه الله تعالى، ولقد قدمنا ما ثبت فى الصحيح من رواية أبى بن كعب رضى الله عنه، عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من أنه يوشع بن نون، وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة لا يقرون بنبوة أحد بعد نبى الله موسى عليه السلام إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به فى التوراة، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم من ربهم، وأما ما حكاه ابن جرير وغيره من المفسرين، عن محمد بن إسحاق، من أن النبوة حولت من نبى الله موسى، إلى يوشع في آخر عمر نبى الله موسى، فكان نبى الله موسى يلقي يوشع فيسأله ما أحدث الله إليه من الأوامر والنواهى، حتى قال له يا كليم الله، إني كنت لا أسألك عما يوحي الله إليك حتى تخبرني أنت، ابتداء من تلقاء نفسك، فعند ذلك كره نبى الله موسى الحياة وأحب الموت، وقد دخل بني إسرائيل إلى أرض فلسطين لأول مرة بعد خروجهم من فترة التية، على يد نبي الله يوشع بن نون، الذي يعد أول من فتح بيت المقدس، ويوشع بن نون، كان من تلاميذ النبي موسى عليه السلام، وذكره الله تعالى في القرآن غير مصرح باسمه في قصة سيدنا موسي والخضر، وقيل أنه لم يخرج أحد من التيه.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *