Share Button

فى طريق النور ومع نشأة أبو حنيفة النعمان ” جزء 1 “

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد نزل الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضى الله عنه مدينة الكوفة عقب إنشائها على عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى السنة السابعة عشر ليعلم الناس ويفقّههم في دينهم، فالتف الناس حوله، وكان بحرا زاخرا من بحور العلم، وكان متأثرا بطريقة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الاستنباط والبحث، والأخذ بالرأي عند افتقاد النص، مع الاحتياط والتحري في قبول الحديث النبوي، وبرز من تلامذة ابن مسعود عدد من الفقهاء الأفذاذ، يأتي في مقدمتهم عبيدة بن قيس السلماني، وعلقمة بن قيس النخعي الذي قال عنه شيخه ابن مسعود لا أعلم شيئا إلا وعلقمة يعلمه، بالإضافة إلى شريح الكندي الذي ولي قضاء الكوفة في عهد عمر بن الخطاب.

 

واستمر على القضاء اثنتين وستين سنة، وحمل أمانة العلم من بعدهم طبقة لم يدركوا ابن مسعود، ولكن تفقهوا على يد أصحابه، وكان أبرز هذه الطبقة إبراهيم بن يزيد النخعي، فقيه العراق دون منازع، فضلا عن تمكنه الراسخ في علوم الحديث، وهو ينتمي إلى أسرة كريمة، اشتهر كثير من أفرادها بالنبوغ والاشتغال بالفقه، وعلى يد إبراهيم النخعي تتلمذ حمّاد بن سليمان، وخلفه في درسه، وكان إماما مجتهدا، كانت له بالكوفة حلقة عظيمة، يؤمها طلاب العلم، وكان من بينهم أبو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهى إليه الفقه وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه، والتف حوله الراغبون في الفقه، برز منهم تلامذة بررة، على رأسهم أبو يوسف، ومحمد، وزفر.

 

وعملوا معه على تكوين المذهب الحنفي، ولقد تركه والده يطور في المتجر في حين إنه أحيانا ما تحدث مشاكل حينما يريد الابن أن يتدخل في تجارة والده، فالابن يريد أن يطور والأب غير موافق، فقال والده له افعل ما تراه وأنا معك ولكن أخبرني، قل لي ماذا ستفعل؟ فبدأ المتجر في الازدهار، وبدأ المال يأتي والغنى يزيد، ويقول الناس كنا نراه يلبس الحلة كان يلبس العباءة تساوي ألف وخمسمائة درهم في الوقت الذي كان فيه العشرة يشترون اللحم بخمسة دنانير، وعلى الرغم من كل هذا الغنى وعندما سلك طريق العلم كان دخله السنوي يتعدى المائتي ألف دينار ولم تجب عليه الزكاة أبدا، لأنه لا يدخر شيئا وينفق كثيرا، وكان يُبقى لنفسه وأهله أربعة آلاف درهم في السنة فقط.

 

فقد بدأ تاجرا ناجحا يثير إعجاب كل الناس حتى مر يوما على شخص يدعى الشعبي، وهو واحد من أئمة الإسلام الكبار المشهورين الذي له وقفات كبيرة في الإسلام، وكان يستعان به في القضايا الكبرى، فعندما رآه الشعبي ناداه وسأله إلى ممن العلماء يذهب فقال قل لي إلى من تختلف من الأساتذة؟ أي إلى من الأساتذة تذهب فقال أختلف إلى السوق على يد الأستاذ فلان، فقال الشعبي لست عن هذا أسأل، ولكن أسأل على العلماء، فقال لا والله، لا أختلف إليهم، فنظر إليه الشعبي وقال أرى فيك يقظة وحركة وهمة وذكاء، أظن أن التجارة لن تشبعها، هل لك إلى أن تأخذ شيئا مع التجارة يكون عونا لك على التجارة، وتكون التجارة عونا لك فيه؟ قال وما هذا الشيء؟

 

قال العلم، تعلم العلم، فإن لك عقلا وذكاء، فيقول فوقع كلامه في قلبي، فالشعبي رأى أنه شاب غير عادي يبذل كل جهده في التجارة، ولكن هذا العقل، وهذه الحيوية لن تستوعبها التجارة فقط ورأى أن العلم سيشبعها، فبدأ يفكر في كلام الشعبي وفي تعلم العلم، فقرر أن يذهب ويتعلم، فقال فأي إطار أو أي نمط من أنماط العلم أتعلم؟ يقول فبدأت أسأل لأختار، فقلت حدثوني ما هي أنماط العلم؟ فقيل لي القرآن والحديث واللغة والشعر والفقه، يقول فبدأت أسأل عن واحد واحد، فإذا دخلت القرآن فحفظت القرآن، وحفظت التفسير، ماذا يكون آخر أمري؟ فقالوا تقرأ القرآن على الناس وتعلم الصبيان القرآن، يقول ثم ماذا؟ يقولون فإذا كبرت، خرج من الشباب من هو أقدر منك على القراءة فيسبقك.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *