Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع نعمة الأمن والأمان، ولا يكتمل إسلام المرء حتى يعمل بلسانه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم النافع، أو تقديم النصيحة والمشورة المفيدة النافعة وغير ذلك من المصالح التي تعود بالنفع العاجل على المرء وعلى إخوانه المسلمين، ولو تحقق أن كف المسلم لسانه عن إيذاء الناس وكف يده كذلك عن إيذاء الناس فلا يكسب بيده شرا وإنما يُعملها في الخير والنفع، ولو تحقق هذا لصار المسلم آمنا في سفره وفي إقامته وفي بيته وخارج بيته ولصار مجتمع المسلمين مجتمعا فاضلا على ما يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولساد الأمن والأمان مجتمع الإسلام، وكما صار من الوضوح بمكان ارتباط سائر أنواع الأمن بعضها ببعض.
فلا أمن اجتماعيا من غير أمن اقتصادي ففي مجال الأمن الاقتصادي فإن قوامه في الإسلام ضمان حد الكفاية لكل فرد, أي المستوي اللائق للمعيشة وليس مجرد حد الكفاف، أي المستوي الأدنى للمعيشة مما عبرت عنه الآية الكريمة فى سورة المعارج ” والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم” وقوله تعالى فى سورة النور ” وآتوهم من مال الله الذى آتاكم” فحيازة البعض للمال في الإسلام ليست امتلاكا وإنما هي أمانة ومسئولية لأنه خليفة علي هذا المال وقوله تعالي فى سورة التكاثر ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم” وقوله تعالى فى سورة الحديد ” آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه” ومن هنا جاء قول الرسول صلي الله عليه وسلم.
“أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم” رواه أبوداود، وقول الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه “إن الله فرض علي الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم” فالأمن الاقتصادي المتمثل في عدالة توزيع الثروة، كما دعي الإسلام إلي كل وسائل الأمن والاستقرار من أجل مزيد من الازدهار الاقتصادي والغني حيث أنه لا بأس بالغني لمن اتقي والعشرة المبشرون بالجنة كان من بينهم تسعة من أغني أغنياء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وقد دلت سائر أحداث التاريخ البعيد والقريب على أن الحضارة لا تزدهر، وأن الأمم لا ترتقي ولا تتقدم إلا في ظلال الاستقرار.
الذي ينشأ عن استتباب الأمن للأفراد وللجماعات وللأمم، فإن قوامه في الإسلام حفظ التوازن بين أفراد المجتمع بحيث لا يجوز أن تستأثر فئة قليلة من الناس بخيرات المجتمع مما عبرت عنه الآية الكريمة فى سورة الحشر ” كى لا يكون دولة بين الأغنياء” ولأن الإسلام دين الجماعة، ولأن فلسفته في التشريع قد جمعت بين المسئولية الفردية، فقال تعالى “ولا تزر وازرة وزر أخرى” وقال تعالي ” من يعمل سوءا يجز به” وبين المسئولية الاجتماعية والمجتمعية حيث توجه الخطاب إلي الناس والأمة والجماعة في غالب آيات الخطاب بالقرآن الكريم، وفي هذه الفلسفة التشريعية تجاورت وتزاملت الفروض والتكاليف الفردية العينية مع الفروض
والتكاليف الكفائية الجماعية والاجتماعية والمجتمعية وتوجه الخطاب التكليفي إلي الفرد وإلي الجماعة وهى الأمة والناس، ولهذه الحكمة كان الأمن في الإسلام اجتماعيا ومجتمعيا واستحال أن تقف آفاقه عند حدود الفرد، دون الاجتماع الشامل للأفراد ضمن الجماعة، ذلك أن الإنسان كفرد مدني واجتماعي ومجتمعي بطبعه وحكم حاجاته، وأمنه الحقيقي وإن بدأ بدائرته الفردية فإنه لا يستقيم ولا يتحقق ولا يدوم إلا إذا عمت آفاقه الاجتماع والجماعة والعمران، والإنسان مطبوع الافتقار إلي جنسه واستعانته صفة لازمة لطبعه وخلقه قائمة في جوهره، ولذلك فإن صلاح الدنيا يعتبر من وجهين أولهما هو ما ينتظم به أمور جملتها، والثاني هو ما يصلح به حال كل واحد من أهلها.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *